شهد اقتصاد كوريا الجنوبية تحسناً تدريجياً منذ أواخر عام 2012، وفي الربع الثالث من هذه السنة، نما الناتج المحلي الإجمالي بشكل أسرع مقارنة بنموه في النصف الأول من السنة. وارتفع نمو الناتج الإجمالي من 2.3 في المئة في الربع الثالث من عام 2012 إلى 3.3 في المئة في الربع الثالث من هذه السنة، وهو أسرع معدل يشهده البلد خلال سنتين. ودفع هذا النمو السريع أساساً القطاع الاستهلاكي المتين في كوريا الجنوبية والذي يعادل نحو نصف اقتصادها، حيث حافظ القطاع على متانته منذ سنة، واستمر بالنمو السريع في الربع الثالث من العام. ووفق تقرير أصدرته شركة «آسيا للاستثمار»، استعادت الاستثمارات نشاطها لتقفز من معدل نمو 0.3 في المئة على أساس سنوي إلى معدل 5.8 في المئة في الربع الثالث. وكان الحافز المالي أحد الأسباب الرئيسة التي دعمت اقتصاد كوريا الجنوبية خلال الربع الماضي، حيث أعلنت الحكومة في مطلع السنة عن برنامج دعم يبلغ 17.3 تريليون وون (أي 15.4 بليون دولار) لخلق وظائف وتنشيط الاستهلاك. ومع ذلك، فإن اقتصاد كوريا الجنوبية لا يزال ينمو بمعدل أقل مما كان عليه منذ مدى طويل، بسبب الطلب الخارجي الضعيف الذي انعكس على قطاع التصدير لينمو بمعدل 0.2 في المئة فقط في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مقارنةً بمعدل نمو كان 7.2 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وتأثرت كوريا الجنوبية خصوصاً بانكماش التصدير 11 في المئة إلى دول «آسيان». وعلى الجانب الإيجابي، يشير التقرير إلى أن سبب التباطؤ ناتج من مشكلة إحصائية. ففي تشرين الثاني 2012 قفز التصدير إلى دول آسيان بمعدل غير عادي يبلغ 28.8 في المئة على أساس سنوي. ومع أن هذا العام يظهر شبه استقرار في نموه مقارنة بالأشهر الأخرى، إلا أنه يبيّن انكماشاً عندما يقارن بقفزة النمو في تشرين الثاني من العام الماضي. ووفق التقرير، فإن الطلب العالمي بدأ بالتعافي حيث ارتفعت الشحنات خلال تشرين الثاني 2.9 في المئة إلى الولاياتالمتحدة و6.8 في المئة إلى أوروبا و3.7 في المئة إلى الصين. في المقابل، كانت أسوأ بيانات سجلتها كوريا الجنوبية في حجم التصدير إلى اليابان الذي استمر بالانخفاض للشهر العاشر على التوالي، ليتراجع 6.4 في المئة على أساس سنوي. ومع توقع عدم انخفاض الطلب من كل من الصين وأوروبا والولاياتالمتحدة، وعودة الصادرات لحجمها إلى دول آسيان في المدى القريب، ربما يصبح للقطاع الخارجي دور أكثر أهمية في نمو الاقتصاد عام 2014. ووفق تقرير «آسيا للاستثمار» سيشهد القطاع الصناعي في كوريا الجنوبية أيضاً تعافياً العام المقبل ليستجيب الطلب الخارجي وكذلك الطلب المحلي الحيوي. تعافٍ تدريجي ويواصل اقتصاد كوريا الجنوبية تعافيه التدريجي، ما يضع ضغوطاً تضخمية عليه في الوقت ذاته. فمع أن معدل التضخم ارتفع 0.9 في المئة على أساس سنوي في تشرين الثاني الماضي، وهو معدل أقل من المستهدف من المصرف المركزي، فإن هذه الأسعار المنخفضة تدفعها عوامل موقتة مثل الطقس المناسب غير الاعتيادي الذي دعم القطاع الزراعي ليبقي أسعاره بمستوى أقل من المعتاد. وعند استثناء المنتجات الزراعية والمشتقات النفطية الدائمة التقلب، يُلاحظ أن معدل التضخم الأساس نما 1.8 في المئة على أساس سنوي في تشرين الثاني، وهو الأعلى منذ آذار (مارس) 2012. وحالياً، يتخذ البنك المركزي الكوري موقفاً داعماً فقط، ولكن مع توقع زيادة التضخم العام المقبل، سيتوجب عليه البدء في تشديد سياسته المالية وعلى الأرجح خلال النصف الثاني من عام 2014. ويُتوقع أن يحافظ صانعو القرار في كوريا الجنوبية على سعر الفائدة عند مستوى 2.5 في المئة، آخذين في الاعتبار النظرة الإيجابية للإنتاج الصناعي والتصدير. وتبرز التطلعات المستقبلية لكوريا الجنوبية على المدى القصير كإحدى أفضل التطلعات في آسيا والعالم. وفي حال لم يتم الاتفاق على موازنة الدولة للعام 2014، ستكون لذلك تأثيرات سلبية في التطلعات المستقبلية، لأن عدم التوافق على الموازنة سيعني تجميد مشاريع جديدة بقيمة 140 بليون وون، ما يعادل 40 في المئة من إجمالي الصرف، وهي مشاريع تضم برامج لتوظيف 650 ألف من العاطلين من العمل، وللصرف على البنية التحتية الاجتماعية، وعلى البحوث والتطوير. ومخاطر تجميد مثل هذه المشاريع انخفضت في شكل ملحوظ بعد إعادة فتح ملف الموازنة للنقاش مطلع كانون الأول الماضي.