شهد الاقتصاد الكوري الجنوبي تحسنا تدريجيا منذ أواخر العام 2012، وفي الربع الثالث من عام 2013، نما الناتج المحلي الإجمالي بشكل أسرع مقارنة بنموه في النصف الأول من العام. وازداد الناتج المحلي الإجمالي من معدل نمو بلغ 2.3% في الربع الثالث من عام 2012 إلى معدل نمو بلغ 3.3% في الربع الثالث من العام الجاري، وهو أسرع معدل تشهده كوريا الجنوبية خلال عامين، وذلك بحسب الشركة الكويتية الصينية للاستثمار في تحليلها الأسبوع للأسواق الناشئة في آسيا. وأشار التحليل الى أن هذا النمو السريع دفع القطاع الاستهلاكي المتين لكوريا الجنوبية الذي يعادل ما يقارب نصف اقتصادها، حيث حافظ هذا القطاع على متانته منذ عام، واستمر بالنمو السريع في الربع الثالث من العام. أما الاستثمارات، فقد استعادت نشاطها لتقفز من معدل نمو 0.3% على أساس سنوي إلى معدل 5.8% في الربع الثالث من العام. وكان أحد الأسباب الرئيسية التي دعمت اقتصاد كوريا الجنوبية خلال الربع الماضي هو الحافز المالي الذي اعتمدته الدولة، حيث كانت الحكومة قد أعلنت في بداية هذا العام عن برنامج دعم يبلغ 17.3 تريليون وون (أي 15.4 مليار دولار) لخلق الوظائف وتحفيز الاستهلاك. ومع ذلك، فإن اقتصاد كوريا الجنوبية لا يزال ينمو بمعدل أقل من ما كان عليه منذ مدى طويل، وذلك بسبب الطلب الخارجي الضعيف الذي انعكس على قطاع التصدير لينمو بمعدل 0.2% فقط في شهر نوفمبر الماضي، مقارنةً بمعدل نمو كان 7.2% في أكتوبر الماضي. وتأثرت كوريا الجنوبية على وجه الخصوص من انكماش التصدير بنسبة 11% إلى دول «آسيان» (التي تعد دول جنوب شرق آسيا كل من تايلاند وماليزيا وسينغافورة والفلبين وإندونيسيا). وعلى الجانب الإيجابي، يبدو أن سبب التباطؤ ناتج عن مشكلة إحصائية. ففي نوفمبر 2012 قفز حجم التصدير إلى دول آسيان بمعدل غير عادي يبلغ 28.8% على أساس سنوي. لذلك فمع أن حجم التصدير هذا العام إلى دول آسيان يظهر شبه استقرار في نموه مقارنة بالأشهر الأخرى، إلا أنه يبيّن انكماشاً عندما يقارن بقفزة النمو في شهر نوفمبر من العام الماضي. وفي الواقع، يبدو أن الطلب العالمي قد بدأ بالتعافي، حيث ارتفع حجم الشحنات خلال شهر نوفمبر بنسبة 2.9% إلى الولاياتالمتحدة وبنسبة 6.8% إلى أوروبا وبنسبة 3.7% إلى الصين. وفي المقابل، كانت أسوأ بيانات سجلتها كوريا الجنوبية هي في حجم التصدير إلى اليابان الذي استمر بالانخفاض للشهر العاشر على التوالي، ليتراجع بنسبة 6.4% على أساس سنوي. بالتوقعات بعدم انخفاض الطلب من كل من الصين وأوروبا والولاياتالمتحدة، وأيضاً بعودة الصادرات لحجمها إلى دول آسيان في المدى القريب (وربما باستثناء اندونيسيا)، قد يصبح للقطاع الخارجي دور أكثر أهمية يساهم فيها في نمو الاقتصاد خلال عام 2014. ووفقاً لذلك، سيشهد القطاع الصناعي في كوريا الجنوبية أيضاً تعافياً العام القادم ليستجيب للطلب الخارجي وكذلك الطلب المحلي الحيوي. ويواصل اقتصاد كوريا الجنوبية تعافيه التدريجي، وهو ما يضع ضغوطاً تضخمية عليه في الآن ذاته. فمع أن معدل التضخم ارتفع بنسبة 0.9% على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، وهو معدل أقل من المستهدف من قبل البنك المركزي، فإن هذه الأسعار المنخفضة تدفعها عوامل مؤقتة مثل الطقس المناسب غير الاعتيادي الذي دعم القطاع الزراعي ليبقي أسعاره بمستوى أقل من المعتاد. وعندما نستثني المنتجات الزراعية والمشتقات النفطية دائمة التقلب، نرى أن معدل التضخم الأساسي نما بنسبة 1.8% على أساس سنوي في شهر نوفمبر، وهو أعلى معدل نمو منذ شهر مارس من عام 2012. وفي الوقت الحالي، يتخذ البنك المركزي لكوريا الجنوبية موقفاً داعماً فقط، ولكن ومع توقعاتنا بزيادة التضخم العام القادم، سيتوجب على البنك المركزي البدء بتشديد سياسته المالية، وعلى الأرجح في خلال النصف الثاني من عام 2014. ولحينها، من المتوقع أن يحافظ صانعو القرار في كوريا الجنوبية على سعر الفائدة عند مستوى 2.5%، آخذين بالاعتبار النظرة الإيجابية للإنتاج الصناعي والتصدير، تبرز التطلعات المستقبلية لكوريا الجنوبية على المدى القصير كإحدى أفضل التطلعات في آسيا والعالم.