رصدت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تفاوتاً في الآفاق المستقبلية للقطاع المصرفي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتة إلى أن المصارف الخليجية تتمتع بأوضاع مستقرة وبتوقعات إيجابية في مقابل آفاق سلبية لتلك العاملة في لبنان والأردن ومصر وتونس. وميّزت الوكالة في تقرير أصدرته أمس بعنوان «آفاق العام 2014 للمصارف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، وتلقت «الحياة» نسخة منه، في توقعات النظرة المستقبلية بين مصارف خليجية تعمل في بيئة مستقرة ومشجعة، وبين مصارف في بلدان أخرى تعمل في أجواء غير مستقرة سياسياً واجتماعياً، والتي ستنعكس على عمل القطاع المصرفي في هذه الدول. وأشارت «موديز» في تقريرها إلى أن النظرة المستقبلية مستقرة للمصارف في السعودية والكويت وعُمان والإمارات بدعم من الفوائض المالية الكبيرة في هذه البلدان والإنفاق الحكومي، ما سيعزز قدرة المصارف على امتصاص أي خسائر، ويحسّن سيولتها ويدعم أوضاعها المالية. ولفتت إلى أن تصنيفات المصارف الخليجية ستبقى مستقرة خلال 2014، متوقعة تسجيل نمو حقيقي في دول التعاون ما بين ثلاثة وخمسة في المئة، مع بقاء أسعار النفط عند مستويات مريحة. وجاء في التقرير أن «هذه العوامل ستساعد في تكوين فوائض مالية لحكومات المنطقة التي ستستثمرها في الاقتصاد من خلال الإنفاق على البنية التحتية وتعزيز تمويل الشركات». وتبعاً للعوامل المُشار إليها، فإن «موديز» تتوقع نمواً في معدلات التسليف بما يزيد على 10 في المئة في دول الخليج بما يعكس معدلات النمو المرتفعة في القطاعات غير النفطية. كما سيساهم التحسن الذي سيطرأ على الاقتصادات الخليجية في تحسين نوعية الأصول المصرفية وفي خفض نفقاتها ورفع أرباحها، وبالتالي الحفاظ على هوامش مالية مريحة على رغم نمو الطلب على الاقتراض. وتوقعت الوكالة أيضاً أن تواصل المصارف الخليجية استفادتها من ارتفاع الودائع والتمويل الحكومي لتعزيز سيولتها. في المقابل، فإن الصورة تبدو أكثر قتامة للدول الأخرى في الشرق الأوسط، إذ توقعت نظرة سلبية للقطاع المصرفي في لبنان والأردن وفي دول شمال أفريقيا بما فيها مصر وتونس والمغرب، وأشارت إلى عوامل ستضغط على التصنيفات الائتمانية سلباً العام المقبل. واعتبرت أن هذه النظرة المتشائمة ناتجة من تفويت المصارف لفرص أعمال بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة وارتفاع الضغوط على نوعية الأصول بسبب الزيادة في معدلات البطالة وتراجع ثقة المستهلكين والشركات. وتوقعت «موديز» أن تسجل هذه الدول نمواً حقيقياً في الناتج المحلي بما بين اثنين وأربعة في المئة العام المقبل وهو دون المستويات التاريخية، وأدنى من المعدلات المطلوبة لتلبية المطالب الاجتماعية. ولفتت إلى أن ضعف الاقتصادات الأوروبية التي تعتبر شريكا تجارياً أساسياً لهذه الدول سيمثّل عبئاً إضافياً على اقتصاداتها وعلى نشاط الشركات ما سيضعف نمو التسليف. وتوقعت «موديز» أن تواصل حكومات هذه الدول تسجيل عجز في موازناتها ما سيدفع المصارف إلى ردم الهوّة في هذا المجال من خلال تحمّلها أعباء إضافية من الديون السيادية ذات الأخطار المرتفعة، في حين أن الهوامش المالية لن تتيح إمكان تحمّل الصدمات. ونبّهت من أن السيولة المصرفية في هذه الدول ستواجه تحديات، لكنها رأت أن التسليف المستند إلى الودائع المرتفعة ومن تحويلات المغتربين سيبقى نقطة قوة.