في ظل العملية العسكرية المستمرة في مالي، أعلنت فرنسا عزمها على إرسال حوالى 1200 جندي فرنسي إلى جمهورية إفريقيا الوسطى للمساعدة في إحلال الأمن في هذا البلد. أتى الإعلان عن هذا القرار عشية القمة الفرنسية - الأفريقية التي تفتتح اليوم الجمعة في باريس، بمشاركة حوالى 40 من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية. وأوضح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن إرسال القوات الفرنسية سيتم في الأيام المقبلة، «بمجرد أن يتخذ رئيس الجمهورية (فرانسوا هولاند) قراره» بهذا الشأن استناداً إلى القرار الذي اتخذه مجلس الأمن أمس، وصرح لقوات فرنسية وأفريقية باستخدام القوة لحماية المدنيين في أفريقيا الوسطى وفرض حظر للسلاح على البلاد لمدة سنة مع درس سبل إرسال بعثة سلام دولية إلى هذا البلد. ورأى فابيوس أن «هذا التوقيت جيد» نظراً إلى تواجد رؤساء الدول والحكومات الأفريقية في باريس لمناسبة القمة، اضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي. وذكر أن قمة غير رسمية تضم بعض الرؤساء ورؤساء الحكومات الأفارقة ستعقد في اختتام القمة الفرنسية - الإفريقية بعد ظهر غد (السبت) حول الوضع في إفريقيا الوسطى، ما يحمل على الاعتقاد أن هولاند قد يعلن عن قرار إرسال قواته بعد ذلك. وأكد فابيوس أن دور القوات الفرنسية سيكون دوراً داعماً للقوة الدولية لحماية إفريقيا الوسطى، المكونة من 2500 فرد ومن المقرر أن يرتفع عدد أفرادها إلى 3600. ولفت إلى أن هدف العملية هو تجنب «المآسي الإنسانية» التي يمكن أن تحصل نتيجة الفوضى السائدة من إطاحة الرئيس فرانسوا بوزيزي من قبل ائتلاف «سيليكا» المتمرد، والعمل في فترة لاحقة على تسهيل عملية الانتقال الديموقراطي في البلاد. وانتشر حوالى 250 جندياً فرنسياً في بانغي عاصمة إفريقيا الوسطى أمس، عقب أعمال العنف التي شهدتها ليل أول من امس، بهدف حماية السفارات وأماكن تجمع الرعايا الأجانب، كما اعلن الناطق باسم هيئة أركان الجيش الفرنسي جيل جارون الذي أشار إلى أن حوالى 650 جندياً فرنسياً موجودين حالياً في المدينة. وأكد أن الدور الفرنسي «يحظى بتأييد الأسرة الدولية بأكملها» وأن فرنسا لن تكون وحدها وستحظى بمساندة أوروبا التي ستضع دولاً عدة منها طائرات بتصرف القوات الفرنسية، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي رصد 50 مليون يورو لتمويل القوة الدولية لحماية إفريقيا الوسطى وإن الولاياتالمتحدة رصدت ما بين 30 و 40 مليوناً. وأشار الإعلام الفرنسي إلى أن العملية المرتقبة وأطلق عليها اسم «سانغاريس» وهو نوع من أنواع الفراشات، تأتي بعد التدخل الفرنسي في مالي، وتظهر أن هولاند ماضٍ على غرار أسلافه في لعب دور «الشرطي» في القارة الأفريقية. لكن أوساط مطلعة ميزت بين العمليتين، وأكدت أن عملية «سانغاريس» هي مهمة أمنية اكثر منها حربية وأن مدتها ستراوح بين 4 و 5 أشهر. وأضافت الأوساط أن انتشار القوات الفرنسية ينبغي أن يحدث «صدمة رادعة» تساعد على إعادة الأمن إلى العاصمة بانغي وإلى محورين رئيسيين مؤديين إلى كل من تشاد والكاميرون المجاورتين. القمة الإفريقية في غضون ذلك، لفتت مصادر فرنسية مطلعة على أعمال القمة التي تبدأ اليوم تحت عنوان «قمة الأليزيه للسلام والأمن في أفريقيا» وهي الأولى من نوعها في عهد هولاند، تنطلق من الرؤية التي عبر عنها خلال زيارته السنغال في الربيع الماضي وهي الشفافية والتطور الاقتصادي وبالطبع السلام والأمن. وتابعت المصادر أن التدخل في مالي اظهر أن السلام والأمن ينبغي أن يكونا أساس العلاقة الفرنسية - الفريقية لأن مستقبل إفريقيا وتطورها رهن بذلك، ومن هنا كان اختيار عنوان القمة. وأوضحت أن التركيز على السلام والأمن يهدف إلى تمكين أفريقيا من تولي امنها ومواكبتها للتوصل إلى ذلك والتعاون في هذه الأثناء مع المنظمات الإقليمية وأيضاً أوروبا والأمم المتحدة، في إطار قانوني واضح. وتتوزع أعمال القمة التي يفتتحها هولاند في القصر الرئاسي على ثلاث جلسات رئيسية: الأولى عنوانها «السلام والأمن في إفريقيا» والثانية وتعقد صباح السبت وعنوانها «الشراكة الاقتصادية والتطور»، تليها جلسة ثالثة عنوانها «التغيير المناخي» وتختتم القمة بمؤتمر صحافي لهولاند وعدد من ضيوفه.