أحياناً لا تخدم الظروف لاعباً مميزاً، فتراه يغيب تارة قبل أن يستعيد توهجه، لكنه في الحالين يحظى بدعم الجماهير التي تراهن على قيمته، ثمة لاعبون آخرون أقل حظاً يكفيهم الغياب فترة بسيطة بعد عام مميز حتى «تتهشم» علاقتهم بالجماهير! هو أحدهم، نجم يثبت عاماً بعد آخر دوره بصفته لاعباً قادراً على صناعة الفارق، لا يمكن أن نقول إنه الأعلى على صعيد المهارات الفردية لكنه بالتأكيد هداف مرعب. محمد السهلاوي لاعب النصر وصانع أفراحه في مناسبات عدة، يثبت يوماً بعد آخر قيمته بصفته لاعباً قادراً على قلب معادلات فريقه والتوهج متى أتيحت له الفرصة، لكنه لا يحظى في المقابل بما يوازى هذه القيمة سواء على الصعيد الإعلامي أم الجماهيري. السهلاوي الذي غادر القادسية متجهاً إلى النصر قبل خمسة مواسم في صفقة ظلت فترة طويلة توصف بالأبرز في تاريخ الرئيس الحالي للنصر الأمير فيصل بن تركي، حمل عبء الهجوم الأصفر في أسوأ ظروفه، ولا سيما أن وجوده صادف فترة فتور العلاقة بين زميله السابق سعد الحارثي وإدارة الفريق قبل أن ينتقل إلى الغريم الهلال. اليوم يجد السهلاوي نفسه رهيناً لدكة البدلاء في وقت يفضل فيه الخيار الأجنبي على نظيره المحلي، حتى جماهيرياً، لكنه لا يبدو مستاء من ذلك القرار ليكتفي بالرد داخل الملعب بحسم مباريات فريقه. ولأن الكلمات لا تنصف العطاء تبقى الأرقام فيصلاً لا يقبل الجدال، المعادلة الرقمية تقول إن السهلاوي الذي لعب أساسياً في أربع مباريات فقط وفي مثلها بديلاً وغاب عن مباراة، سجل أربعة أهداف ليتقاسم بذلك صدارة هدافي ناديه مع زميله البرازيلي رافييل باستوس الذي سجل الرقم ذاته، بعد أن لعب ثماني مباريات أساسياً، وواحدة بديلاً، من دون أي يغيب عن أية مباراة. لكن الخوض في التفاصيل يمنح المهاجم المحلي قيمة أكبر إذ تقول معادلة ثانية أن السهلاوي سجل أهدافه خلال 433 دقيقة فقط، ما يعني أن معدله التهديفي بلغ تقريباً هدفاً في كل مباراة أو 108 دقائق من اللعب، في المقابل سجل باستوس أهدافه في 621 دقيقة بمعدل هدف في كل مباراة ونصف المباراة تقريباً أو في 155 دقيقة. السهلاوي سجل على مدى خمسة أعوام 45 هدفاً دورياً، كما صنع في الفترة ذاتها 11 هدفاً، ما يعني أنه شارك في شكل مباشر في 56 من أهداف فريقه خلال المواسم الخمسة الماضية. كل الأرقام تؤكد أننا أمام لاعب مميز ورقم ثابت في صناعة الفارق الأصفر، تبقى علاقة الجماهير الباردة باللاعب غير منصفة قياساً إلى ما قدم طوال المواسم الماضية، فهل يردم من خلال نجوميته وانضمامه إلى المنتخب أخيراً، فجوة الشكوك ويعيد العلاقة إلى أوجها؟ أم يبقى الجفاء حاضراً ليردد المهاجم الفذ بيتاً شهيراً من معلقة طرفة بن العبد قال فيه: «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند»؟