تعيش عائلة الداعية الأردني من أصل فلسطيني، عمر محمود عثمان المعروف ب «أبو قتادة» في منطقة رأس العين، في عمان، بعيداً عن رب العائلة الذي أودع في «سجن الموقر» الصحراوي الشديد الحراسة، بعدما رحلته السلطات البريطانية إلى الأردن قبل أربعة شهور، بموجب اتفاق ضمن له محاكمة «عادلة» عن تهم «الإرهاب». وتبدو العائلة «قلقة على مصير» عثمان، بحسب قريبين منه، وتفضل الابتعاد عن وسائل الإعلام، وتتهم السلطات الأردنية ب «خرق» اتفاق التسليم مع بريطانيا. وبدا «أبو قتادة» خلال الفترة الماضية أكثر نشاطاً في التواصل مع التنظيمات الجهادية المختلفة، وقرر التفرغ تماماً لإدارة التيار السلفي الجهادي الأردني من سجنه، وإصدار قرارات تنظيمية، يقول بعض قادة التيار إنها «ملزمة». واطلعت «الحياة» على رسالة مُسربة من داخل «سجن الموقر» (جنوبعمان) كتبها بخط يده وحملت توقيعه، وفق قيادات سلفية، أكد فيها اختياره السلفي الجهادي سعد الحنيطي، ناطقاً باسم التيار الأردني. وجاء في الرسالة المسربة: «اختار الإخوة الدكتور سعد الحنيطي ناطقاً إعلامياً باسم التنظيمات الإسلامية داخل السجون الأردنية الظالمة... عنهم أبو قتادة عمر بن محمود أبو عمر». وأسدى «أبو قتادة» النصح والإرشاد إلى مقاتلي التيارات السلفية الجهادية في سورية. وحصلت «الحياة» على رسالة أخرى بعث بها أخيراً إلى المقاتلين على الأرض السورية، خاطبهم فيها بالقول إن «جهادكم في بلاد الشام ملك للأمة لا ملككم، وكل يوم يتأخر الإخوة في حل خلافاتهم يعني مزيداً من الإثم، وكل دم سيُراق اليوم أو غداً إنما هو من آثار الافتراق». وأضاف: «أحذر إخواني المجاهدين من قادة وجنود الاستماع لما يُصدره البعض من فتاوى عن بعد، يكتبها مبتدئون من طلبة العلم... عليكم تكوين نخبة شرعية محكمة يكون فيها أهل العلم على الوجه الصحيح، ويعطى هؤلاء الصلاحية التامة بإصدار قرارات ملزمة للجميع». وبدا أن «أبو قتادة» يسعى من خلال رسالته هذه، إلى تذليل الخلافات ورأب الصدع بين التنظيمات السلفية المقاتلة، لا سيما الخلافات التي ظهرت إلى العلن، بين ب «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية في العراق والشام». ويتسلل مقاتلون إسلاميون يتبعون التيار السلفي الجهادي في الأردن إلى مدينة درعا، كبرى مدن الجنوب السوري، مجتازين كمائن أقامها الجيش الأردني على طول الحدود. ووصل عدد هؤلاء خلال الفترة الماضية، بحسب زعيم السلفية في جنوبالأردن، محمد الشلبي المعروف ب «أبو سياف» قرابة ألف مقاتل. وقال ل «الحياة» الخبير في شؤون التنظيمات السلفية، حسن أبو هنية، أحد القريبين من «أبو قتادة» لسنوات طويلة، إن وجود هذا الأخير داخل أحد السجون الأردنية «جعله على صلة مباشرة بالتيار الجهادي الأردني، وبالتنظيمات السلفية الأخرى على الأرض السورية». وأضاف أبو هنية، الذي سبق أن انخرط في صفوف التيار الجهادي، قبل أن يتفرغ للبحث والكتابة، أن عثمان «بدأ يؤثر في سلوك أفراد التيار المحتجزين، ويقنعهم بجواز السلام على عناصر الأمن والشرطة، ويشكل مرجعية قوية لا يمكن تجاوزها». واعتبر أن رسالة «أبو قتادة» الخاصة بتكليف الحنيطي التحدث باسم التيار السلفي، «توضح دوره الجديد داخل التنظيم، وأنه بدأ يسحب البساط من تحت أقدام قادة التيار التقليديين». لكن أبو هنية اعتبر أن عثمان «لا يزال يمارس نوعاً من ضبط النفس حيال إرجاء السلطات الأردنية محاكمته، وإصرارها على تحويله على القضاء العسكري». وقال: «إذا ما طالت فترة الاعتقال الخاصة بأبو قتادة، وشابتها خروقات، فإن ذلك قد يدفع الأخير إلى تبني مواقف متشددة، وعندها ستجد السلطات نفسها في مواجهة غضب فروع القاعدة حول العالم، وهي فروع تدين بالولاء المطلق لعثمان، وقد تلجأ إلى استهداف المملكة». وقال وكيل «أبو قتادة» المحامي تيسير ذياب، ل «الحياة» إن السلطات الأردنية ترفض منذ فترة طويلة الإفراج عن موكله بكفالة عدلية وأن استمرار توقيفه «مخالف لشروط الاتفاق بين عمان ولندن، ونص على محاكمته فور وصوله، وإخضاعه لمحاكمة مدنية لا عسكرية».