شنت الحكومة الأردنية خلال الأيام القليلة الماضية حملة اعتقالات واسعة في صفوف التيار السلفي الجهادي القريب من تنظيم «القاعدة»، فيما أصدر القضاء الأردني أحكاماً بالسجن ضد متشددين وصل بعضها الى خمس سنوات، بتهم التسلل إلى سورية للالتحاق ب «جبهة النصرة» التي تقاتل ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقال وزير في الحكومة الأردنية ل «الحياة» إن هناك حملة أمنية مكثفة، هدفها القبض على جهاديين يتبعون التيار السلفي، لمخالفتهم القانون، فيما قال زعيم سلفي أردني بارز ل «الحياة» إن حملة الاعتقالات «واسعة» وشملت مختلف مناطق المملكة، ووصل عدد المحتجزين لدى السلطات قرابة 120 شخصاً، مؤكداً أن عدد الإسلاميين الجهاديين الذين عبروا سورية خلال الأشهر الماضية، وصل إلى ألف مقاتل. وكانت محكمة «أمن الدولة» العسكرية قضت أمس بسجن 5 شبان يتبعون التيار مدة خمس سنوات لكل منهم، بتهمة محاولة التسلل إلى سورية، ما رفع عدد المحكومين بهذه التهمة الى 25 شخصاً. وكانت المحكمة ذاتها أصدرت الأربعاء الماضي حكماً بالسجن سنتين ونصف السنة بحق 6 جهاديين آخرين، حاولوا التسلل إلى سورية نهاية العام الماضي، للالتحاق ب»النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وهذه القضية الرابعة التي تدين بها محكمة أردنية عسكرية أعضاء يتبعون التيار السلفي الجهادي خلال أقل من عام، إذ قضت بسجن متهمين يتبعون التيار لفترات تراوحت بين سنتين ونصف السنة وخمس سنوات. ويعد الثلاثيني «أبو قتادة»، وهو اسم مستعار اختاره للتعريف بنفسه، أحد أبرز أعضاء التيار الذين تمكنوا من خرق الحدود الأردنية-السورية واللحاق بإحدى كتائب «النصرة» الناشطة في أحياء درعا البلد، قبل تعرضه لإصابة خطرة ألزمته العودة إلى الأردن، فغدا مطلوباً لدى جهاز الاستخبارات العامة، ولم يتم إلقاء القبض عليه حتى الآن. ويقول بعد أن تركت الحرب ندوباً كبيرة على وجهه وجسده: «أمضيت فترة طويلة في صفوف المجاهدين. كنت برفقة المئات من الأردن والخليج وكذلك العراق». وأضاف ل «الحياة»: «فقدت إحدى ساقي، بسبب إصابتي من راجمة صواريخ، ولا يزال جسدي يحتفظ بشظايا عجز الأطباء عن إخراجها، وقد تقرر أن أعود إلى الأردن لأتلقى العلاج، وأنا اليوم ملاحق من قبل جهاز الاستخبارات». وحذر زعيم السلفية الجهادية في جنوب الأردن محمد الشلبي المعروف ب «أبو سياف» النظام الأردني من الاستمرار في حملة الاعتقالات في صفوف أنصاره ومؤيديه. وقال «أبو سياف» المقيم في مدينة معان الصحراوية حيث شارك في اشتباكات ضد قوات الأمن العام 2002 «على النظام الأردني في هذه الفترة بالذات أن يترك التيار السلفي وشأنه، وأن لا يفتح على نفسه أبواباً هو بغنى عنها». وأضاف في تصريحات إلى «الحياة»: «المحاكمات الوضعية التي يتعرض لها أنصار التيار وحملة الاعتقالات التي زادت عن 120 خلال الأيام الماضية، لن تفت من عضد التيار الذي يحاكم أمام محكمة أمن الدولة منذ 20 سنة، وصدرت بحقه أحكام قاسية وصلت حد الإعدام». وأمضى «أبو سياف» 10 سنوات وراء القضبان بسبب أنشطة مرتبطة بالسلفيين الجهاديين، بما في ذلك مؤامرة لمهاجمة قوات أميركية داخل الأردن، لكنه لا يكترث فيما يبدو بكونه خاضعاً للمراقبة. ويقول مسؤولون أردنيون إن الجيش وقوات الأمن يبذلان قصارى جهدهما للسيطرة على الحدود بين البلدين، التي يسهل اختراقها وتمتد لمسافة 370 كيلومتراً. وكان وزير الإعلام محمد المومني قال ل «الحياة» إن الأردن لا يسمح بعبور أسلحة أو مقاتلين إلى سورية ولا ينحاز إلى طرف هناك أو يتدخل في شؤونها. واعتبر أن أي سيطرة لجماعات متطرفة على سورية تمثل «مصدر قلق للمنطقة وللأردن».