لم تسفر المحادثات الأميركية - الروسية في جنيف امس، في حضور الموفد الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي، عن تجاوز «عقدتي» مصير الرئيس السوري بشار الأسد ومشاركة إيران في مؤتمر «جنيف 2»، ما أدى إلى عدم الاتفاق على موعد المؤتمر وإجراء مزيد من اللقاءات التشاورية في غضون أسبوعين. وأعلن الابراهيمي أن المحادثات لم تتح «للأسف» تحديد موعد المؤتمر، لكنه أعرب «عن الأمل» بالتوصل إلى عقده «قبل نهاية العام الحالي»، معتبراً أن «عملاً مكثفاً قد أنجز». وأعلن أن اجتماعاً ثلاثياً ثانياً بينه وبين الأميركيين والروس سيعقد في 25 الشهر الحالي، لافتاً إلى أن المسؤولين الأميركيين والروس يواصلون بحث إمكان عقد المؤتمر قبل نهاية العام الجاري. وكان الإبراهيمي أجرى صباح امس محادثات مع نائبي وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وغينادي غاتيلوف ومساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ويندي شيرمان. وأعقب ذلك اجتماع موسع انضم إليه ممثلو الدول الثلاث الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الصين وفرنسا وبريطانيا. وأعلنت الأممالمتحدة أنه تقرر دعوة ممثلين عن اربع دول مجاورة لسورية أيضاً هي العراق والأردن ولبنان وتركيا وممثل عن الجامعة العربية وآخر عن الأممالمتحدة. وبقي مصير الأسد في الفترة الانتقالية نقطة خلاف رئيسية، إذ طرحت مجموعات معارضة رحيله شرطاً مسبقاً للمشاركة. كما شدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري مرة أخرى على ضرورة رحيل الأسد. وأضاف: «لا أعرف كيف يمكن أحداً الاعتقاد أن المعارضة ستبدي موافقة على استمرار الأسد». لكن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أعلن أن نظام الأسد لن يذهب إلى المؤتمر ل «تسليم السلطة»، وهو ما تطالب به المعارضة والدول الداعمة لها. وقال: «سيكون رئيساً لهذه البلاد في جميع الأوقات التي يحلمون ألا يكون رئيساً فيها». ونقطة الخلاف الأخرى بين الروس والأميركيين أيضاً هي مشاركة إيران، إذ كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه تجب دعوتها إلى «جنيف 2». وقال: «كل الذين لديهم تأثير على الوضع يجب أن تتم دعوتهم بالتأكيد إلى المؤتمر. وهذا يشمل كل الدول المجاورة لسورية وكل دول الخليج تقريباً، ليس فقط الدول العربية وإنما إيران أيضاً». ومن المقرر أن يبحث «الائتلاف» السوري المعارض في اجتماع هيئته العامة في إسطنبول يومي السبت والأحد المقبلين، الموقف من المؤتمر الدولي، وتشكيل حكومة موقتة وضم «المجلس الوطني الكردي» إليه. وكان رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا بعث برسالة إلى الأمين العام للجامعة العربية تحدد أسس المشاركة في «جنيف 2» تضمنت إعلان النظام «قبوله أن هدف المؤتمر هو نقل السلطة كاملاً إلى هيئة حكم انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات والسلطات، بما فيها السلطات الرئاسية التي نصّ عليها الدستور السوري، وتشمل أجهزة الجيش والأمن والشرطة والاستخبارات»، واعتماد الأطراف اعلان «جنيف 1»، الذي «يؤكد أن هيئة الحكم الانتقالية هي المصدر الوحيد للشرعية والقانون، وأي انتخابات يجب أن تنظم من قبلها في إطار عملية الانتقال السياسي للسلطة». وتضمنت الرسالة وجوب أن يكون الاتفاق «ملزماً وواجب التنفيذ يصدر بقرار ضامن من مجلس الأمن» مع وجود «إطار زمني محدد لا يتجاوز الربع الأول من العام 2014 لتشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة السلطات والصلاحيات». وجاء في الرسالة: «ليس لبشار الأسد ولا يمكن أن يكون له أي دور في المرحلة الانتقالية، مع استبعاد جميع مسؤولي النظام المتورطين في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتحويلهم إلى الجهات القضائية»، إضافة إلى «انسحاب القوات الأجنبية الغازية، وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني وميليشات حزب الله وأبو الفضل العباس» من سورية. وأضافت: «لا يمكن إيران أن تكون ضالعة في القتل وشريكة في السلام في آن». من جهته، أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى أن طهران قد تستخدم نفوذها لتشجيع المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون في سورية على الانسحاب من هناك. وكان ظريف يرد على سؤال عما إذا كانت إيران مستعدة لاستخدام نفوذها على جماعة «حزب الله» اللبنانية الشيعية التي تحارب إلى جانب قوات الأسد في سورية. وقال ظريف لتلفزيون «فرانس 24» أمس: «إيران مستعدة لمطالبة جميع القوى الأجنبية بالانسحاب من سورية. نحن مستعدون للضغط من أجل انسحاب غير السوريين جميعاً من الأراضي السورية». وفي نيويورك، أبلغت رئيسة لجنة التفتيش عن الأسلحة الكيماوية في سورية سيغرد القاق، أنها ستقر الخطة العملية لتدمير مخزون الأسلحة الكيماوية السورية بحلول منتصف الشهر الجاري، التي ستشمل موازنة اللجنة للأشهر المقبلة حتى نهاية حزيران (يونيو) 2014، «وستحسم الخيارات حول اختيار مواقع تدمير هذه الأسلحة، إما داخل سورية أو خارجها»، وفق ديبلوماسيين في مجلس الأمن. وشددت القاق في إحاطة أمام مجلس الأمن في جلسة مغلقة أمس، على أن «المرحلة المقبلة المتعلقة بتدمير المواد والأسلحة الكيماوية ستكون صعبة ومعقدة تقنياً، وأيضاً في ما يتعلق بأمن خبراء لجنة التفتيش في سورية وسلامتهم». ونقل ديبلوماسيون في مجلس الأمن عن القاق قولها إن «على المجلس أن يدعم تامين التمويل اللازم للجنة التفتيش، بناء على الخطة» التي ستعلن منتصف الشهر الحالي. وأشارت إلى أن لدى «الأممالمتحدة الآن مليوني دولار مخصصة لعمل اللجنة، فيما رصدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لعمل اللجنة عشرة ملايين دولار. لكن مسألة التمويل لا تزال مطلوبة وستتم الإجابة عنها في لاهاي منتصف الشهر الحالي». وأكدت أن تعاون الحكومة السورية جيد حتى الآن «رغم عدم التمكن من زيارة موقعين من أصل 23 موقعاً لأسباب أمنية»، مشيرة إلى عزم اللجنة زيارتهما «في المستقبل». وأكدت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سامنثا باور، أن أي تقدم في ملف الأسلحة الكيماوية لن يلغي حقيقة أن «الأسد لا يمكنه أن يحكم شعبه بعدما استخدم ضده الأسلحة الكيماوية وصواريخ سكود». من جهته، قال السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين، إن مسؤولية التعاون الكامل مع لجنة التفتيش عن الأسلحة الكيماوية «تقع أيضاً على المجموعات المسلحة» في سورية.