أجمعت المواقف السياسية في لبنان على التحذير من تداعيات عدم تشكيل حكومة، لكنها اختلفت في مقاربة الموضوع. وأكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أن «التحدي الكبير اليوم هو أن نوثق لحظة التحولات الحاصلة في المنطقة كي نصوغ قيادة سياسية حكومية جديدة، قادرة على مواجهة هذه التحديات، حتى لا نغرق جميعاً في بحر ما يرسم على مستوى المنطقة». وتوجه خليل إلى «كل الذين راهنوا في السابق وربما ما زالوا يراهنون على أمر ما، أن يبتعدوا عن هذا الأمر، وأن يكفوا عن وضع العراقيل والشروط أمام تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت، على قاعدة تعكس التمثيل الحقيقي للقوى السياسية في لبنان وهو أمر متيسر بعدما نضجت الأمور، وأن يبتعد هذا البعض عن طرح الشعارات السياسية للخروج من حال الطمع ولعبة الأرقام والتوزيع داخل هذه الحكومة». ورأى أن «المطلوب، أن ننظم اختلافنا أو أن ننظم اتفاقنا على الأمور، وهذا أمر يستلزم إطلاق حوار موثوق وليس حواراً موسمياً، وأن نبتعد عن رفع السقوف في مواجهة بعضنا بعضاً». واعتبر أن «الوضع على مستوى المنطقة في أسوأ حالاته لأنه لا يخدم إلا إسرائيل التي توثق كل ما يجري من أجل تصفية القضية الفلسطينية»، مشدداً على «وجوب الاستنفار استثنائياً لكي نرتب أوضاعنا على مستوى الحكومة وعلى مستوى المجلس النيابي تمهيداً لمواكبة الاستحقاقات السياسية المقبلة بما فيها رئاسة الجمهورية». وجدد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد موقف «حزب الله» من «أن المقاومة ستستمر لتنفيذ مهماتها، ما ينبغي أن يكون واضحاً حتى لا يكون شرطاً لأحد ندعوه إلى المشاركة في الحكومة فيشترط علينا في الوقت الذي ليس هو في موقع من يفرض الشروط». ولفت إلى أن «ما خطاه حزب الله كان حاجة وضرورة للدفاع عن لبنان بكل مكوناته حتى لا يطلق الرصاص على الفانات عشوائياً في الطرق، وحتى لا تنبش القلوب من الصدور في كل المناطق، وحتى لا يذبح المواطن ذبحاً وهو يسمع صرخات التكبير ممن لا يعرفون موقع القبلة». وجدد رعد مخاطبة فريق 14 آذار بالقول: «نمد أيدينا لننتشلك من المأزق الذي أوقعت نفسك به حين نقبل بك أن تكون شريكاً في الحكومة، فهم يحاولون أن (يشوشوا) علينا بنقيق هنا أو ببعض ممارسات شاذة ترتد عليهم سلباً هناك». وسأل: «هل تريدون للبنان نموذجاً في التعايش نشهد صوره ومشاهده اليومية في ما يحدث في طرابلس والشمال»، معتبراً أنهم «رفعوا شعار العبور إلى الدولة فيما لم يبقوا شيئاً من مؤسسات الدولة، حتى مؤسسة الجيش الباقية بدأوا بالهجوم عليها». وقال: «ندعوكم إلى ملاقاتنا في حكومة تأخذون فيها حجمكم ويأخذ كل طرف حجمه، أما أن تواصلوا نهجكم في التعاطي مع المقاومة من موقع الرافض للمقاومة ولإنجازاتها فنلفت انتباهكم إلى أنه لولا المقاومة لما بقي واحد منكم يحق له الكلام». في المقابل، رأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية جمال الجراح «أن صيغة 6+ 9+ 9 هي ترسيخ لمنطق التعطيل»، وقال: «نحن نشكل حكومات، وقدرة التعطيل عند أي فريق جاهزة عند أول خلاف سياسي. إنها مسألة غير دستورية، وهناك تجارب كثيرة في هذا المجال». وأشار الجراح إلى أن «الجلسة المرتقبة» بين «تيار المستقبل» و «التيار الوطني الحر» (بعد غد الخميس) هي «الأولى بعد انفصال طويل، وهي جلسة لاستكشاف القضايا الوطنية، وإعادة التواصل، وذلك انطلاقاً من حرص الطرفين على إيجاد أمور مشتركة للخروج بها». ونبه عضو الكتلة المذكورة عمار حوري إلى أن «الفتنة تحوم في أكثر من مكان في لبنان، والأسباب أصبحت متراكمة»، مستدركاً بالقول إن «ما يطمئن هو إجماع القيادات السياسية والمرجعيات الروحية والمحلية على رفض الفتنة». وأكد حوري أن «ملوك التعطيل هم فريق 8 آذار، ويحاولون أن يوجهوا الاتهامات بالتعطيل لفريقنا السياسي، ولكن هذا الأسلوب لم يعد ينطلي على أحد». ماروني: للجميل مبادرة انقاذية وتمسك عضو كتلة «الكتائب» النيابية إيلي ماروني بإصرار الحزب على تشكيل حكومة جامعة قادرة على مواكبة المرحلة الحالية على كل الصعد. وأوضح أن «ما يهم حزب الكتائب مضمون العمل الحكومي وبيان الحكومة وما إذا كان سيتم اعتماد بيان بعبدا»، معتبراً أن «الأساس للموافقة على الحكومة أو لا هو البيان الوزاري وانسحاب حزب الله من سورية وعدم إغراق لبنان في الحرب السورية»، لكنه تحفظ عن صيغة الثلثين المعطلين في صيغة 9-9-6. وعن الانتخابات الرئاسية، أشار إلى «سعي الكتائب لأن تكون الانتخابات في موعدها، فذلك يحفظ سيادة لبنان واستقلاله». وأعلن «عدم وجود موانع أمام تبوؤ الرئيس أمين الجميل سدة الرئاسة مجدداً، وهو سيطلق مبادرة إنقاذية في عيد حزب الكتائب في 24 تشرين الثاني المقبل». أسف حزب «الكتائب» لأن «يحل مؤتمر جنيف - 2، ولبنان لا يزال يفتش عن حكومة ضائعة بين الحسابات والأرقام السياسية»، معلناً أنه لا يرى «خروجاً من الوضع الراهن، إلا من خلال احترام النص الدستوري وتشكيل حكومة تأخذ على عاتقها إنقاذ لبنان من كل الأخطار المحدقة به». وناشد الحزب في بيان بعد اجتماع مكتبه السياسي أمس، رئيس الجمهورية ميشال سليمان «العمل على تأمين حضور لبناني رفيع في المؤتمر الدولي، مزوداً بموقف واحد لا لبس فيه، على أن يكون الملف اللبناني مكتملاً في كل النواحي التي تشكل مصدر عناء للبنان نتيجة الأزمة السورية». ولفت إلى «أهمية الخروج من الدوامة التي تحكم طرابلس من خلال وضع حد لكل الحالات الشاذة وبدء حملة واسعة تهدف إلى إلغاء كل سلاح خاص، وتنفيذ مذكرات التوقيف بحق الضالعين في الأحداث».