عاشت القاهرة أمس جمعة هي الأكثر هدوءاً منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في مطلع تموز (يوليو) الماضي، بعدما قرر «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان المسلمين» تجنب التظاهر في ميدان التحرير بعدما كان دعا أنصاره إلى الحشد فيه رغم تحفز السلطات الأمنية لمنعهم من دخوله. وخرجت أمس مسيرات محدودة لأنصار مرسي من مساجد عدة في القاهرةوالجيزة ومحافظات مختلفة. ورغم أن بعضها شهد مواجهات محدودة مع قوات الشرطة، إلا أنها كانت الأقل عنفاً مقارنة بتظاهرات الجمع المتتالية التي دأب أنصار مرسي على تنظيمها. ووقعت اشتباكات محدودة في محافظات الإسكندرية والشرقية ودمياط. ونظم أنصار مرسي مسيرات خرجت من مساجد عدة، أشهرها «العزيز بالله» في الزيتون و «السلام» و «الإيمان» في مدينة نصر و «الاستقامة» و «خاتم المرسلين» في الجيزة و «المراغي» في حلوان. وكانت قوات الجيش أغلقت محيط ميادين التحرير ومصطفى محمود وسفنكس والنهضة ورابعة العدوية في مختلف مناطق القاهرة، كما أغلقت شوارع عدة مؤدية إلى قصر الاتحادية الرئاسي، فيما شوهدت تعزيزات من قوات الجيش قرب وزارة الدفاع في حي كوبري القبة من دون إغلاق الطرق المؤدية إليها. وتجنبت مسيرات «الإخوان» التوجه صوب مناطق تكررت فيها الاشتباكات مع قوات الشرطة أو الجيش، نزولاً على دعوة ل «تحالف دعم الشرعية» بعدم التظاهر فيها. ولم تتحرك أي مسيرات صوب ميدان التحرير أو قصر الاتحادية أو وزارة الدفاع. ودعا التحالف في بيان أصدره بعد ساعات من مطالبته بالحشد في التحرير إلى «وقفات احتجاجية تتجنب أماكن إراقة المزيد من الدماء»، كما دعا إلى «تأدية صلاة عيد الأضحى المبارك في الميادين والساحات والإكثار من الدعاء» من دون دعوة إلى التظاهر في العيد. وقال التحالف إنه «استجاب إلى دعوات شباب الأمة بالتوجه إلى ميدان التحرير في السادس من تشرين الأول (أكتوبر)، كما استجاب إلى دعوات الشباب لتكرار الذهاب إلى الميدان، إلا أنه استجاب أيضاً لمناشدات كثيرين من أبناء الأمة المخلصين والعديد من المفكرين والقوى السياسية بتجنب الميادين التي تؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء تأكيداً لسلمية الفعاليات خصوصاً أن النظام الانقلابي (الحكم الموقت) يسفك الدماء من دون احترام للقانون أو الأعراف أو القيم». وطلب من أنصاره «تجنب أماكن إراقة مزيد من الدماء سواء في ميدان التحرير أو غيره»، لكنه أكد «حق المصريين في التظاهر في ميادين التحرير ورابعة والنهضة في أسابيع مقبلة». وأطلقت قوات الجيش الرصاص في الهواء على مشارف ميدان «رابعة العدوية» لمنع متظاهرين من التقدم صوبه، ما دفعهم إلى التراجع سريعاً من دون أي مواجهات مع قوات الجيش التي طوقت الميدان. وتجمع مئات من أنصار مرسي أمام قصر القبة الرئاسي الذي يفصله عن وزارة الدفاع جسر للمشاة، ورفعوا صوراً لمرسي وإشارات «رابعة»، وهتفوا تأييداً للرئيس المعزول، واعتلى عدد منهم أسوار القصر وأطلقوا الشماريخ في الهواء. ولم تُسجل أي مواجهات مع قوات الشرطة التي توارت خلف بوابات القصر الكبيرة. لكن مئات من أنصار «الإخوان» قطعوا شارع عباس العقاد في حي مدينة نصر، ودخلوا في مواجهات مع أصحاب متاجر وأهالٍ، استدعت تدخل الشرطة، التي أطلقت قنابل الغاز لتفريق تظاهرات «الإخوان»، وألقت القبض على عدد منهم. وذكرت مصادر إعلامية تابعة لجماعة «الإخوان» أن شاباً يُدعى بلال علي سقط قتيلاً في تلك المواجهات. ونظم «الإخوان» مسيرات في الجيزة اتجهت صوب شارع الهرم، وتجنبت ميدان النهضة الذي أغلقته قوات الشرطة والجيش، خشية وقوع مصادمات بين الجانبين. وسجلت وزارة الداخلية في بيان أمس هدوء الحالة الأمنية في شتى محافظات الجمهورية. وقالت إن «المسيرات المحدودة التي شهدتها بعض المحافظات ورصدتها الأجهزة الأمنية المعنية لم تشهد أي تداعيات عدا في محافظتي الإسكندريةودمياط». وكانت مواجهات نشبت بين مؤيدي مرسي ومعارضيه في حي سيدي بشر في محافظة الإسكندرية، بعدما هتف متظاهرون من أنصار مرسي ضد الجيش، وهتف معارضوه تأييداً لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ما أدى إلى مواجهات بين الجانبين تطورت إلى التراشق بالحجارة، فتدخلت قوات الشرطة التي أطلقت قنابل الغاز لتفريق المتظاهرين وألقت القبض على عدد من أنصار «الإخوان». وخلت ساحة مسجد القائد إبراهيم في المدينة من تظاهرات «الإخوان»، وتجمع فيها عشرات من مؤيدي الجيش حاملين صوراً للسيسي. وتكرر مشهد الاشتباكات بين أنصار مرسي ومعارضيه في مدينتي دمياط والزقازيق، وتدخلت الشرطة وفصلت بين الطرفين وألقت القبض على عدد من متظاهري «الإخوان». وأصيب أحد أنصار مرسي بطلق ناري في دمياط. وفي سيناء، قال مصدر أمني ل «الحياة» إن ضابطاً في الجيش و6 جنود في مدينة رفح الحدودية جرحوا بانفجار عبوة ناسفة زرعت في طريق مدرعتهم في حي البرازيل. وفي وقت لم يؤكد المصدر حدوث انفجارات أخرى، قالت مصادر أمنية وطبية وشهود عيان (أ ف ب) إن 6 انفجارات استهدفت أمس مدرعات تابعة للجيش في رفح. وأوضحت المصادر أن «ضابطاً في الجيش و6 جنود جُرحوا بانفجار عبوة ناسفة في مدرعة للجيش أثناء مهمة لها في منطقة الأنفاق في رفح». وقال شهود عيان إن «الانفجارات حدثت في وقت كانت هناك حملة عسكرية في المدينة». وأكد شاهد آخر أنه رأى «أربعة جنود جرحى على الأقل يتم نقلهم بواسطة سيارات الإسعاف». من جهة أخرى، قُتل ما لا يقل عن 10 أفراد غالبيتهم سوريون عندما غرق قارب قبالة سواحل الإسكندرية يقلهم وعشرات آخرين في رحلة هجرة غير مشروعة إلى أوروبا. وقال مدير أمن الاسكندرية اللواء أمين عز الدين إن القارب كان يُقل أكثر من 100 شخص نجت غالبيتهم، فيما انتشلت قوات الإنقاذ 11 جثة، غالبيتها لسوريين كانوا ينوون الهجرة خارج البلاد عن طريق بعض سماسرة الهجرة غير المشروعة في الإسكندرية.