رسخت تظاهرات «جمعة الحسم» التي نظمتها جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها في مصر أمس، فشل أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في الحشد الشعبي للجمعة الثانية على التوالي. وترافقت هذه التظاهرات مع اشتباكات في عشرات المناطق على مستوى البلاد بين الأهالي وأنصار «الإخوان» والتصدي لها، سقط فيها قتلى في مدينتي بورسعيد والزقازيق، وجرحى في غالبية المحافظات، فيما تدخلت الشرطة في حالات محدودة، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع للفصل بين الطرفين أو لفض التظاهرات، وألقت القبض على عشرات المتظاهرين. ولم تشهد تظاهرات أمس في مصر حشوداً كبيرة، إلا في محافظتي القاهرة والإسكندرية اللتين قُدر أعداد المتظاهرين فيهما بالآلاف، فيما اعتمد «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي على تنظيم مسيرات صغيرة ضمت المئات خرجوا من مساجد عدة وسعوا إلى التجمع في ميادين مشهورة، لكن الإجراءات الأمنية الواسعة التي فرضتها قوات الشرطة والجيش منعتهم من تحقيق غرضهم. ووقعت اشتباكات دامية بين أنصار مرسي وأهالٍ في مناطق عدة في القاهرة ومحافظات مختلفة، كان أعنفها في بورسعيد، التي سقط فيها قتيل واحد على الأقل، والزقازيق التي سقط فيها أيضاً قتيل واحد على الأقل، والإسكندرية التي تحولت منطقة سيدي جابر فيها إلى ما يشبه ساحة لحرب شوارع، وسقط في مدينة طنطا في محافظة الغربية عشرات المصابين. وبعد صلاة الجمعة، خرجت مسيرات محدودة ل «الإخوان» من مساجد عدة في القاهرة والجيزة، وسط إجراءات أمنية مشددة حالت دون تجمع هذه المسيرات في تظاهرة واحدة، فيما هجم أهالٍ بالحجارة على تظاهرات أخرى أمام مساجد عدة وفضوها سريعاً. وشهد حي مدينة نصر (شرق القاهرة) التجمع الأكبر لأنصار مرسي، الذين نظموا مسيرة ضمت بضعة آلاف، بعدما التقت الحشود المنطلقة من مساجد عدة، لتطوف شوارع الحي، فيما منعت قوات الشرطة وصول المتظاهرين إلى ميدان «رابعة العدوية». وتوجهت مسيرة صوب محيط قصر الاتحادية الرئاسي في حي مصر الجديدة، لكن قوات من الجيش والشرطة كانت طوقته من كل الاتجاهات ومنعت أي تظاهرات من الاقتراب من محيطه من على مسافة بعيدة. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على حشد ضم آلاف من أنصار مرسي سعى إلى الوصول إلى ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين، وفرّقته بعدما طاردت المتظاهرين في شوارع جانبية. وبدا المشهد أكثر عنفاً في المحافظات، إذ اندلعت اشتباكات دامية بين الأهالي و «الإخوان» في مدن بورسعيد والزقازيق في محافظة الشرقيةوطنطا في الغربية والإسكندرية، التي تحول ميدان «سيدي جابر» فيها إلى ساحة للكر والفر بين أنصار مرسي ومعارضيه، ودمنهور في محافظة البحيرة وبنها في محافظة القليوبية والمنصورة في الدقهلية ودمياط. وفرقت قوات الشرطة تظاهرة في مدينة أسيوطجنوب مصر، بعدما اقتربت من قسم للشرطة التي أطلق عناصرها قنابل الغاز لتفريق الحشود. وقتل مسلحون شرطياً ومواطناً بعدما أطلقوا وابلاً من الطلقات النارية صوب نقطة شرطة «النزهة الجديدة» في شرق القاهرة. وأهابت رئاسة الوزراء بالمشاركين في المسيرات «التحلي بالسلمية ورفع قيم الوحدة الوطنية واحترام حالة الطوارئ وعدم الخروج عليها». وقال رئيس الوزراء حازم الببلاوي إن «الحكومة والقوات المسلحة والشرطة والشعب يقفون جميعاً يداً واحدة في مواجهة أي مخططات تستهدف وحدة البلاد وأمنها. وسيتم التصدي للعناصر الإرهابية والخارجة عن القانون»، معرباً عن أسفه ل «خروج البعض عن السلمية ما أدى لإراقة الدم المصري». في غضون ذلك، غادرت القاهرة أمس السفيرة الأميركية آن باترسون، بعد انتهاء فترة عملها التي استمرت 26 شهراً. وأثارت باترسون موجة من الجدل ومطالب بطردها من مصر، على خلفية اتهامات بدعم «الإخوان».