استبقت المنسقة العليا للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون محادثات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع نظرائه في الدول الست في نيويورك أمس، بإعلانها أن الاجتماع عبارة عن «مناقشة قصيرة» تمهيداً للقائها الوزير في جنيف خلال تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، لإعادة إطلاق المفاوضات في شأن البرنامج النووي الإيراني، الأولى في عهد الرئيس الجديد حسن روحاني. ويكتسب لقاء ايران ودول «5+1» (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) أهمية رمزية، كونها المرة الأولى منذ نحو ثلاثين سنة التي يلتقي فيها وزيرا خارجية الولاياتالمتحدةوإيران وجهاً لوجه، باستثناء لقاء مقتضب جمع بين الجانبين في مايو (أيار) 2007. وفي خطوة لا تخلو من مغزى، استبق روحاني اللقاء بالمطالبة بانضمام إسرائيل إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، وذلك خلال جلسة في نيويورك خُصصت لمناقشة الحظر النووي، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال الرئيس الإيراني: «يجب وضع اتفاق حظر للأسلحة الكيماوية والنووية في أنحاء العالم ... وأن تكون دول الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل خالية من الأسلحة النووية». وسعت طهران إلى وضع محادثاتها المتعثرة مع المجتمع الدولي علي سكة جديدة، وذلك استناداً إلى التصورات التي شرحها ظريف لآشتون. وقال عباس عرقجي معاون وزير الخارجية الإيراني: «لا نرغب في اجتماع استعراضي مع المجموعة السداسية في نيويورك، بمقدار ما نسعى لأن يكون ذا محتوى وأن نتمكن من التوصل إلى إطار واضح للتعاون والحوار». وأعرب عرقجي وهو أحد أعضاء الوفد المفاوض في الملف النووي، عن أمله بوضع إطار عام للمفاوضات لتحقيق الأهداف المشتركة والسير في إطار اقتراح «الخطوة خطوة» (الروسي)، مؤكداً أن «هذا الطريق معقد بسبب وجود خلافات كثيرة «. وأبلغت مصادر إيرانية مطلعة «الحياة» أن الجانب الأميركي يريد من طهران أجوبة عن أسئلة طرحتها المجموعة الغربية في آخر اجتماع بين الجانبين في ألما آتا أوائل نيسان (أبريل) الماضي، إضافة إلى اختبار مدى جدية الجانب الإيراني في تعاطيه مع هذا الملف. في المقابل، تسعى طهران إلى مراقبة نهج كيري وتحديد هل يتّبع سلوكاً جديداً ينمّ عن رغبة أميركية في طيّ الملف النووي استناداً إلى المصالح المشتركة وفي إطار زمني محدد. وشارك في اجتماع نيويورك أمس، إلى جانب كيري وظريف، وزراء خارجية بريطانيا وليام هيغ وفرنسا لوران فابيوس وألمانيا غيدو فسترفيليه وروسيا سيرغي لافروف والصين وانغ يي الذي التقى كيري، وشددا على أهمية أن ترد إيران «في شكل إيجابي» على العرض المطروح على الطاولة. وأكدت مصادر إيرانية مطلعة أن ظريف نال موافقة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي لعقد اللقاء المباشر مع كيري من أجل معرفة التصورات الأميركية وما إذا كان هناك تغيير في سلوك واشنطن، لوضع تصور لإدارة المرحلة المقبلة. وأشارت المصادر إلى أن ظريف طرح خلال اجتماع أمس، تصورات بلاده حول سير المفاوضات واستنادها إلى جدول زمني محدد، وأن تكون علي مستوى وزراء خارجية، إضافة إلى الاعتراف بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية. كما شدد على ضرورة إلغاء العقوبات الأحادية المفروضة علي طهران، والعمل لإعادة الملف النووي من مجلس الأمن إلى أروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في المقابل، تعلن إيران استعدادها لتبديد قلق الأسرة الدولية من تخصيب اليورانيوم ولدرس المشاكل التي تعترض التوصل إلى حل. وكان ظريف أعلن قبل الاجتماع أمس، أن إيران منفتحة على لقاءات على أعلى مستوى مع الولاياتالمتحدة. وزاد أن «عقد لقاء ليس هدفاً بذاته ولا من المحرّمات، كان يمكن أن يكون ذلك بداية جيدة. ولم تكن للرئيس روحاني مشكلة حول مبدأ» اللقاء مع الرئيس باراك أوباما. وأوضح أن «الحكومة الأميركية عبّرت عشية الجمعية العامة عن رغبتها في مثل هذا اللقاء ولكن «لم يتوافر ما يكفي من الوقت لتنظيمه». والتقى ظريف الأربعاء، نظيره الفرنسي وعبّر عن أمله بأن يمثل اجتماعه مع الوزراء الستة بداية مفاوضات لإنهاء الخلاف المستمر منذ عشر سنين.