صراع مع الألم، وبحث عن العلاج امتد أكثر من ستة أعوام من دون جدوى، رحلة علاجية استغرقت أعواماً، وأطباء تناوبوا في تقديم العلاج واحداً تلو آخر والنتيجة واحدة «لم تنجح الجراحة». ألم المرض قابله ألم نفسي محمل بخيبات أمل في إيجاد العلاج. ما سلف هو ملخص للأعوام الأخيرة من حياة مليئة بالمنغصات عاشها «أبو ناصر» (59 عاماً) بعد تعرضه إلى حادثة مرورية شنيعة كادت تفقده حياته. أبوناصر كشف عن معاناته مع الأطباء والاستشاريين خلال إجراء الجراحة. ويقول: «أعاني من كسر في عظمة الساق اليسرى منذ أكثر من ستة أعوام، وتضاعف الكسر بعد أن أجريت خمس جراحات سابقة، تنقلت فيها بين أكثر من طبيب ومستشفى داخل المملكة، كلها باءت بالفشل»، مشيراً إلى أن كلفة الجراحات تجاوزت ال70 ألف ريال. ويوضح أبوناصر: «الكسر الذي أصابني لم يكن مضاعفاً كما هو عليه الآن، بيد أن الأخطاء الطبية في إجراء الجراحة كانت السبب في تفاقم الكسر». ويتابع: «جميع الأطباء الذين تعاملت معهم لإجراء الجراحة كانوا يؤكدون لي نجاحها، بيد أن الجراحة لا تستمر طويلاً حتى تثبت فشلها ويعاودني الألم مجدداً». الألم الجسدي ليس وحده ما يؤرق الأرمل، الذي توفيت زوجته منذ أكثر من 13 عاماً، إذ قضى حياته من دون وظيفة حكومية تشعره مع أبنائه بالاستقرار والأمان المعيشي. ويلفت أبوناصر إلى أنه كان يعول أسرته من خلال «تاكسي»: «كنت أعمل وأوصل الزبائن داخل الرياض، وإن ابتعدت فإلى القرى والمحافظات القريبة منها»، موضحاً: «لم تكن حياتي مثالية، ولكن على الأقل لم أكن محتاجاً إلى أحد». وفاة زوجته تركت أثراً كبيراً في حياته، «هي من كان يدعمني ويخفف عليّ الهم والتعب، افتقدتها كثيراً وزاد الحمل عليّ أضعافاً مضاعفة، خصوصاً أن أبنائي كانوا صغاراً». ويعيش أبوناصر في شقة مستأجرة صغيرة مع أبنائه الثلاثة، «أكبرهم عاطل منذ عامين، وأخواه ما زالا يدرسان»، مؤكداً: «بعد أن أصبحت طريح الفراش ومع ضغط الديون اضطررت إلى بيع التاكسي». ولا يخفي أبوناصر أنه اضطر إلى قبول مساعدات من بعض فاعلي الخير تحت وطأة الحاجة، خصوصاً بعد تعرضه إلى الحادثة، «كان أبنائي صغاراً، وكنت في المستشفى، كانوا ينامون عند أحد الجيران، واستمر هذا الوضع أربعة أشهر حتى خرجت من المستشفى». ويستطرد: «عندما عدت إلى شقتي بدأت المعاناة الحقيقية، كانت الشقة خالية من كل شيء وأطفالي ينقصهم الكثير، عالجت الأمور بالاقتراض في البداية، وبعدها اضطررت إلى قبول الصدقات والزكاة من المحسنين، حتى صاحب العمارة لم يخرجني عندما علم بظروفي». ويكشف: «مرت علينا أيام لا نأكل إلا مما يصلنا من بعض الجيران وفاعلي الخير، لم أكن أريد ذلك ولكن كان همي الأكبر هو ألا يؤثر أي شيء في التحصيل الدراسي لأبنائي، وقد وفقت ولله الحمد في ذلك». مشيراً إلى أنه يتسلم حالياً مساعدة من الضمان الاجتماعي، ولكنها لا تفي بكل الحاجات الضرورية لأبنائه. ويتمنى أبوناصر من المسؤولين في هذه البلاد المباركة وفاعلي الخير مساعدة أبنائه حتى يحظوا بحياة كريمة، «لا أريد أن يتعرض أبنائي إلى ما تعرضت له، أريد أن يحظى ابني ناصر بوظيفة تساعده في بناء مستقبله ومساعدة أخويه حتى يحصلا على فرصة للعيش بكرامة».