بنبرة صوت يملأها الخوف من المستقبل، ودموع ظلت حبيسة الجفون، عبّر أبو محمد الذي يسكن شقة صغيرة بالإيجار في أحد الأحياء القديمة في الدمام عن معاناته في مواجهة حياته غير المستقرة والمملوءة بالبؤس والحزن. ويقول أبو محمد: «فقدت قدمي اليمنى قبل أكثر من 15 عاماً، وحينها لم أكن بلغت ال20 من العمر جراء حادثة مرورية، ومنذ ذلك الوقت وأنا صديق دائم للأطباء والمستشفيات، بحثاً عن العلاج، إذ إن العمود الفقري أصيب برضوض تتراوح بين الخطيرة والمتوسطة»، موضحاً أن تلك الرضوض لم تعقه عن الحركة، ولكنه يشعر بآلام حادة تحرمه النوم ولم تجد معها الأدوية نفعاً طوال تلك السنوات. ويضيف: «ترددت كثيراً على المستشفيات المتخصصة، إلا أني لم أعثر على علاج، على رغم أنني أنفقت الكثير، ووقعت أسيراً للديون سواء من المصارف أم من الأصدقاء والأقارب». ويضيف: «أمام هذه المشكلة التي اعترضت طريقي مبكراً، لم يكن لديّ حل سوى استخدام العكاز، إلا أنني - ولله الحمد - تزوجت ولدي الآن أربعة أطفال، واستطعت بمساعدة أهل الخير الحصول على وظيفة على رغم أن شهادتي متواضعة، إذ لم أستطع إكمال دراستي بسبب ظروفي الصحية»، مستدركاً: «ما يشغل بالي حالياً هو إيجاد علاج دائم وليس موقت لآلام الظهر التي لا تنفك عني إلا بضعة أيام في الشهر، إضافة إلى التخلص من الديون التي تجاوزت نصف مليون ريال». ويلفت أبو محمد إلى أن الديون تجلب الكثير من المشكلات، «أوقفت مرات عدة لدى الجهات الرسمية، وفي بعض الأحيان يكون ذلك متزامناً مع ما أشعر به من آلام، ولكم أن تتخيلوا رب أسرة برجل واحدة وآلام لا تحتمل في السجن»، مشيراً إلى أنه يشعر بالهوان بسبب ما تعرض له في حياته من مآسٍ. ويستطرد: «أريد أن أرتاح، ولو خيرت بين سداد الدين وعلاج ظهري لاخترت أن أسدد ديني، خصوصاً بعد أن رأيت الآثار السلبية لذلك على زوجتي وأبنائي، من ناحية التعليم والمسكن والملبس». ويشير أبو محمد إلى أنه فضل العزلة عن الأقارب والأصدقاء، إلا ما ندر، «اقترضت من معظم من أعرفه، ومع أن الكثيرين منهم لم يطالبوني بالسداد، إلا أنني أعيش وضعاً حرجاً للغاية، حتى إنني أسكن بيتاً مستأجراً بمبلغ سنوي يبلغ 14 ألف ريال، ومنذ خمسة أعوام لم أدفع لصاحب الشقة وهو لم يطالبني بشيء، وهذا ما يزيد في معاناتي، إذ أشعر أن الآخرين يتعاملون معي بعطف، كما لو كنت معوقاً». ويتمنى أبو محمد من المسؤولين في هذه البلاد المباركة والقائمين على الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير مد يد العون له وأسرته ومساعدتهم للتغلب على الظروف المأسوية التي تضغط على حاضرهم وتهدد مستقبلهم.