خطت مصر أمس أولى خطوات صياغة التعديلات على الدستور الذي عطله الجيش موقتاً عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي تمهيداً لعرضه على الاستفتاء الشعبي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فيما أحال النائب العام المصري مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع و14 آخرين من قيادات الجماعة على محكمة الجنايات بعدما نسب إليهم تهم «التحريض على العنف والقتل»، بالتزامن مع بدء جهاز الكسب غير المشروع في تحقيقات حول ثروة الرئيس المعزول وعائلته. وكانت لجنة «الحوار المجتمعي» التي تضم 50 عضواً أوكل لهم الصياغة النهائية لتعديل دستور 2012 خلال شهرين، بدأت أعمالها أمس بجلسة إجرائية، غاب عنها ممثل حزب النور السلفي الذي حسم موقفه أمس بالمشاركة في أعمال اللجنة «استشعاراً للمسؤولية ولدقة المرحلة التي تمر بها البلاد». وانتخب أعضاء اللجنة خلال جلسة أمس التي ترأسها الدكتور عبدالجليل مصطفى باعتباره أكبر الأعضاء سناً، المرشح الرئاسي السابق عمرو موسي رئيساً للجنة، بعد منافسة مع نقيب المحامين سامح عاشور، كما اختارت جراح القلب العالمي مجدي يعقوب والقيادي السابق في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان كمال الهلباوي إضافة إلى المحامية منى ذو الفقار نواباً للرئيس، وأستاذ القانون الدستوري جابر نصار مقرراً عاماً للجنة كما تم اختيار رئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي متحدثاً باسم اللجنة. وقال موسى في كلمة له بعد انتخابه «إننا جميعاً في خدمة مصر ونتحرك نحو المسار الديموقراطي. وأشعر بثقل المسؤولية مقدراً لمختلف احتمالات الوضع في البلد. والأمل يحدونا جميعاً في ظل هذه الكفاءات نحو إصدار دستور رصين نتوافق عليه»، وتعهد ب «صيغة جديدة لدستور يؤكد التعددية واحترام حقوق الإنسان وتكريس الفصل بين السلطات ويأخذ في الاعتبار مصالح الشعب ومستقبل مصر»، كما وعد ب «الالتزام بالعمل الجاد واحترام كرامة الإنسان التي هي من كرامة البلد كلها»، وشدد على حرية العقيدة والبحث العلمي والإبداع العلمي والفني حتى تستعيد مصر سابق عهدها. وأكد موسى الذي فاز ب 30 صوتاً مقابل 16 صوتاً لمنافسة عاشور، أن «الدولة الحديثة قاعدتها المبادئ الدستورية والقانون هو لحمتها وحماية مصالح الشعب هي هدفها». وقال إن «اللجنة ستعمل على صياغة دستور يعيد لمصر ريادتها على أسس مستقلة تقوم على المساواة بين المواطنين لأجل مصر واحدة وموحدة جزء من الأمة العربية والإسلامية والقارة الإفريقية، مصر الجديدة مصر المستقبل الشابة الجديدة التي خرج شبابها في كانون الثاني (يناير) 2011 ليثبتوا أن السيادة للشعب»، ورأى أن «الحرية هي الديموقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية هي الأساس الحقيقي لحياة كريمة، والكرامة هي احترام حقوق الإنسان». ووفق الإعلان الدستوري، فإن من المقرر أن يتم الانتهاء من تعديل الدستور في مدة أقصاها 60 يوماً من بداية أول يوم عمل لها، أي قبل مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تمهيداً لعرضه على الاستفتاء الشعبي. وتضم اللجنة ممثلين لفئات الشعب المصري المختلفة، وتشمل ممثلين لأحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني ونقابات عمالية ومهنية وشخصيات عامة ومثقفين وممثلي كنائس مسيحية، وممثلين عن مؤسسات الدولة كالجيش والشرطة. وبالتزامن مع انعقاد جلسة الخمسين، كان حزب النور السلفي يواصل مشاوراته قبل أن يعلن رئيسه يونس مخيون أنه بعد إتمام المشاورات «فإن غالبية الآراء تقف مع المشاركة في عمل اللجنة مع وجود اعتراضات قوية داخل الحزب ستوضع في الاعتبار أثناء المناقشات»، لافتاً إلى أن هذا القرار جاء بناء على استشعار الحزب المسؤولية ولدقة المرحلة التي تمر بها البلاد وكذلك دفاعاً عن المكتسبات التي حصل عليها الشعب المصري بعد ثورة يناير، ولكي ينال الحزب شرف الدفاع عن هذه المكتسبات وعلى رأسها مواد الهوية. وأوضح أن الحزب يسعى إلى التعاون مع جميع الشرفاء والمخلصين من أبناء هذا الوطن من أجل اجتياز هذه المرحلة الصعبة والوصول إلى حال الاستقرار وعودة اللحمة للشعب المصري. واستبق الأزهر والكنائس المصرية انطلاق المرحلة النهائية لصياغة الدستور بعقد جلسة مشتركة لممثليهما في لجنة تعديل الدستور في مقر مشيخة الأزهر مساء أول من أمس. ووفق بيان رسمي فإن الأزهر والكنائس الثلاث «اتفقوا على تقديم المصلحة الوطنية لمصر فوق كل اعتبار حزبي أو سياسي انتصاراً لمصر الوطن والتاريخ والحضارة»، وأشار البيان إلى أن اللقاء استهدف أساساً التأكيد على الوحدة الوطنية من دون التطرق إلى أية مناقشات تتعلق بمواد الدستور التي محلها الطبيعي لجنة الخمسين، وأكد البيان «حرص الأزهر والكنائس على وضع الهوية المصرية الثابتة في دساتير مصر المتوالية في مقدم أولوياتهم، والحرص على أن يكون الدستور في شكله النهائي معبراً عن التوافق الوطني للمصريين بكل أطيافهم وانتماءاتهم». في غضون ذلك، أمر النائب العام المصري أمس بإحالة مرشد عام جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و14 آخرين من قيادات الإخوان على محكمة الجنايات بتهمة التحريض على العنف في أحداث العنف التي جرت في 15 تموز (يوليو) الماضي، في شارع البحر الأعظم في محافظة الجيزة، وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 100 آخرين. وشمل قرار الإحالة كلاً من محمد البلتاجي، وصفوت حجازي، وعاصم عبدالماجد وعصام العريان وآخرين، أسندت إليهم النيابة «ارتكاب أحداث العنف والإرهاب والقتل العمد وتأليف عصابة لمهاجمة المواطنين وإمدادها بالأموال والأسلحة ومقاومة السلطات». ونفت النيابة المصرية أمس ما نشر حول فتح تحقيقات موسعة مع بعض نشطاء سياسيين على خلفية ما تردد عن تلقيهم تمويلاً أجنبياً أو خلافه. وكانت وسائل الإعلام تداولت أنباء مفادها بأن النائب العام أمر بفتح تحقيق فوري وعاجل في بلاغات بشأن ما نسب نشره لموقع «ويكيليكس» من معلومات عن تلقي عدد من النشطاء السياسيين أموالاً من دول خارجية لدعمهم في العديد من المجالات المختلفة داخل مصر.