لندن، دمشق، طهران - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - تدرس الادارة الاميركية ما وصفته ب «الخيارات العسكرية» رداً على الاتهامات الموجهة الى النظام السوري باستخدام اسلحة كيماوية وغازات سامة في غوطتي دمشق. وبحث الرئيس باراك اوباما أمس مع كبار مستشاريه هذه الخيارات، في وقت توجهت مدمرة بحرية رابعة محملة بصواريخ «كروز» الى البحر المتوسط مقابل الساحل السوري، كما اعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن اجتماع عسكري رفيع المستوى في الاردن غداً الاثنين يشارك فيه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي ورؤساء هيئات الأركان لدى المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا، لمناقشة الوضع في سورية. وسيكون هذا الاجتماع الثالث الذي يعقده قادة الجيوش هذا العام للبحث في الطرق التي يمكن للدول المجاورة ان تساعد في التصدي للمخاطر التي تتعرض لها المنطقة بسبب ذيول الوضع السوري. وتحدثت مصادر غربية متطابقة عن بحث احتمال تكرار «سيناريو كوسوفو» في سورية. في غضون ذلك، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نظام الاسد بارتكاب «مجزرة الكيماوي» في الغوطتين الغربية والشرقية، مع تأكيد جمعية «اطباء بلا حدود» غير الحكومية ان حوالى 355 شخصاً توفوا ب «غاز سام». وكان الرئيس اوباما استدعى مجدداً صباح امس فريقه للأمن القومي «لمناقشة مزاعم عن هجمات بالاسلحة الكيماوية من جانب الحكومة السورية في وقت سابق هذا الاسبوع»، وفق ما افاد مسؤول في الرئاسة الاميركية. وكرر البيت الابيض ان اوباما أمر اجهزة استخباراته ب»جمع الوقائع والادلة لتحديد ما حصل في سورية». واكد المسؤول انه «حالما نكون قد تحققنا من كل الوقائع، سيتخذ الرئيس قراراً واعياً في شأن طريقة الرد»، مشيراً الى ان اوباما يملك «مروحة خيارات على الطاولة». واضاف «سنتصرف بطريقة محسوبة بغية اتخاذ قرارات تتوافق ومصالحنا الوطنية كما وتقويمنا لما يمكن ان يحقق اهدافنا في سورية». لكن ذلك لم يمنع وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل من الاعلان عن نشر قطع عسكرية بهدف تقديم «خيارات» للرئيس الاميركي في حال اعطى الأمر بالتدخل في سورية. ويشمل ذلك ارسال مدمرة رابعة الى البحر المتوسط مزودة بصواريخ، وفق مسؤول في وزارة الدفاع. الا ان مسؤولاً في وزارة الخارجية الاميركية قال لوكالة «فرانس برس» انه لم تتم مناقشة ارسال «قوات برية ولا اقامة منطقة حظر جوي» خلال اجتماع الخميس الماضي في البيت الابيض. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن السلطات الأميركية قد توجه ضربات عسكرية إلى سورية من دون تفويض من الأممالمتحدة مستوحاة من الضربات الجوية التي نفذت في كوسوفو ضد نظام سلوبودان ميلوسوفيتش المتهم بارتكاب فظاعات بحق المدنيين. وكان الفيتو الروسي في مجلس الامن حال في ذلك الوقت دون التوصل الى قرار دولي يجيز اللجوء إلى القوة ضد الجمهورية اليوغوسلافية السابقة. وفي آذار (مارس) 1999 شن حلف شمال الأطلسي غارات على القوات الصربية في كوسوفو واستمر الهجوم 78 يوماً. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية ل «نيويورك تايمز» طالباً عدم كشف اسمه: «سنكون ذهبنا بعيداً إذا ما قلنا إننا نبحث عن مبرر مشروع لعمل عسكري خصوصاً أن الرئيس لم يتخذ بعد أي قرار». وأضاف «لكن بالطبع يشكل (إقليم) كوسوفو سابقة لوضع يمكن أن يكون مشابهاً». وقال المصدر نفسه إن النقاش حول كوسوفو كان أحد المواضيع التي بحثت في شأن الملف السوري. وفي حال قيام واشنطن بأي ضربات عسكرية فهي ستستهدف برأي المسؤولين الأميركيين، الوصول إلى حل سياسي بناء على «بيان جنيف» الذي نص على تشكيل حكومة انتقالية من النظام والمعارضة، كما أوصلت تجربة كوسوفو الى «اتفاق دايتون». وأوضح أن العواقب المحتملة لتوجيه ضربات في سورية على دول المنطقة مثل لبنان والأردن وتركيا أو مصر تدرس أيضاً. وفي رام الله، قال وزير الخارجية الفرنسي رولان فابيوس بعد لقائه رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله «كل المعلومات التي لدينا تتقاطع لتؤكد حصول مجزرة كيمياوية قرب دمشق وتدل على ان نظام (الرئيس) بشار الاسد يقف وراء هذا الامر». ونقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله في كلمة أمام مؤيديه في بلدته ريز: «أستغرب ممن يتساءلون عمن ارتكب المجزرة السورية الأخيرة باستخدام الأسلحة الكيماوية، فالديكتاتور القاتل الأسد هو الذي ارتكبها كغيرها من المجازر». من جهتها، اعلنت ايران ان هناك «ادلة» على استخدام مسلحي المعارضة السورية اسلحة كيمياوية. وكان الرئيس الايراني حسن روحاني قال ان «الوضع السائد اليوم في سورية ومقتل عدد من الاشخاص الابرباء بسبب عناصر كيماوية امر مؤلم جداً» بحسب ما اورد موقع الحكومة، مضيفاً ان ايران «تدين بشدة استخدام اسلحة كيماوية». ولم يتطرق روحاني الى المسؤولين عن استخدام «الكيماوي». لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية عباس عراقجي قال: «ليس هناك اي تفويض دولي لتدخل عسكري في سورية. ونحن نحذر من اي عمل او اعلان لا يؤدي الا الى مزيد من التوتر في المنطقة». ولوحظ ان موسكو لم تعلق حتى وقت متأخر مساء أمس على ما ذكر عما تدرسه واشنطن من خيارات عسكرية. من جهتها، قالت «اطباء بلا حدود» إن ثلاثة مستشفيات قرب دمشق أبلغت عن 355 حالة وفاة من بين حوالي 3600 حالة تم نقلها الي المستشفيات ظهرت عليها أعراض تشبه أعراض التعرض لغازات الأعصاب. وقال مدير العمليات في المنظمة بارت يانسنز «الأعراض التي بدت على المرضى كما اوردتها التقارير بالإضافة إلى النمط الوبائي للأحداث الذي اتسم بالتدفق الهائل للمرضى في فترة زمنية قصيرة والمكان الذي جاء منه المرضى وتعرض الفريق الطبي والمسعفين للتلوث تشير بقوة إلى تعرض جماعي لمادة كيماوية سامة تؤثر في الأعصاب.» ونفى «الائتلاف الوطني السوري» المعارض استخدام مقاتليه للاسلحة الكيماوية و»الأنباء الكاذبة التي يروج لها نظام الأسد جملة وتفصيلاً، ويعتبرها محاولات فاشلة ويائسة للتمويه والتغطية على جرائمه المتكررة والممنهجة بحق المدنيين السوريين». كما نفى رئيس الاركان في «الجيش السوري الحر» اللواء سليم ادريس ان تكون في حوزة قواته اي اسلحة كيماوية. وبدأت ممثلة الاممالمتحدة العليا لنزع الاسلحة انجيلا كاين في دمشق امس محادثات مع الحكومة السورية للتفاوض على دخول مفتشي الاممالمتحدة الى الغوطتين الغربية والشرقية للتحقيق بمزاعم استخدام السلاح الكيماوي.