قتلت وحدات من الفرق الأمنية التونسية صباح أمس مسلحاً واعتقلت خمسة آخرين أحدهما مصاب بجروح خطيرة، بعد دهم منزل في مدينة الوردية، بمحافظة تونس العاصمة، للاشتباه في استعماله كمخزن للسلاح. فيما تعيش تونس منذ أكثر من أسبوع على وقع أحداث ملاحقة الجيش لمجموعات مسلحة في جبل الشعانبي المحاذي للجزائر، بعد الهجوم الذي راح ضحيته تسعة عسكريين قامت به مجموعات مسلحة تستهدف شخصيات ومنشآت عامة وخاصة، حسبما قالت الحكومة. وفي لقاء خاطف مع الصحافيين أكد رئيس الحكومة والقيادي في حركة «النهضة» علي العريض «أن قوات الأمن بصدد ملاحقة مجموعة خطيرة من المسلحين لها علاقة مباشرة باغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد والنائب القومي محمد البراهمي والتخطط لاغتيالات سياسية أخرى». وقال محمد علي العروي الناطق باسم وزارة الداخلية ل «الحياة» إن «وحدات من فرقة مكافحة الإرهاب (إحدى فرق النخبة الأمنية في البلاد) تمكنت من رصد مكان تواجد المجموعة المسلحة قبل الهجوم عليها». وأضاف أن هذه المجموعة متورطة في أعمال إرهابية سابقة وعناصرها مطلوبة من قبل السلطات التونسية. كما قبضت قوات الأمن، في وقت متقدم من ليل السبت، على أحد المنتمين للتيار «الديني المتشدد» في محافظة سوسة الساحلية وبحوزته ازياء عسكرية، بحسب بيان وزارة الداخلية. وكانت وزارة الدفاع الوطني حذرت في وقت سابق من أن «بعض المجموعات المسلحة ستستعمل ازياء عسكرية للقيام بعمليات ارهابية». في السياق نفسه اعتقلت قوات الحرس الحدودي قرب الحدود مع ليبيا، شخصين، قالت وزارة الداخلية إنهما من التيار السلفي، في سيارة محملة بالأسلحة والذخيرة. وحسب بيان الوزارة فإن أحد العنصرين كان من المتهمين سابقاً وفق قانون «مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال» بسبب انتمائه لما يعرف ب «مجموعة سليمان» التي اشتبكت مع قوات الأمن والجيش في أواخر 2006 قرب العاصمة. إلى ذلك، تتواصل الأزمة في البلاد التي انطلقت منذ اغتيال النائب البراهمي، في ظل استمرار «اعتصام الرحيل» في ساحة «باردو» قرب العاصمة التونسية للمطالبة بإسقاط الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية وحل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان). ورغم مرور أسبوع على بدء الاعتصام فإن مواقف الأغلبية الحاكمة والمعارضة مازالت تراوح مكانها وتتسم «بالتشدد» رغم المشاكل الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. ودعت هذه القوى إلى تنظيم «تظاهرة مليونية» يوم السادس من الشهر الجاري بمناسبة ذكرى مرور ستة أشهر على اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد. وتأتي هذه التظاهرة كرد على التظاهرة التي أقامتها حركة «النهضة» مساء أول من أمس. كما ينتظر التونسيون انتهاء المهلة التي منحها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد)، حتى آخر الأسبوع الجاري للحكومة لتقديم استقالتها وتشكيل حكومة «إنقاذ وطني محايدة» تشرف على الانتخابات المقبلة. وقال النائب المنجي الرحوي، عن الجبهة الشعبية، ل «الحياة» إن المعتصمين لن يغادروا ساحة الاعتصام قبل خروج حركة «النهضة» من الحكم، مضيفاً «سنحرك الشارع التونسي من أجل تحقيق مطلب حل المجلس التأسيسي الفاقد للشرعية». وبحسب مراقبين، سيبقى التجاذب بين التحالف الحكومي والمعارضة رهن الشارع وقدرة كل منهما على حشد المؤيدين، رغم أن «النهضة» ما زالت تحتفظ بقدرة على تحريك الشارع في صفها مثلما حصل في ساحة القصبة، إلا أن المعارضة والقوى الشبابية تعمل جاهدة من أجل إنجاح تظاهرة السادس من هذا الشهر، حتى تتعادل موازين القوى وتحسّن من شروط تفاوضها.