عادت جماعة «أنصار الشريعة» في تونس إلى دائرة الضوء أمس بعدما كشفت السلطات أن متشددين ينتمي بعضهم إليها يقفون وراء اغتيال النائب المعارض البارز محمد البراهمي، وقبله المعارض اليساري شكري بلعيد. وجاء تأكيد تورط من وصفتهم وزارة الداخلية ب «تكفيريين» بقتل المعارضين البارزين ليساهم في تهدئة غضب الشارع المستاء من الاغتيالات التي تطاول قادة معروفين بانتقاداتهم الشديدة للإسلاميين، لكن معارضين للحكم الذي تقوده حركة «النهضة» الإسلامية يلفتون إلى أن معظم القتلة ما زالوا أحرار طلقاء وأن كشف هويتهم من دون اعتقالهم لا يلبي مطالب الشارع. وجاء كشف هوية قتلة البراهمي على لسان وزير الداخلية لطفي بن جدو (مستقل) الذي قال في مؤتمر صحافي إن السلاح الذي قُتل به النائب المعارض هو السلاح نفسه الذي قتل به بلعيد في شباط (فبراير) الماضي. وأضاف أن المتهمين باغتيال البراهمي ينتمون الى تيار سلفي «تكفيري»، وأن المشتبه به في العملية يدعى أبو بكر الحكيم. وتشير معلومات متوافرة عن هذا الأخير انه من «شبكات العراق» إذ شارك في القتال ضد القوات الأميركية هناك واعتقلته قوات الأمن السورية العام 2005 وسلمته إلى تونس. كما أفيد أن أحد أشقائه قُتل في الفلوجة العراقية. وقالت الداخلية التونسية إنه متورط في تهريب السلاح إلى تونس من ليبيا المجاورة. وتواصلت أمس التظاهرات الغاضبة المنددة باغتيال البراهمي ورفع مشاركون فيها شعارات «الشعب يريد اسقاط النظام»، في وقت طالبت قوى سياسية يسارية وليبرالية بإسقاط الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. ولفت مراقبون إلى أن وزير الداخلية، رغم إشارته إلى أن بعض أفراد الخلية المتهمة باغتيال البراهمي وقبله بلعيد ينتمي الى «أنصار الشريعة»، لم يتهم هذا التنظيم بتدبير الاغتيالين. ورجح هؤلاء أن تكون الإشارة إلى تورط أعضاء في التنظيم مقدمة لحملة أمنية ضده بعد تواتر أنباء عن ضلوع منتسبين في «أنصار الشريعة» في عمليات مسلحة عدة في تونس بعد الثورة. وكان رد الموقع الإلكتروني والصفحات الاجتماعية ل «أنصار الشريعة» سريعاً على ما جاء من اتهامات في ندوة وزير الداخلية، إذ أكد السلفيون أنهم «لن يتم استدراجهم إلى العنف رغم كل الاستفزاز والقمع» بالإضافة الى تشكيكهم في رواية وزارة الداخلية حول الاغتيال، معتبرين أن أي نظام في تونس «يجعل من السلفيين شمّاعة يعلّق عليها فشله»، بحسب ما جاء في موقعهم. وكان الوزير بن جدو دخل في مواجهة مع «أنصار الشريعة» في أيار (مايو) الماضي حيث تم تصنيف الجماعة ضمن المجموعات الإرهابية وحظر أنشطتها وخيامها الدعوية، وهو ما أثار غضباً في أوساط السلفيين وبخاصة الجهاديين منهم. ومن المنتظر ان تتواصل حالة الاحتقان في الأيام المقبلة نظراً إلى تمسك القوى السياسية والشبابية بمطالب حل المجلس التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وهو ما ترفضه حركة «النهضة» التي دعت الأحزاب والمنظمات إلى التعقل والوحدة والحوار من اجل إنقاذ البلاد من الانزلاق نحو المخاطر، بحسب ما جاء في بيانها.