صعدت جماعة «الإخوان المسلمين» من تحركاتها في الشارع قبل ساعات من لقاء ممثليها الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون التي بدا أن وساطتها اصطدمت بتصلب مواقف طرفي الأزمة في مصر. وبعد ساعات من تحذير مجلس الدفاع الوطني المعتصمين من أنصار الرئيس المعزول مرسي من «تدابير حاسمة وحازمة حيال أي تجاوز» يصدر منهم، وبعد أقل من ساعتين من تحذير الجيش من التظاهر أمام أي منشآت عسكرية، تحركت مسيرة لمؤيدي مرسي إلى مقر الاستخبارات الحربية. كما نظم أنصار مرسي مساء مسيرات بالنعوش إلى مقار مديريات الأمن في أكثر من محافظة، رغم ما تشهده هذه المسيرات عادة من اشتباكات بين أنصار مرسي ومعارضيه يسقط فيها قتلى وجرحى. كما أعلن «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده الجماعة اعتزامه تنظيم «مليونية شهداء الانقلاب» اليوم أمام مسجد رابعة العدوية وفي ميدان النهضة في الجيزة. واعتبر نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، عصام العريان: «عندما يقرر الجيش القيام بانقلاب عسكري... ويدير البلاد من مقراته ومنشآته العسكرية فقد قرر بنفسه نزع الحصانة القانونية عن منشآته خصوصاً تلك التي يتم إدارة السياسة منها وتصدر منها البيانات السياسية». ورد الناطق باسم القوات المسلحة العقيد أحمد علي على العريان في بيان قائلا ان تصريحاته «تعد تحريضاً صادرا عن شخص يفتقد أقل معايير الحس الوطني، ولذلك تحذر القوات المسلحة من أي محاولات اقتراب غير محسوب من المنشآت والوحدات العسكرية على مختلف تصنيفاتها أو أنشطتها أو طبيعة عملها، أو الأفراد أو الأجهزة أو المعدات التابعة للقوات المسلحة». وشدد على أن «مخالفة ذلك ستُعرض حياة المخالفين للخطر البالغ وسيتم مواجهته بمنتهى الحسم والحزم والقوة، كما أنها تعرض المحرضين عليها للمساءلة القانونية طبقاً لمقتضيات القانون الصارم في هذا الشأن»، داعياً إلى «اتباع قواعد التظاهر السلمي وعدم الانسياق وراء دعوات مغرضة ومضللة وغير مسؤولة يطلقها أشخاص يفتقرون إلى المنطق السليم ويسعون إلى إستغلال نتائجها لتحقيق أهداف مشبوهة والمتاجرة بدماء الشهداء والمصابين». في موازاة التصعيد في الشارع، تعثرت جهود آشتون للوساطة بعدما تمسك طرفا النزاع بمواقفهما. وعلمت «الحياة» أن المسؤولة الأوروبية قدمت أفكاراً لحل سياسي أساسها «نبذ الإخوان العنف والقبول بالأمر الواقع في مقابل أن تشملهم العملية السياسية برمتها وضمان خروج آمن لقادتهم». لكن تلك الأفكار لم تحظ بترحيب كامل من الجانبين، ما عطل بلورة مبادرة شاملة للحل. والتقت آشتون الرئيس الموقت عدلي منصور ونائب الرئيس للعلاقات الدولية محمد البرادعي ووزيري الدفاع عبدالفتاح السيسي والخارجية نبيل فهمي، ثم اجتمعت مع وفد ضم القياديين في «الإخوان» الوزيرين السابقين محمد علي بشر وعمرو دراج ورئيس الوزراء السابق هشام قنديل ونائب رئيس حزب «الوسط» محمد محسوب. والتقت وفداً من حركة «تمرد» وآخر من «حركة شباب 6 ابريل»، ومسؤولين في حزب «النور» السلفي، وأنهت لقاءاتها باجتماع ثان مع البرادعي. وكانت آشتون قالت في بيان إنها تسعى إلى «عملية انتقالية شاملة تضم جميع الجماعات السياسية بما فيها الإخوان»، مشيرة إلى أن هذه العملية «يجب أن تؤدي في أسرع وقت ممكن إلى نظام دستوري وانتخابات حرة ونزيهة وحكومة مدنية». لكن مصدراً مطلعاً على لقاءات آشتون قال إنها «طرحت بعض الأفكار لكنها لم تتبلور بعد إلى مبادرة أو وساطة للحل». وأوضح أن مبادرة آشتون تتضمن «طي صفحة الرئيس المعزول محمد مرسي والانخراط في العملية الانتقالية ووقف العنف والتحريض من قبل الإخوان في مقابل أن تشملهم العملية السياسية برمتها بما فيها عملية إعادة صياغة الدستور المعطل، إضافة إلى ضمانات بعدم الملاحقة الأمنية للإخوان في المستقبل وتسوية الأمور القضائية». وكشف أن «الجماعة رفضت الاعتراف بخريطة الطريق التي حددها الجيش، وفي المقابل رفض الحكم الخروج الآمن لقادة الإخوان». وقال الناطق باسم الرئاسة أحمد المسلماني إن «من قام بعنف أو شارك فيه أو حرض على تمزيق الجيش، فمصيره أمام القضاء، لكنه الغالبية الساحقة من أعضاء جماعة الإخوان الذين لم يتورطوا في العنف مرحب بهم في المصالحة الوطنية». وأكد منسق «تمرد» محمود بدر أنه أخبر آشتون أن حركته «لن تقبل صفقات وترفض الخروج الآمن لقيادات الإخوان». وأضاف أن «كل من تورط في دم يجب أن يحاكم». وفي واشنطن، دانت الولاياتالمتحدة أمس مقتل نحو 80 شخصاً في الاشتباكات التي وقعت فجر السبت في «طريق النصر» شرق القاهرة بين قوات الأمن وأنصار مرسي. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست إن ما حدث «يعيد عملية الديموقراطية في مصر الى الوراء ولا يتسق مع تعهدات الحكومة الموقتة بعودة سريعة إلى حكم مدني».