تمر العلاقات الروسية - الأميركية في أسوأ مراحلها منذ وصول الرئيس باراك أوباما الى الحكم عام 2009، في ضوء رفض موسكو تسليم المستشار السابق لوكالة الأمن القومي الأميركية أدوارد سنودن الذي سرّب أكبر كمّ من المعلومات السرية حول برامج التجسس الأميركي في التاريخ الحديث. وتفرض هذه الأجواء واستمرار الخلافات حول مصير سنودن، تأجيل اختراقات كبيرة في ملفات الترسانة النووية أو الدرع الصاروخية الأميركية في اوروبا، أو الأزمة السورية. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن «أوباما يميل الى الغاء زيارته المقررة الى موسكو، على هامش حضوره قمة الدول العشرين في بطرسبورغ في أيلول (سبتمبر) المقبل»، مشيرة الى ان نواباً في الكونغرس «طالبوا واشنطن بالضغط لنقل مكان القمة الى خارج روسيا». وسيزيد ذلك الجفاء بين اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، علماً ان الأخير لم يلتقِ أوباما في واشنطن، واكتفى الرئيسان بلقاءات على هامش قمم دولية في المكسيك وإرلندا. الى ذلك، نقل موقع «نيوزويك» عن مصادر في الإدارة الأميركية إن «وزير الخارجية جون كيري ابلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي الأربعاء الماضي، احتمال الغاء اجتماعات بين وفود لوزارتي الدفاع والخارجية في بلديهما في آب (أغسطس)». ويشكل ذلك تهديداً مبطناً من الإدارة رداً على رفض روسيا تسليم سنودن، والذي انعكس سلباً على العلاقة بين البلدين، خصوصاً بعدما تجاهل بوتين طلباً مباشراً من أوباما في هذا الشأن، اثر اتصال هاتفي بينهما قبل أسبوعين. وفيما تعتبر قضية سنودن الأكثر إلحاحاً وسبب التشنج الأكبر بين واشنطنوموسكو، يترك الجدل الدائر حول الدرع الصاروخية الأميركية في اوروبا واعتقال روسيا أميركياً متهماً بالتجسس، وكذلك ملفات اقليمية على رأسها سورية، وعدم وجود علاقة شخصية قوية بين بوتين وأوباما، أثراً سلبياً على الجانبين. وحاول كيري اضفاء بعض روح التعاون في اجتماعاته المتكررة مع لافروف، متجنباً اللهجة السلبية، لكنه يدرك حجم ملفات الخلافات، خصوصاً في شأن ازمة سورية والتي يريد الوزير ان تضطلع بلاده بدور أكبر فيها عبر دعم المعارضة. وتحتم الخلافات الروسية - الأميركية التريث في عقد مؤتمر «جنيف 2»، لأسباب ترتبط بسير المعارك في سورية، وعدم استعداد واشنطنوموسكو لتقديم تنازلات كبيرة في ملفات أخرى، في مقابل عقد المؤتمر. وفيما تعتبر مسألة سنودن الأهم بالنسبة الى البيت الأبيض اليوم، لا تبدي الولاياتالمتحدة استعدادها لتقديم تنازلات كبيرة في الدرع الصاروخية أو الترسانة النووية لإرضاء بوتين. وفي حال عدم تسليم روسيا لسنودن، سيعني ذلك إلغاء الاجتماعات الثنائية المقررة في واشنطن، وعقد أوباما وبوتين لقاء متشنجاً على هامش قمة العشرين في سان بطرسبورغ. كذلك يؤثر التحاق مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بفريق البيت الأبيض في هذه العلاقة، باعتبارها تنتمي الى تيار متشدد حيال موسكو، وعقدت خلال توليها منصب سفيرة أميركا لدى الأممالمتحدة خلال السنوات الخمس الماضية، جلسات مع السفير الروسي فيتالي تشوركين. ورايس المقربة من أوباما، تسعى اليوم الى تكثيف الاجتماعات مع نواب في الكونغرس، بينهم جون ماكين لمناقشة الملفات الخارجية.