يتهافت الكثير من المشاهدين خلال شهر رمضان المبارك لمتابعة البرامج الدينية التي يقدمها المشايخ على مختلف القنوات والإذاعات الفضائية، وتبرز خلال هذا التنافس العديد من الأفكار الجديدة في تلك البرامج لجذب أكبر عدد من المشاهدين بإشراف طاقم فني متكامل، لإخراج العمل بأفضل صورة وإحراز قيمة فنية ومالية جيدة للقناة وطاقم العمل، ويأتي ذلك بعد الدعايات التي تبثها تلك القنوات في مختلف الوسائل الإعلامية، فيما يرصد النقاد ما تقدمه تلك البرامج الدينية من تقدم فكري ومواكبة عصرية للتطورات التي يشهدها العالم من خلال الرؤية الدينية. والشبان، خالد رجب، محمد أيوب، وناصر الزهراني اتفقوا على أنهم وفي كل رمضان أن يبحثوا عن البرامج الدينية الهادفة، وذلك من خلال استعراض معظم البرامج على القنوات الفضائية، مفضلين تلك التي تعرض قبيل أذاني المغرب والفجر، كونها أكثر الأوقات هدوءاً للصائم. ويبين أيوب أنه على رغم اختلافه وبعض من زملائه حول ماهية تلك البرامج وما تقدمه من فائدة، وأن لكل منهم رأيه الخاص، إلا أنهم يتفقون أحياناً على بعض البرامج الجيدة، والتي تخرج بأسلوب جميل ومشوق، ويكون مقدمه ذا شعبية جارفة، تساعده في أنجاح ذلك البرنامج. من جهته، بين الإعلامي يحيى الأمير أن وسائل الإعلام أصبحت منابر لبث البرامج الدينية والفكرية وغيرها من البرامج، وأصبح لها كثير من المتابعين، ومعظم البرامج الدينية تتركز في أجوائها، مثل شهر رمضان المبارك، لتضفي جواً روحياً على الشهر. ودعا الأمير القائمين على تلك البرامج إلى إحداث تطوير مستمر على مستوى الخطاب ومخاطبة الأجيال واستخدام لغة جديدة وجيدة، لاستقطاب وجذب الشبان، بخاصة في هذا الوقت الذي تمر فيه المنطقة بتحولات سياسية نشاهدها جميعاً، ولا يرى الأمير عيباً في الكسب المادي للشيخ أو القناة من خلال تقديم البرامج الدينية. وأوضح الداعية الدكتور محمد النجيمي ل«الحياة» أن البرامج الدينية التي تعرض في القنوات الفضائية إنما تعرض لتوجيه الناس إلى أن رمضان شهر عبادة وليس شهر أغانٍ ورقص، كما أن هدف هذه القنوات هو تقديم الموعظة والبرامج الهادفة، وأن يتحول شهر رمضان إلى مزيد من العبادة والتقرب إلى الله. وأردف: «أما القنوات غير الإسلامية، فهدفها إرضاء جماهيرها في عرض البرامج الدينية، فمعظم المتابعين متعطشون للبرامج الدينية في شهر رمضان خصوصاً»، ويؤكد على أن عرض هذه البرامج الدينية سواء في القنوات الدينية أم غيرها، به مصلحة وخير وزاد، «ونؤيد ذلك». ويشير الدكتور النجيمي إلى أنه اطلع على كثير من البرامج الدينية في القنوات الفضائية، ووجد أنها برامج هادفة وقيمة ومثمرة، ويضيف: «هذه البرامج يقوم على تقديمها مجموعة من العلماء والدعاة والمشايخ الفضلاء الذين لهم حضور ومتابعون كثر، وبالتالي تستقطبهم تلك القنوات الفضائية، سواء كانت البرامج دينية أم فكرية أم سياسية، ويرى البعض أن استقطاب بعض القنوات الفضائية لبعض المشايخ يعتبر فشلاً، ولكني أرى أن ذلك يعد نجاحاً، سواء للشيخ أم للقناة الفضائية». وبين الشيخ النجيمي أنه لا يتقاضى أجراً على البرامج الدينية التي يقدمها، ويؤكد أن ذلك ديدن كثير من العلماء والدعاة الذين يقدمون البرامج الدينية، كما أنه في المقابل لو أراد أحد المشايخ أن يأخذ مقابلاً لعمله، فهذا يعتبر جائزاً شرعاً وقانوناً، وليس في ذلك أيّ خطأ، ويشير إلى أنه لا ضير في تقديم البرامج الدينية في القنوات غير الإسلامية، ويعد ذلك من حرية الإسلام التي كفلها الدين، وقال: «نحن كتيار إسلامي لدينا حرية وديموقراطية، ونقبل الرأي والرأي الآخر عكس الليبراليين الانعزاليين والديكتاتوريين، وأي شخص يحتج على ظهور المشايخ في القنوات غير الإسلامية فهذا يعتبر من حقه، والذي لا يرى في ذلك شيئاً من حقه أيضاً». فيما يرى الداعية الإسلامي الدكتور عوض القرني، أن هدف الدعاة والعلماء من تقديم تلك البرامج الدينية والقائمين عليها، «يترك لنياتهم عند الله سبحانه وتعالى»، فمنهم من يريد بعمله وجه الله، ومنهم من يريد به أمراً دنيوياً ورياءً، ولا يعلم بذلك إلا الله، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» وأضاف: «إن البرامج الدينية أو العلمية عندما تكون موثقة بالأدلة الشرعية ومناسبة للزمان وعقليات المشاهدين، وتعتمد على الموضوعية، فإن ذلك سيكون ناجحاً بكل المقاييس الشرعية، كما أن هناك برامج يكون فيها إبداع بالإخراج والتصوير والتقديم، وهذا يخدم البرنامج في شكل كبير، أما إذا كان العرض يوقع في بعض المحاذير وغير مشروع، فهذا يعتبر مذموماً من الناحية الشرعية». وأشار الدكتور القرني في رده على سؤال المراجع والمعلومات التي يعتمد عليها الدعاة في برامجهم، إن على مقدمي تلك البرامج مسؤولية عظيمة، فهناك جمهور كبير يثق في الشيخ المقدم لتلك البرامج، ويأخذ منه المعلومات المستسقاة كما هي، حتى لو أخطأ في بعض المعلومات، أما المتخصصون، وهم كثر، لا تمر عليهم أخطاء أولئك الدعاة، فإذا أخطأ واحد منهم خطأً واضحاً وبيناً فلن يسكتوا عنه، ويردوا عليه من خلال وسائل الاتصال المختلفة، «فتمرير الخطأ في زمننا هذا لم يعد كما كان سابقاً». وأكد الداعية القرني أنه لا يتعامل مع القنوات غير الإسلامية التي تريده أن يكون «محلل النكاح الحرام»، على حد قوله، فهي تقدم طوال العام ما يفسد الأخلاق والدين والذوق العام، ثم تأتي في شهر من أجل أن تزيد من جماهيريتها ودخلها بعرض البرامج الدينية، وبذلك لن أكون جسراً تعبر به من خلالي إلى الناس. وأشار إلى أنه وجهت إليه دعوات عدة من بعض القنوات الفضائية غير الإسلامية، رفضها من ناحية المبدأ، وأوضح أنه سجل بعض الحلقات مع قناة إسلامية، لعرضها في شهر رمضان المبارك، ولاختلافه معها لم يكمل تسجيل البرنامج، مبيناً أنه لا يتقاضى أجراً عن عمله الدعوي، سواء من خلال تقديمه لبعض البرامج في القنوات الفضائية أم خلاف ذلك من أعمال، وأردف: «بل إني أبتغي بذلك وجه الله سبحانه وتعالى».