اهتزّت التسوية السلمية للقضية الكردية في تركيا، بعدما وجّهت القيادة الجديدة ل «حزب العمال الكردستاني» أمس، «إنذاراً أخيراً» إلى حكومة حزب «العدالة والتنمية»، مهددةً بوقف العملية السلمية، إن لم تتخذ خطوات لتطبيق إصلاحات مُتَّفقٍ عليها. وفي بيان أوردته وكالة «فرات» الكردية، اتهم الحزب حكومة رجب طيب أردوغان بالتقاعس عن تنفيذ التزاماتها، وفق الاتفاق المبرم مع الزعيم المعتقل ل «الكردستاني» عبدالله أوجلان، وفي مقدمّها إقرار إصلاحات سياسية ودستورية تمهّد لتسوية القضية الكردية في تركيا، في اتجاه منح الأكراد حكماً إدارياً في جنوب شرقي البلاد، وإطلاق التعليم باللغة الكردية في المدارس الرسمية. وجاء في البيان: «نوجّه تحذيراً أخيراً لحكومة حزب العدالة والتنمية: إذا لم تُتخذ تدابير ملموسة في اسرع وقت ممكن، في المسائل التي حددها شعبنا والرأي العام، لن تتقدّم العملية وستتحمّل الحكومة المسؤولية». واعتبر أن الحكومة لم تنفّذ «واجباتها»، متهماً إياها ب «أعمالٍ لنسف العملية» السلمية. وانتقد تشييدها ثكناً جديدة وامتناعها عن حلّ ميليشيات كردية تابعة للجيش التركي. واتهم البيان الحكومة بتأخير لقاءات بين أوجلان وساسة أكراد منخرطين في مسيرة السلام، مطالباً إياها بالإسراع في تنفيذ طلبه عرض أوجلان على لجنة طبية خاصة ومستقلة، وتحسين ظروف سجنه في جزيرة إمرالي ونقله إلى سجن أكبر أو إلى إقامة جبرية في منزل. لكن وزارة العدل التركية ذكرت أن أطباء فحصوا زعيم «الكردستاني» قبل 3 أيام، لم يجدوا مشكلة في وضعه الصحي، مشيرة إلى أن «التكهنات في هذا الصدد قد تؤثر سلباً في التسوية». ورأى مراقبون وساسة أتراك أن الحزب يمهّد ربما لانسحابه من الاتفاق المبرم مع حكومة أردوغان واستئنافه العمل المسلح، بضغط من إيران. أما حزب «العدالة والتنمية» فاعتبر هذه الرسائل مجرد محاولات ضغط لتحريك العملية السياسية في وقت أقرب من المتّفَق عليه. ويُفترض أن تبدأ الحكومة إقرار الإصلاحات الدستورية، بعد انسحاب كاملٍ لمسلحي الحزب من تركيا، وهذا لم يحدث بعد، إذ تفيد مصادر جهاز الاستخبارات التركية بأن حوالى 20 في المئة منهم فقط غادروا الأراضي التركية. لكن «الكردستاني» يصرّ على أنه طبّق المطلوب منه. وكان أردوغان أمر بتأجيل مناقشة الإصلاحات السياسية إلى دورة البرلمان في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، لكي يتأكد من انسحاب كاملٍ ل «الكردستاني» الذي شهد أخيراً تغييراً مفاجئاً في قياداته العسكرية، مع انتخاب جميل بايك القريب من سورية وإيران، لقيادة الحزب بدل مراد قره يلان، في ما اعتبره بعضهم انقلاباً داخلياً بدعم إيراني. وأكد خبراء في الشأن الكردي أن التغييرات أتت بطلب من أوجلان، بعد امتناع قره يلان عن التجاوب في شكل كافٍ مع العملية السلمية. في غضون ذلك، وجّه «حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي يُعتبر جناحاً سورياً ل «الكردستاني»، إنذاراً لأنقرة، إذ اتهمها بدعم «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة»، في القتال في منطقة رأس العين السورية الحدودية. وقال زعيم الحزب صالح مسلم إن الحكومة التركية تساند «جبهة النصرة»، مشيراً إلى «تدخل» الجيش التركي في القتال لمصلحتها، ومضيفاً أن ثمة أتراكاً بين قتلى الجبهة. في المقابل، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده ستردّ «فوراً وبأكثر الطرق فاعلية، ضد أي تهديد لأمن حدودنا، من أي جهة أتى»، معتبراً أن اتجاهاً انفصالياً لدى «حزب الاتحاد الديموقراطي» سيؤدي إلى «تسعير المعارك وتعميق الوضع المهتز في سورية»، مثيراً «أزمات أكبر».