ذكرت مصادر مطلعة في الأردن أن الجهود الحثيثة التي بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في رحلاته المكوكية إلى القدس وعمان «لم تحقق أية اختراقات» في محاولاته تحريك مفاوضات السلام المتعثرة منذ سنوات بسبب التعنت الإسرائيلي الرافض أية «شروط مسبقة» قبل الجلوس إلى طاولة الحوار. وأنهى كيري جولته في المنطقة أمس باجتماع مع نتانياهو في القدس آتياً من عمان إثر إجرائه محادثات جديدة مع عباس، بعدما ألغى زيارة كانت مقررة السبت إلى أبو ظبي كي يتابع لقاءاته المتكررة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مثيراً بذلك تكهنات في شأن تقدم في إحياء مفاوضات السلام المتوقفة منذ حوالى ثلاث سنوات. وأفادت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى بأن عباس أصر على نقاط عدة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، أهمها وقف الاستيطان وإعلان القدسالشرقية عاصمة للفلسطينيين. وكشفت أن وزير الخارجية الأميركي طرح مبادرة مشابهة (غير معلنة) لدفع عجلة السلام أبرزها، تدشين المفاوضات على أساس مرجعية حدود عام 1967، وتجميد الاستيطان قبل بدء المفاوضات، على أن يمدد هذا القرار عند كل جولة تفاوضية، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين قبل «اتفاق أوسلو» الذي وقعه القادة الإسرائيليون والفلسطينيون عام 1993. وألغى كيري مؤتمراً صحافياً كان يفترض تنظيمه مساء أمس من دون ذكر الأسباب، ما زاد حجم التكهنات في شأن عدم قدرة الأخير على تحقيق أية اختراقات، في ظل تعاظم العقبات التي تعيق المفاوضات. ورفض الوزير الأميركي التحدث إلى الصحافيين الذين كانوا بانتظاره أمام منزل الرئيس الفلسطيني، مكتفياً بالقول «إننا نبذل كل جهد لإحياء عملية السلام». وذكرت المصادر إن كيري كان يعتزم الإعلان خلال المؤتمر قرب انعقاد قمة رباعية في عمان تجمع الولاياتالمتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى جانب الأردن، على أمل إطلاق جولة جديدة من المفاوضات. وقال مسؤول رفيع المستوى في الديوان الملكي الأردني ل «الحياة» إن بلاده «تدعم المساعي الأميركية، وتحرص على تقريب وجهات النظر لإحياء العملية السلمية». وأضاف «لا توجد أية معلومات عن قمة رباعية حتى الآن، والمؤكد أن أجندة الملك عبدالله الثاني لا تتضمن أية لقاءات أميركية أو إسرائيلية أو فلسطينية خلال الأسبوع المقبل». إلى ذلك، اعتبر سياسيون أردنيون وفلسطينيون أن شروط نجاح كيري في الوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية «ليست متوافرة» بسبب التعنت الإسرائيلي الرافض أية «شروط مسبقة» قبل الجلوس إلى طاولة الحوار. لكن بعض المراقبين يرى أن الديبلوماسية الأميركية قد تنجح في إعادة إنتاج تجربة المفاوضات «قصيرة الأمد»، خصوصاً أنها مدعومة بمواقف عربية وأوروبية، فيما تتعرض السلطة لضغوط مماثلة من بعض هذه الدول. ومنذ الخميس، أمضى كيري سبع ساعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلا أن مساعدي كيري قللوا من أهمية التوقعات بحدوث اختراق وشيك وأكدوا أنهم يأملون في تحقيق تقدم تدرجي قبل الوصول إلى مفاوضات جوهرية بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي مؤشر إلى رغبة كيري في مواصلة التفاوض، قام بزيارة نادرة لإسرائيل السبت (أمس) الذي يتوقف فيه اليهود عن العمل ويمتنعون عن استخدام الكهرباء. ويحرص كيري على التوصل إلى اتفاق لاستئناف عملية السلام قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الجديدة في أيلول (سبتمبر) والتي منحت الفلسطينيين وضع دولة غير عضو بصفة مراقب. ويخشى نتانياهو أن يستغل الفلسطينيون اجتماع الجمعية العامة في غياب المفاوضات المباشرة لإطلاق المزيد من خطوات الاعتراف بدولتهم.