بدأ الرئيس محمود عباس امس جولة دولية تشمل روسيا وبريطانيا وألمانيا لشرح موقفه من العملية السلمية المتعثرة، في وقت اكد مسؤول فلسطيني ان المبعوث الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل عرض خلال زيارته الأخيرة للمنطقة مبادرة جديدة على الرئيس عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ترمي الى تهيئة الأجواء من اجل استئناف المفاوضات. وقال المسؤول لوكالة «فرانس برس» ان ميتشل طرح «مبادرة جديدة تهدف الى تهيئة الأجواء من اجل استئناف المفاوضات»، وتتضمن خمس نقاط هي «ان توقف اسرائيل اقتحاماتها الى مناطق (أ) الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية الكاملة بحسب اتفاقات اوسلو، وأن يتم تحويل اجزاء من مناطق (ب) الى مناطق (أ)، وأن يسمح للسلطة الفلسطينية وأمنها بالدخول الى مناطق (ج)، وأن يتم اطلاق دفعات من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية»، علماً ان المناطق التي تسمى «ب» تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، اما المناطق «ج» فتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. كما تنص مبادرة ميتشل على «تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها اسرائيل الى السلطة الفلسطينية في شكل متنظم وكل شهر، وأن تسهل اسرائيل ادخال المواد الغذائية ومواد البناء الى قطاع غزة». وبحسب المسؤول الفلسطيني، فإن رد نتانياهو على هذه المبادرة كان المطالبة «بلقاء عباس من اجل بحث هذه القضايا ليتم تتويج اللقاء بإعلان التوصل اليها». وأكد المسؤول ان عباس رفض هذا الأمر، وطالب بأن تنفذ اسرائيل مقترحات ميتشل أولاً لأنها «التزامات على اسرائيل، وسنعتبرها بوادر حسن نية». وأضاف ان عباس شدد على «وجوب اعلان نتانياهو الوقف التام للاستيطان في عموم الأراضي الفلسطينية وتحديداً في القدس ووجود مرجعيات واضحة للمفاوضات». وتابع «ان ميتشل اقترح ان تبدأ اتصالات غير مباشرة وليس مفاوضات بين الجانبين عبر الوسيط الأميركي، ويكون هدف هذه الاتصالات بحث تنفيذ هذه القضايا الخمس وقضيتي وقف الاستيطان ومرجعيات المفاوضات». وأشار المسؤول الى ان ميتشل سعى من خلال هذه المبادرة الى «منع انهيار الجهود الدولية لاستئناف المفاوضات بسبب التعنت الإسرائيلي»، وقال: «كانت القيادة الفلسطينية حريصة على عدم انهيار الجهود العربية والدولية، خصوصا الأميركية، وبذلت السلطة كل ما بوسعها للتعاون مع المبعوث الأميركي». لكنه اتهم نتانياهو في المقابل «بتعطيل هذه الجهود لأن من الواضح ان هذه الحكومة (الإسرائيلية) ليست لديها مصلحة ولا قرار بإحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة». طبيعة اللقاء الوزاري بدوره، علّق كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بأن «وقف الاقتحامات للمدن ومناطق (أ) وإعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات الفلسطينية في القدس وإدخال المواد الغذائية والمواد الضرورية الى قطاع غزة وتنفيذ إعادة الانتشار الثالثة» تعتبر مطالب فلسطينية، وهي تندرج ضمن الالتزامات المتوجب على إسرائيل تنفيذها كما تنص «خريطة الطريق». وأكد لوكالة «فرانس برس» ان ميتشل «لم يطلب استئناف المفاوضات في مقابل تنفيذ هذه الالتزامات الواجبة على إسرائيل، بل قال إن كل هذه المسائل يتم بحثها في المحادثات بين الطرفين». وأضاف: «لا يزال من المبكر الحديث عن استئناف المفاوضات لأن ممارسات إسرائيل، خصوصاً مواصلة الاستيطان، لا تدل على جديتهم في استئناف مفاوضات حقيقية وجادة يكون وقف الاستيطان في شكل كامل خصوصاً في القدس مقدمة لها». وقال مسؤول فلسطيني أمس أن الرئيس عباس يعكف على درس اقتراح ميتشل لاستئناف المحادثات مع إسرائيل على مستوى منخفض، أي على مستوى وزاري. وفيما تحدثت مصادر فلسطينية عن محادثات مع إسرائيل على مستوى وزاري أو دون ذلك لبحث تضييق الخلافات المتعلقة «بالقضايا الأساسية» في مفاوضات السلام المعلقة، قالت مصادر سياسية اسرائيلية انها ليست على دراية بقضايا ثانوية محددة مثل السجناء ستبحث في هذا الاجتماع. وقال مسؤول فلسطيني: «عقد اجتماع منخفض المستوى مع الإسرائيليين يتناول قضايا تتعلق بالحياة اليومية للفلسطينيين لن يكون بديلاً عن المفاوضات السياسية». وأضاف ان عباس الذي يواجه ضغطاً أميركياً للعودة الى محادثات السلام، سيناقش أفكار ميتشل مع القادة العرب خلال الأيام المقبلة «سعياً الى دعم العرب لموقف الفلسطينيين». وفي إشارة الى ترحيب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أول من أمس «بأفكار جديدة» غير محددة لميتشل في شأن المحادثات، قال مسؤولون إسرائيليون إن حكومتهم مستعدة للمشاركة في مناقشات تتوسط فيها الولاياتالمتحدة مع المسؤولين الفلسطينيين. ميتشل في القاهرة وكان ميتشل التقى مساء اول من امس في القاهرة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي إن «اللقاء تناول تفاصيل الجهد الأميركي الهادف إلى توفير الأرضية والظروف المناسبة لإعادة إطلاق العملية التفاوضية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفقاً لأسس واضحة». وأشار إلى أن «الوزيرين ناقشا مع ميتشل الأفكار المصرية في هذا الشأن في ضوء التشاور القائم بين الجانبين المصري والأميركي في الموضوع، وتم الاتفاق على استمرار العمل الجاد بهدف توفير الظروف التي تسمح بتحقيق الهدف» المتمثل بمعاودة التفاوض. جولة عباس الدولية في غضون ذلك، قال المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد ان الهدف من الجولة هو شرح الموقف الفلسطيني لقادة هذه الدول التي قال انها تلعب دوراً مهماً من خلال تمثيلها في اللجنة الرباعية الدولية التي تضم كلاً من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة. وأضاف ان عباس سيشرح لقادة الدول الثلاث الكبرى الأسباب الحقيقية التي تحول دون اعادة اطلاق المفاوضات، ودواعي الموقف الفلسطيني المطالب بوقف الاستيطان قبل العودة للمفاوضات. وتابع حماد ان الجانب الفلسطيني متمسك بموقفه الرافض للعودة الى المفاوضات من دون وقف كامل للاستيطان، مضيفاً: «المطلوب الآن من الجانب الأميركي واللجنة الرباعية الدولية الضغط على إسرائيل لوقف هذه السياسات". من جانبه، قال الناطق الرئاسي نبيل أبو ردينة ان عباس وميتشل اتفقا في اللقاء الأخير الذي عقد في عمان على مواصلة الاتصالات من أجل اعادة اطلاق المفاوضات. لكن ابو ردينة قال ان الوقت ما زال مبكراً للحديث عن انطلاقة حقيقية للمفاوضات.