تزحف حشود المعارضة اليوم من أحياء عدة في القاهرة إلى قصر الاتحادية الرئاسي في حي مصر الجديدة للاعتصام طلباً لإسقاط الرئيس المصري محمد مرسي، فيما يرابط أنصار الرئيس في ميدان رابعة العدوية في حي مدينة نصر القريب من القصر تأهباً لما ستسفر عنه مسيرات المعارضة، وبينهما تراقب وحدات الجيش المنتشرة في الشوارع الأوضاع الميدانية المحتقنة التي تُنذر بمواجهات دامية بين الفرقاء في حال أخذت التظاهرات منحى عنيفاً كما حدث في غالبية المحافظات أول من أمس. وأعلنت حملة «تمرد» التي قالت إنها جمعت 22 مليون توقيع لعزل مرسي أنها ستنظم اليوم مسيرات إلى قصر الاتحادية تنطلق من ميدان الحجاز في مصر الجديدة وميدان الساعة في مدينة نصر وميدان المطرية ومن أمام جامعة عين شمس، ومسيرات أخرى إلى ميدان التحرير تنطلق من مساجد مصطفى محمود في حي المهندسين والاستقامة في الجيزة والسيدة زينب في حي السيدة زينب على أن تنطلق مسيرة كبرى ليلاً من التحرير لتنضم إلى المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، فضلاً عن التظاهر في مختلف ميادين المحافظات والاعتصام فيها لحين «رحيل النظام». وكان ميدان التحرير استعاد ليلة السبت أجواء ثورة 25 يناير، فاكتظ بعشرات الآلاف من المحتجين، ما يشير إلى حشد مليوني مرتقب للمعارضة اليوم. وهتف الآلاف في الميدان للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس محمد مرسي، وأعادوا إلى الذاكرة هتافات الثورة: «ارفع راسك فوق أنت مصري» و «ارحل» و «الشعب يريد إسقاط النظام». ورفرفت آلاف الأعلام المصرية في سماء الميدان على وقع الأغاني الوطنية التي ألهبت حماسة المتظاهرين. وقضى الآلاف ليلتهم في الميدان وغادروه من دون حدوث ما يُكدر الصفو، فيما كانت المحافظات مشتعلة بالاشتباكات. وبدأ آلاف المتظاهرين اعتصاماً في ميدان التحرير، وأمام قصر الاتحادية الرئاسي وفي ميادين عدة في المحافظات، أبرزها ميدان الشون في مدينة المحلة في محافظة الغربية وفي ميدان الشهداء في بورسعيد وفي ميادين أخرى في دمياط والسويس والدقهلية ومحافظات أخرى. ولوحظ تزايد أعداد خيام المعتصمين في التحرير وأمام قصر الرئاسة الذي أحاطته إجراءات أمنية مشددة، إذ تم سد الطريق الرئيسي المؤدي إلى بواباته بكتل خرسانية ضخمة اعتلاها المتظاهرون ورفعوا صوراً لمرسي تندد بنظام حكمه. ونصب المعتصمون منصة كبيرة بالقرب من بوابة القصر وعلقوا لافتات تطالب الرئيس بالرحيل وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. في المقابل، واصل آلاف الإسلاميين المؤيدين للرئيس مرسي اعتصامهم في ميدان «رابعة العدوية»، وأغلقوا شارع الطيران الرئيسي بعدما سُمع دوي إطلاق نار في محيط الاعتصام فجراً. وقال حزب «الحرية والعدالة» إنه تم «الاعتداء على معتصمي رابعة العدوية من ناحية شارع الطيران». وشوهد مئات من مؤيدي مرسي يؤدون تدريبات «قتالية» في محيط الاعتصام ممسكين بعصى خشبية وحديد، ومرددين هتافات حماسية منها: «قوة عزيمة إيمان رجالة مرسي في كل مكان» و «قوة عزيمة إيمان مرسي بيضرب في المليان». ووصفت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية العروض التي نظمها مؤيدو الرئيس بأنها «شبه عسكرية». في غضون ذلك، زادت أعداد ضحايا المصادمات بين حشود الموالاة والمعارضة منذ الأربعاء الماضي إلى 8 قتلى هم: اثنان في مدينة المنصورة واثنان في الشرقية و3 قتلى في الإسكندرية وقتيل في بورسعيد، فضلاً عن مئات الجرحى، أصيب بعضهم بطلقات نارية وخرطوش. وكان انفجار وقع مساء أول من أمس بين حشود المتظاهرين في ميدان الشهداء وسط مدينة بورسعيد، خلف قتيلاً وعدد من الجرحى. وقالت مديرية أمن بورسعيد إن خبراء المفرقات فحصوا موقع الانفجار لتحديد ماهيته، لكن وكالة «رويترز» نقلت عن مصادر أمنية لم تسمها القول إن الانفجار ناجم عن قنبلة بدائية الصنع. وأوضحت المصادر: «عثر على آثار مادة متفجرة على أجسام بعض المصابين وعددهم 15». وكان مؤيدون لمرسي توعدوا في تظاهرات نظموها يوم الجمعة قبل الماضي المعارضين بتنفيذ تفجيرات في حال أصروا على إسقاط الرئيس. وفي وقت لاحق، تجمع آلاف أمام مقر حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، في المدينة واقتحموه وأحرقوه. وشيع آلاف أمس شاب ثلاثيني يعمل مراسلاً صحافياً لجريدة محلية قضي في التفجير، وسط هتافات معادية للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان، وبمشاركة مدير أمن بورسعيد اللواء سيد جاد الحق وقيادات الجيش. وفي الإسكندرية قُتل 3 أشخاص بينهم شاب أميركي يُدعى أندرو بوشتر (21 سنة) إثر تلقيه طعنة نافذة في الصدر خلال تصويره الاشتباكات بين أنصار مرسي ومعارضيه أمام مقر حزب «الحرية والعدالة» في حي «سيدي جابر» الذي اقتحمه المتظاهرون وأحرقوه. وشيع آلاف أمس صبياً قُتل في الاشتباكات، وسط هتافات منددة بمرسي والإخوان. وزاد سقوط قتلى من حدة الاحتقان بين الفرقاء، خصوصاً بعدما أظهرت لقطات فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لاشتباكات الجمعة استخدام الطرفين الأسلحة النارية والخرطوش في مواجهة الآخر، وكمّاً من العنف يُنذر بصدامات دامية في حال تواجه الجمعان. وانتشرت على نطاق واسع مقاطع فيديو تُظهر قوات من الشرطة تواجه إلى جانب المتظاهرين أفراداً بدوا مسلحين هم على الأرجح من أنصار الرئيس، ومشاهد أخرى تُظهر إلقاء المتظاهرين المعارضين في ميدان الشون بالمحلة القبض على رجل مسلح وتسليمه لأفراد الشرطة الذين أنهال بعضهم عليه ضرباً وركلاً. وأثارت تلك اللقطات انتقادات حادة من أعضاء جماعة الإخوان وأنصار الرئيس على مواقع «التواصل الاجتماعي» لنهج الشرطة في التعامل مع التظاهرات، واعتبر البعض أن الشرطة تسعى إلى الانتقام من الإخوان، فيما أمرت النيابة العامة بحبس 15 متهماً أوقفتهم الشرطة في مكمن في منطقة المرج على أطراف العاصمة وبحوزتهم أسلحة نارية وذخائر. وقال ضباط الشرطة الذين أوقفوا المتهمين إنهم ضبطوا بحوزتهم استمارات ورقية لحركة «تجرد» الداعمة للرئيس مرسي، فيما نفى المتهمون تلك التهم. في غضون ذلك، انتشرت قوات الجيش بكثافة أمام منشآت حكومية عدة، وكثفت من وجودها أمام البنك المركزي في القاهرة ومقر البورصة وعلى طريق المطار، وأمام المقار الأمنية ودواوين المحافظات.