بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارة تاريخية لجنوب أفريقيا المنشغلة بتطور الوضع الصحي لبطل مقاومة نظام التمييز العنصري الرئيس السابق نيلسون مانديلا الذي لا يزال في حال حرجة. وفيما تجمع صحافيون قدموا من أنحاء العالم ومواطنون أمام مستشفى في بريتوريا، حيث يُعالج مانديلا، وهم يصلون ويبتهلون ويلتقطون الصور ويوقدون الشموع، احتشد حوالى 200 من النقابيين والطلاب وأعضاء الحزب الشيوعي قرب المستشفى للاحتجاج على زيارة أوباما، واصفين سياسته الخارجية بأنها «متعجرفة وأنانية وقمعية». وقال خوموتسو ماكولا (19 سنة)، وهو طالب في القانون: «علقنا آمالاً كبيرة على أول رئيس أميركي أسود، وتوقعنا أكثر منه لأنه على دراية بتاريخ أفريقيا، لكنه أصابنا بخيبة، وأعتقد بأن شعور مانديلا مماثل». والتقى أوباما في بريتوريا الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما، فيما لم يعرف إذا سيستطيع زيارة مانديلا في المستشفى، علماً انه وصف الرئيس الجنوب أفريقي السابق في مستهل جولته الأفريقية في دكار أول من امس بأنه «بطل للعالم كله، وحين يغادر هذه الأرض نعرف جميعاً ان ارثه سيستمر عبر الأجيال». وقال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي لصحافيين في السنغال: «سنراعي بالكامل رغبات أسرة مانديلا، ونعمل مع ما تراه مناسباً». ويزور الرئيس الأميركي مدينة سويتو اليوم، ثم كاب غداً. وستكون محطته الأهم جزيرة روبن التي أمضى فيها مانديلا 18 من 27 سنة في سجون نظام التمييز العنصري، ما يمثل لحظة رمزية اخرى للرئيس الأميركي الذي كان زار اول من امس جزيرة غوري قبالة دكار التي تحولت رمزاً لبيع الأفارقة كرقيق في حقبات الاستعمار الأوروبي. وكان مانديلا أصيب في رئتيه خلال فترة سجنه في جزيرة روبن، جراء عمله في تكسير الحصى في محجر. وبعدما سرت شائعات كثيرة عن تدهور الحال الصحية لمانديلا، وصولاً الى تحدث البعض عن وفاته، أبدى الرئيس زوما استياءه لهذا الأمر، وكذلك حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي اكد ان الرئاسة وحدها مؤهلة لإصدار بيانات في شأن صحة مانديلا. في المقابل، وجهت اتهامات الى حزب المؤتمر الوطني الذي نظم صلوات في كل البلاد لأشهر اعضائه، باستغلال الحدث بعدما ارسل ناشطيه بباصات الى امام المستشفى في بريتوريا ليل اول من امس، للدعوة الى التصويت في الانتخابات العامة المقررة العام المقبل. وركزت زيارة اوباما لدكار على تحسين الأمن الغذائي ودعم المؤسسات الديموقراطية. وقال بعد لقائه الرئيس السنغالي ماكي سالفي إن «الولاياتالمتحدة والسنغال تتشاركان القيم ذاتها في ما يتعلق بالديموقراطية والحكم الرشيد». وزاد: «السنغال احدى الديموقراطيات الأكثر استقراراً في افريقيا، وأحد شركائنا الأكثر قوة في المنطقة. انها تسير في الاتجاه الصحيح بفضل إصلاحات لتعزيز المؤسسات الديموقراطية، ويمكن ان تصبح نموذجاً ممتازاً لباقي القارة». ولم تشهد السنغال، المستعمرة الفرنسية السابقة التي نالت استقلالها منذ 1960، اي انقلاب عسكري، وهو ما حرص الرئيس الأميركي على الإشادة به، خصوصاً أن منطقة غرب افريقيا تهزها اعمال عنف سياسية وعسكرية اهمها في مالي المجاورة الغارقة في ازمة منذ انقلاب آذار (مارس) 2012، والذي سرّع سقوط شمال مالي في ايدي جماعات إسلامية مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، قبل أن تتدخل فرنسا عسكرياً لطردها منه.