حدد الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني أمس، الخطوط العريضة للسياسة التي سينتهجها، مشيراً إلى انه سيسعى إلى «إنقاذ اقتصاد» بلاده، كما أعلن رغبته في «تفاهم جديد» مع الغرب، عبر «إحياء التواصل البنّاء مع العالم، من خلال الاعتدال». وشدد، في أول مؤتمر صحافي بعد انتخابه، على «أولوية إرساء علاقات ودية مع دول الجوار»، وخصّ بالذكر المملكة العربية السعودية مشيراً إلى أنها «ترتبط مع ايران بعلاقات ذات أبعاد ثقافية وتاريخية وإقليمية»، ما يشكل «قاعدة مناسبة للتعاون بين الجانبين». وتطرّق روحاني إلى الحرب في سورية، داعياً إلى انتظار انتخابات الرئاسة فيها العام 2014، «وبعد ذلك يكون القرار للشعب». ولفت إلى أن ايران «تخطت مرحلة» تجميد تخصيب اليورانيوم، متعهداً «مضاعفة الشفافية وتعزيز الثقة» مع المجتمع الدولي، لتسوية الملف النووي الإيراني ورفع العقوبات «الجائرة» عن بلاده. وقال أنه لن ينسى وعوده الانتخابية، وسيشكّل «حكومة كفاءات لن تقتصر على تيار واحد، ولن تسمح بتوجيه إهانات واتهامات». وخاطب الايرانيين قائلاً: «ستتّبع حكومتكم أهدافاً قومية، على مسار إنقاذ اقتصاد البلاد وإحياء القيم والتواصل البنّاء مع العالم، من خلال الاعتدال». وأعلن رغبته في «تفاهم جديد» مع الغرب، مشدداً على أن «أولوية» الحكومة في السياسة الخارجية، هي «إرساء علاقات ودية مع كل دول الجوار، على أساس مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل». ورأى أن لمنطقة الخليج «أهمية استراتيجية»، واصفاً دول المنطقة بأنها «شقيقة، لاسيما المملكة العربية السعودية التي ترتبط مع ايران بعلاقات ذات أبعاد ثقافية وتاريخية وإقليمية». وأشار إلى أن «مئات الآلاف من الإيرانيين يؤدون سنوياً مناسك الحج والعمرة»، فيما «يزور رعايا (سعوديون) كثيرون إيران»، لافتاً إلى «وجود قاعدة مناسبة للتعاون بين الجانبين». وذكّر بأنه وقّع باسم إيران العام 1991، مذكرة تفاهم أمنية مع السعودية، مضيفاً: «آمل بأن نقيم في ظل الحكومة المقبلة، علاقات جيدة مع الدول المجاورة، والسعودية خصوصاً». ووصف روحاني العقوبات المفروضة على بلاده بسبب برنامجها النووي، بأنها «جائرة وغير مبررة»، معتبراً أنها «تضرّ الغرب وتفيد فقط إسرائيل». وشدد على أن الملف النووي الإيراني «لا يمكن تسويته إلا عبر مفاوضات»، وزاد: «سنقوم بخطوتين لإنهاء العقوبات، الأولى مضاعفة الشفافية في برنامجنا النووي، والثانية تعزيز الثقة بين ايران والمجتمع الدولي وتفعيل المحادثات مع الدول الست. بعبارة أخرى سنعمل لرفع العقوبات، باتباع سياسة الخطوة خطوة». لكنه رفض تجميد تخصيب اليورانيوم، معتبراً أن ايران «تخطت هذه المرحلة». ونبّه إلى أنه كان توصّل مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى «اتفاق نهائي حول الملف النووي قبل سنوات، لكن البريطانيين لم يوافقوا عليه، بفعل ضغوط الأميركيين». ووصف «العلاقات بين إيران وأميركا» بأنها «قضية معقدة وصعبة... جرح قديم يحتاج علاجاً». ودعا الولاياتالمتحدة إلى «التطلع إلى المستقبل»، معتبرا أن المفاوضات المباشرة بين البلدين ممكنة فقط إذا تعهدت واشنطن «ألا تتدخل في شؤوننا، وإذا اعترفت بحقوق ايران، لا سيما تلك النووية». وأفادت وكالة «رويترز» بأن المؤتمر الصحافي لروحاني «اختُتم فجأة» حين صرخ رجل: «تذكّر يا روحاني، مير حسين يجب أن يكون حاضراً» في إشارة إلى الزعيم المعارض مير حسين موسوي الخاضع لإقامة جبرية منذ 2011. وأفادت الوكالة بأن حراساً أبعدوا الرجل. في غضون ذلك، قال مصدر قريب من روحاني إن الأخير يدرس خيارات، بينها تعيين وزير الخارجية السابق علي اكبر ولايتي، في منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، بدل سعيد جليلي. وأضاف أن المرشح الأبرز لتولي الخارجية هو الدكتور محمود واعظي، نائب روحاني في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام. وزاد أن الرئيس المنتخب يرغب في الاستفادة من خبرة وزير الخارجية علي أكبر صالحي في المفاوضات النووية. ولفت المصدر إلى أن الموقف الإيراني من سورية لن يتغيّر خلال الأشهر الستة المقبلة، بسبب انشغال روحاني بترتيبات تسلّمه الرئاسة وتشكيل فرق العمل والحكومة. ودعا المعارضة السورية إلى «فتح حوار مع الرئيس المنتخب، لصوغ تصوّر يخدم الشعب السوري وينهي مأساته». إلى ذلك، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، أن ايران تحقّق «تقدماً مضطرداً» في برنامجها النووي رغم العقوبات، فيما رأت ألمانيا أن ثمة حاجة «ملحة» لتسوية الملف النووي الإيراني سريعاً.