تتّجه الأنظار، في إيران وخارجها، إلى السياسة التي سيتّبعها الرئيس المنتخب حسن روحاني لمواجهة الاستحقاقات والتحديات، فيما بدأ الأخير مشاورات لتشكيل حكومة، منبّهاً مواطنيه إلى أن حلّ المشكلات الاقتصادية لن يتحقّق «بين ليلة وضحاها». والتقى روحاني مرشد الجمهورية علي خامنئي الذي تمنى له «النجاح والتوفيق»، وقدم له «توجيهات لازمة». ولقي انتخاب روحاني ترحيباً من قادة عرب ودوليين. وبعث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ببرقية تهنئة الى الرئيس الإيراني المنتخب، قال فيها: «يسرنا بمناسبة فوزكم أن نبعث باسم شعب وحكومة المملكة وباسمنا أجمل التهاني وأطيب التمنيات بموفور الصحة والسعادة لكم، والتقدم والازدهار لشعب إيران، مشيدين بما عبّرتم عنه في تصريحاتكم من حرص على التعاون وتحسين العلاقات بين بلدينا الشقيقين، متمنين للجميع دوام التوفيق والسداد». وتمنى الرئيس السوري بشار الأسد لروحاني «النجاح والتوفيق بعد نيله ثقة الملايين من الشعب الإيراني الصديق». وأكد في رسالة تهنئة، «عزم سورية على تعزيز علاقات الصداقة وتطوير التعاون مع إيران في جميع المجالات، وفي مقدّمها مواجهة خطط العدوان والهيمنة والاعتداء على السيادة الوطنية في منطقتنا». في المقابل، دعا «الائتلاف الوطني السوري» المعارض روحاني إلى «تدارك الأخطاء التي وقعت فيها القيادة الإيرانية، وتأكيد الأهمية القصوى لإصلاح الموقف الإيراني» من الحرب في سورية. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فشكّك في الدور الذي سيؤديه روحاني، إذ حضّ المجتمع الدولي على «ألا يستسلم للأماني الطيبة أو الإغراء، وألا يخفف ضغطه على إيران لتوقف برنامجها النووي». لكن دنيس ماكدونو، أبرز موظفي البيت الأبيض، اعتبر أن انتخاب روحاني «مؤشر إلى أملٍ محتمل»، مضيفاً أن الأخير «سيجد فينا شريكاً»، إذا أوفى بواجباته في إثبات الطابع السلمي ل «البرنامج النووي غير الشرعي» الإيراني. وزاد: «إذا كان (روحاني) مهتماً، كما قال خلال حملته الانتخابية، بإصلاح علاقات إيران مع دول العالم، ثمة فرصة ليفعل ذلك». وفي خطوة ذات دلالة، زار رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني الرئيس المنتخب في مكتبه في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام، معرباً عن استعداد البرلمان الذي يسيطر عليه الأصوليون، للتعاون مع روحاني لمعالجة المشكلات التي تواجهها البلاد، والسيطرة على التضخم والبطالة. وشدد على أن «المجلس سيبدي في هذا الظرف الحساس، تعاوناً وثيقاً مع الرئيس المنتخب والحكومة الجديدة، لتحقيق إرادة الشعب وإصلاح الأمور». وأشار روحاني إلى أنه بدأ مشاورات حول آلية التعاون مع البرلمان، مضيفاً: «ناقشنا نقاطاً مهمة تواجهها البلاد، وتحديداً ما يتّصل بالتعاون بين الحكومة والبرلمان». ولفت إلى أن «الشعب الإيراني أظهر، باحتفالاته (ليل السبت – الأحد)، أنه يتطلع بأمل إلى المستقبل، والأخلاق والاعتدال سيحكمان البلاد بإذن الله». وأعلن أنه سيجري «مشاورات مع شخصيات مختلفة، لإيجاد حلول ناجعة لتسوية مشكلات البلاد»، مستدركاً أن هذه المشكلات «لن تُسوّى بين ليلة وضحاها، ويجب التشاور مع أصحاب الخبرة والتجربة لحلّها تدريجاً». روحاني الذي يعقد اليوم أول مؤتمر صحافي بعد انتخابه، رأى أن ثمة فرصة جديدة «في الساحة الدولية، للذين يحترمون حقاً الديموقراطية والتعاون والتفاوض الحرّ». وكان «الحرس الثوري» شكر «الشعب الذي اثبت ولاءه ووفاءه للنظام»، كما هنّأ روحاني بانتخابه، معلناً «استعداده الشامل للتعاون مع حكومته، في إطار الواجبات والوظائف القانونية المسندة إليها». وتواجه الرئيس المنتخب استحقاقات على المستويين الداخلي والخارجي، إذ يتطلع الإيرانيون إلى كبح التضخم والغلاء، وإنهاء التداعيات السلبية لخطة رفع الدعم عن سلع أساسية التي نفذتها حكومة الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد، فيما تعاني القطاعات الاقتصادية والصناعية والتجارية ركوداً يزيد من البطالة بين الشباب وخريجي الجامعات، بسبب العقوبات المفروضة على إيران على خلفية برنامجها النووي. وسيشكّل هذا البرنامج والعلاقات مع الغرب، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، أولوية في السياسة الخارجية لروحاني. وأبلغت مصادر مقرّبة من الرئيس المنتخب «الحياة» أن الأخير يريد إنهاء المحادثات المتعثرة مع الدول الست المعنية بالملف النووي، ويرغب في وضع برنامج جديد يستند إلى حوار مباشر مع هذه الدول (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، كلّ على حدة، لتوضيح الموقف الإيراني. ويعني ذلك بالضرورة فتح حوار مباشر مع الولاياتالمتحدة. وأشارت المصادر إلى أن أسس السياسة الخارجية لحكومة روحاني، سترتكز إلى تعزيز الثقة والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤون آخرين والاحترام المتبادل.