كان من المقرر أن يصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل الاسبوع الجاري، لكن مسؤولين فلسطينيين أكدوا أمس انه لم يحدد بعد موعد الزيارة، الأمر الذي يؤشر الى أنه لم يحقق أي تقدم في مهمته الرامية الى إعادة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى طاولة المفاوضات. وعادة ما يعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة مواعيد زيارات الضيوف الى الرئاسة، لكنه أعلن أمس في بيان رسمي: «ما زلنا في انتظار تحديد موعد زيارة كيري». وجدد تأكيد موقف الرئيس محمود عباس من استئناف المفاوضات المتمثل ب «وقف الاستيطان وإطلاق الأسرى». كما اكدت وسائل الاعلام الاسرائيلية تأجيل زيارة كيري، وذكرت صحيفة «اسرائيل هايوم» التي تعتبر مقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه كان من المقرر ان يصل كيري الى المنطقة اليوم، الا انه اجل الزيارة «لمنح الرئيس عباس مزيداً من الوقت» لاتخاذ قرار في شأن التخلي عن اصراره على شرط تجميد الاستيطان قبل العودة الى المفاوضات. ورجحت ان تتم الزيارة الاسبوع التالي، في حين اكدت الاذاعة الاسرائيلية انه لم يعلن بعد عن الموعد الجديد لجولة كيري. وجاء بيان أبو ردينة بعد ساعات من اعلان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، إن جهود كيري لعودة المفاوضات «لم تفض إلى أي تقدم حتى اللحظة». وقال لاذاعة «صوت فلسطين»: «المهلة التي تم منحها لكيري انتهت، وليس أمامه وقت مفتوح». واضاف: «لا توجد مؤشرات ودلائل الى حدوث تقدم أو تبديل في المواقف الإسرائيلية لجهة وقف الاستيطان وإطلاق الأسرى والاعتراف بدولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967»، معتبراً أن إسرائيل «لا تريد حلاً، بل تريد فرض الأمر الواقع». وفي تعبير عن التشاؤم ازاء فرص حدوث اختراق في العملية السلمية المتوقفة منذ اربع سنوات، قال: «مهمة كيري لا تقف على أرضية صلبة»، و»الأجواء ليست مبشرة للعودة الى المفاوضات». وكان كيري أبلغ الجانب الفلسطيني بحاجته الى عشرة أسابيع انتهت في 23 أيار (مايو) الماضي لعرض خطته لاستئناف المفاوضات، لكنه أخفق في التقريب بين الطرفين مع نهاية المدة المذكورة، فطلب منحه أسبوعين اضافيين، أعلن في اعقابهما انه يريد «المزيد من الوقت». وبحسب عبد ربه ومسؤولين آخرين في السلطة، بينهم وزير الخارجية رياض المالكي، فإن كيري كان ابلغ الجانب الفلسطيني انه سيزور البلاد الاسبوع الجاري، غير أنه عاد وأرجأ موعد الزيارة. وزاد تشاؤم الفلسطينيين ازاء قدرة كيري على التوصل الى اتفاق مقبول مع الجانب الاسرائيلي للعودة الى المفاوضات بعد ظهور تقرير جديد أول من أمس يبين أن معدلات البناء في المستوطنات زادت في الثلث الأول من هذا العام بنسبة 176 في المئة. وأعلنت حركة «سلام الآن» الاسرائيلية في تقرير لها استندت فيه الى احصاءات الجهاز المركزي للاحصاء في اسرائيل، أنه تم الشروع في بناء 865 وحدة استيطانية في الفترة بين كانون الثاني (يناير) وآذار (فبراير) من العام الحالي، ما يمثل ثلاثة أضعاف معدلات البناء في الفترة نفسها من العام السابق. وتعطي الحكومة الاسرائيلية الاولوية للاستيطان في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، خصوصاً القدس. وأعلن نائب وزير الجيش داني دانون أمس أن الحكومة لن توقف الاستيطان، ولن تقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات ل «الحياة» إن «تصريحات دانون تمثل البرنامج الفعلي للحكومة»، مضيفاً: «تصريحاته تعكس حقيقة هذه الحكومة وأولوياتها المتمثلة في بناء الاستيطان». وتابع: «دانون نفسه مستوطن». واصطدمت جهود وزير الخارجية الاميركي بإصرار الفلسطينيين على وقف الاستيطان، وإصرار حكومة نتانياهو على مواصلته. وتقول مصادر ديبلوماسية غربية انه يحاول البحث عن حل وسط مقبول للطرفين لكنه لم ينجح حتى الآن، مشيرة الى أنه يحاول اقناع نتانياهو بإطلاق 104 أسرى فلسطينيين معتقلين منذ ما قبل اتفاق اوسلو عام 1993 لتشجيع الفلسطينيين على العودة الى المفاوضات، لكنه لم ينجح بعد في ذلك ايضا. وعرض كيري على الفلسطينينين خطة لإعادة إنعاش اقتصادهم المتداعي تتضمن ضخ اربعة بلايين دولار في المفاصل الاساسية لهذا الاقتصاد. لكن المسؤولين الفلسطينيين اكدوا أن القضية الفلسطينية هي قضية سياسية، وأن العنصر الاقتصادي لا يغني عن الجانب السياسي.