عادت «حرب الجواسيس» الأميركية – الروسية لتتصدر المشهد وتنذر بمزيد من التأزم في العلاقات بين الجانبين، إذ أعلنت السلطات الروسية أمس اعتقال رايان كريستوفر فوغل، السكرتير الثالث في السفارة الأميركية في موسكو، بعد ضبطه متلبساً بتجنيد ضابط في الاستخبارات الروسية لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أي». ونشرت شعبة العلاقات العامة في هيئة الأمن الفيديرالي الروسي (كي جي بي سابقاً) صوراً لاعتقال الديبلوماسي الأميركي المتهم بأنه «عميل ل «سي آي أي»، وعملية دهم مقر إقامته حيث كشفت الشعبة العثور على تقنيات للمراسلة السرية وأدوات تنكر ومبالغ مالية ضخمة. ولم توضح الهيئة تفاصيل العملية، لكنها أشارت إلى أن اعتقال فوغل يأتي بعد تزايد محاولات الاستخبارات الأميركية تجنيد عاملين في دوائر الأمن والأجهزة الخاصة الروسية. وأوردت أن «كريستوفر أوقف خلال تسليمه مبلغاً من المال إلى العميل الروسي الذي جنّده، إضافة إلى دليل عمل مكتوب باللغة الروسية يوضح كيفية التصرف». وأشارت الهيئة إلى استجواب المعتقل، وتسليمه بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقه، إلى مسؤولي السفارة الأميركية، بسبب تمتعه بحصانة ديبلوماسية». وأعقب ذلك، مطالبة وزارة الخارجية الروسية الديبلوماسي الأميركي بمغادرة البلاد باعتباره «شخصاً غير مرغوب فيه نفذ عملاً استفزازياً بروح الحرب الباردة التي لا تخدم محاولة تعزيز الثقة المتبادلة». وقررت الخارجية الروسية استدعاء السفير الأميركي لديها مايكل ماكفول اليوم للبحث في مسألة «الديبلوماسي العميل» التي أعادت إلى الأذهان سجل النشاط التجسسي الحافل بين البلدين. ورأى خبراء أن موسكو نجحت عبر تعقب الجاسوس واعتقاله، في الانتقام من توجيه الأميركيين عام 2010 ضربة قوية إلى الروس عبر تفكيك شبكة تجسس ضمت 11 شخصاً، أبرزهم آنا تشابمان التي أطلق عليها لقب «الجاسوسة الحسناء». ونشطت الشبكة في جمع معلومات استخباراتية، مع محاولة تشابمان الإيقاع بشخصيات أميركية بارزة. وانتهت القضية حينها بسيناريو مشابه ل «الحرب الباردة»، إذ أفرجت واشنطن عن الجواسيس في مقابل إطلاق موسكو معارضين روساً متهمين بالتجسس لمصلحة الغرب. ورجح الخبراء أن تحدث القضية هزة جديدة في العلاقات الثنائية التي تمر بمرحلة حرجة، في ظل محاولة موسكووواشنطن تقريب وجهات النظر بينهما، وإنهاء الخلافات في عدد من الملفات. وكان لافتاً كشف موسكو اعتقال الجاسوس لدى اجتماع وزيري خارجية البلدين لمناقشة تقريب وجهات النظر في الملف السوري. ولا يستبعد أن تتحول «حرب الجاسوسية» إلى ملف جديد على جدول أعمال اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الشهر المقبل، والمثقل بالخلافات في الأصل.