واشنطن، نيقوسيا - أ ف ب، رويترز - تلقت العلاقات الروسية - الأميركية ضربة اعتبرتها أوساط في موسكو «مقصودة وموجهة»، بعد إعلان واشنطن كشف نشاط شبكة تجسس روسية في الولاياتالمتحدة حيث اعتقل 9 من أفرادها، فيما اعتقل عاشر في قبرص. ونفت الخارجية الروسية صحة ما وصفته بأنه «مزاعم لا أساس لها» وتحدثت عن «عودة البعض الى تكتيكات عهود الحرب الباردة»، مشيرة الى ان مواطنيها المعتقلين لم يقوموا بأي نشاط مناهض للمصالح الاميركية. وبدا بذلك أن شهر العسل في العلاقات بين موسكووواشنطن والذي سعى إليه جاهداً الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، لم يدم طويلاً، اذ لم تكد تمضي ايام على زيارة ميدفيديف التي وصفها الكرملين بأنها «ناجحة جداً» للولايات المتحدة، حتى فجرت واشنطن فضيحة تجسس من «طراز عهود الحرب الباردة»، كما قال الناطق باسم الخارجية الروسي اندريه نيستيرينكو أمس. وفوجئت موسكو بهذا التطور وتوقيت إعلانه، اذ التزمت الصمت لساعات قبل ان يبادر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المتواجد في القدس، إلى طلب توضيحات من واشنطن حول المسألة. كذلك ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» ان الرئيس الاميركي باراك اوباما منزعج من التوقيت لكن جهاز التحقيقات الفيديرالي اوضح انه كان يخشى فرار بعض المشتبه بهم الى خارج البلاد. وفي أعقاب ذلك، وصف نيستيرينكو الإعلان عن اعتقال أفراد شبكة تجسس روسية، بأنه «عمل موجه وأهدافه غير بريئة». وبعد انتقاده «تكتيكات الحرب الباردة»، قال ان روسيا «أصيبت بالدهشة» خصوصاً ان هذا التطور أتى بعد مواقف معلنة وواضحة من جانب الادارة الاميريكية تصب باتجاه «اعادة تشغيل» العلاقات ومنحها زخماً. واعتبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه في موسكو الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون ان الشرطة الاميركية «خرجت عن السيطرة» في قضية التجسس المزعومة، وابدى امله في ان لا تؤثر القضية على العلاقات بين البلدين. وكانت وزارة العدل الأميركية أعلنت كشف نشاط شبكة ضمت 11 «جاسوساً» جمعوا على مدى عشر سنوات معلومات لمصلحة روسيا. واشارت الوزارة إلى أن الاستخبارات الخارجية الروسية سعت إلى «أمركة» عملائها ليتمكنوا مع جمع معلومات وتجنيد أشخاص مرشحين لأن يصبحوا مقربين من شخصيات سياسية نافذة في أميركا. وأشارت الوزارة إلى ان كشف الشبكة تطلب عملاً على مدى أكثر من سبع سنوات. انعكاسات خطرة واللافت ان وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية الرسمية نشرت تعليقاً اعتبرت فيه الحدث «ضربة اساسية موجهة لسمعة (الرئيس الأميركي باراك) اوباما وانجازاته على صعيد تطوير العلاقات بين البلدين والانفتاح في شكل عام». ورأت الوكالة أن الضحية الأولى لهذا الاعلان قد تكون معاهدة تقليص الاسلحة النووية التي تأجلت مصادقة الكونغرس عليها في الكونغرس الاميركي، كما أن نتائج زيارة ميدفيديف الى الولاياتالمتحدة باتت مهددة بالشطب، خصوصاً ما يتعلق بملفات حقق فيها الطرفان تقارباً كبيراً في المواقف ابرزها تلميح البيت الابيض الى دراسة الغاء تعديل «قانون جاكسون فينيك» الذي يفتح الباب نحو تعزيز المبادلات التجارية بين البلدين وايضاً موافقة واشنطن على الشروع بمحادثات انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية. واعتبرت مصادر ديبلوماسية روسية تحدثت إليها «الحياة» أن هذه «ليست المرة الأولى التي تسعى فيها قوى معينة في واشنطن إلى توجيه ضربة لجهود تحسين العلاقات». وأشار الرئيس السابق لهيئة (وزارة) الأمن الفيديرالي الروسي نيكولاي كوفالوف الى أن الحدث «شكل مفاجأة بالنسبة إلى اوباما نفسه، وهذه بلا شك ضربة مباشرة لسياسته». واعتبر كوفالوف ان ما نشر حول أسلوب تبادل المعلومات ونقل الاموال في اكياس دفنت في حدائق عامة يبدو «اقرب الى لعبة هواة» في حين «توجد آلاف الوسائل الآمنة حالياً لتبادل المعلومات والاموال». وكان مايكل فابيارس، المسؤول في النيابة العامة الأميركية، أعلن أنه يعتبر أن الاعتقالات ليست سوى جزء «من جبل الجليد» في إشارة إلى معطيات أخرى ما زالت بحوزة الامن الفيديرالي الاميركي. وأعلنت وزارة العدل الأميركية أن «شبكة التجسس» الروسية كانت تعمل على جمع معلومات عن مواقف واشنطن في المفاوضات حول عقد المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية (ستارت-2) ، والخطط الأميركية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وقضية أفغانستان والوضع في آسيا الوسطى. ومثل خمسة من المتهمين أمام محكمة بمانهاتن وهم: الزوجان ريتشارد وسينثيا ميرفي اللذان اعتقلا في ولاية نيوجرسي، وفيكي باليز وخوان لازارو اللذان اعتقلا في نيويورك، وآنا تشابمان التي اعتقلت في مانهاتن. واعتقلت الشرطة في بوسطن زوجين آخرين وهما دونالد هيثفيلد وتريسي فولي. اما المتهم العاشر كريستوفر ميتسوس فاعتقل في قبرص، فيما كان يحاول ركوب طائرة الى بودابست بعدما وصل الى الجزيرة في 17 الشهر الجاري.