تنتخب «حركة مجتمع السلم» التي تمثل «الإخوان المسلمين» في الجزائر اليوم، رئيساً جديداً خلفاً لأبو جرة سلطاني الرافض للترشح لولاية جديدة. وتشهد الكواليس معركة استقطاب بين مرشحين بارزين هما عبدالرحمن سعيدي الذي يمثل مدرسة التعاون مع السلطة، وعبدالرزاق مقري الذي يرى أن «الوضع الطبيعي للحركة الوجود في المعارضة». ويعقد المؤتمر الخامس للحركة المعروفة اختصاراً باسم «حمس» تحت شعار «حركة تتجدد وطن ينهض»، في هدوء واضح بعيداً من خطاب التشنج الذي كان ميز المؤتمر الرابع مع ظهور أول موجة انشقاق في تنظيم «الإخوان» في الجزائر. وتتجه الحركة إلى الاختيار بين سعيدي، وهو رئيس مجلس الشورى التابع لها، ومقري، وهو نائب رئيس الحركة. وتداول المؤتمرون أمس على المنصة للتعقيب والتقويم والتثمين، بعد عرض سلطاني حصيلة ولايته الأخيرة على رأس الحركة. وقال في كلمة مطولة وزعت على الصحافيين: «ولئن كان إخواني شرفوني سنة 2003، برفعي فوق أكتافهم لأخدم وطني من موقع القيادة السياسية، فإنني ألتمس منهم اليوم إكرامي بإعفاء كامل أجد فيه فرصة أكبر أتفرغ فيها لأخدم ما هو أوسع من الحركة». وقال سلطاني: «أتحمل شخصياً المسؤولية المعنوية كاملة عن كل ما حدث من سلبيات بين آب (أغسطس) 2003 ونيسان (أبريل) 2013 (المدة التي تقلد فيها منصب رئيس الحركة)، وجاهز للمساءلة والحساب أمام المؤتمر وأمام مؤسسات الحركة المخولة غداً». وبدا أن قرار سلطاني عدم الترشح لولاية أخرى أعفاه من «عتاب» المؤتمرين في ما يخص موجة الانشقاق الثلاثية التي شهدها الحزب في فترة قيادته، بعد أن فرخ حزب «جبهة التغيير» و «تجمع أمل الجزائر» و «حركة البناء الوطني». ولاحظت «الحياة» في كواليس المؤتمر ميل الكفة مبدئياً إلى مصلحة مقري لقيادة الحزب. ويعد مقري أحد أبرز القياديين الذين هندسوا قرار الطلاق مع حزبي التحالف الرئاسي في كانون الأول (ديسمبر) 2011 ثم قرار الخروج من الحكومة، لكن خصومه يعيبون عليه «التهور» و «الميل التلقائي إلى رفض ما يأتي من جهة الحكومة». ويوصف منافسه سعيدي بالقيادي «المعتدل» بما أنه مدافع عن فكرة المشاركة مع السلطة، وهو إمام ومعروف بالدعوى إلى المصالحة، وانخرط أخيراً في منتدى لعلماء بلدان الساحل يروج للمصالحة في المنطقة، كما يعتبر نفسه وريث مدرسة مؤسس الحزب الراحل محفوظ نحناح ويساعده على ذلك انتسابه إلى مدينة البليدة (50 كلم جنوب العاصمة). وناقشت قيادات الحركة خيارات انتخاب رئيس الحركة في المؤتمر أو إحالة هذه المهمة على مجلس الشورى، إضافة إلى موقع سلطاني الذي تميل وجهات النظر إلى إبقائه ضمن الكوادر المديرة للحركة، وهو القرار الذي سيعلن اليوم. وشارك في مؤتمر الحركة الخامس نائب رئيس «حركة النهضة» التونسية عبدالفتاح مورو ورئيس «جبهة العمل الإسلامي» الأردنية حمزة منصور ورئيس «حزب التواصل» الموريتاني جميل منصور والداعية الموريتاني محمد الشهير حسن ولد الددو الذي كان وراء «الصلح» بين الحركة و»جبهة التغيير». كما حضر ممثلون عن حزب «العدالة والتنمية» وحركة «العدل والإحسان» المغربيين وحزب «السعادة» التركي و «العدالة والبناء» الليبي.