حصدت الحرب معلماً تاريخياً تراثياً جديداً في سورية بعدما دُمرت مئذنة الجامع الأموي الأثري في حلب ب «مدافع الدبابات» كما قالت المعارضة أو بقذائف «جبهة النصرة» كما قال النظام. وأعلنت «الجبهة الإسلامية السورية» امس أنها قصفت بلدة القرداحة، مسقط رأس الرئيس الأسبق حافظ الأسد بصاروخي «غراد»، وتحدثت أنباء أخرى عن اشتباكات بين «الجيش الحر» والقوات النظامية على قمة احد جبال الساحل السوري. في وقت أعلنت دمشق أنها تقبل أن يزورها الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً عن الأممالمتحدة وليس عن الجامعة العربية، اعلن «الائتلاف» عن «كثير من الريبة» من المواقف التي يستمر الإبراهيمي في تبنيها تجاه الثورة السورية، واعتبر سلوكه «معرقلاً لتقدم الحل في مجلس الأمن». واعتبر «الائتلاف» أن «قوات النظام ارتكبت جريمة جديدة بقصف مئذنة الجامع الأموي الكبير في حلب بقذائف الدبابات، ما أدى إلى سقوطها وتدميرها بالكامل»، معتبرة ذلك «جريمة ضد الحضارة الإنسانية، وفعلاً همجياً يليق ببرابرة لا ينتمون إلى أي من القيم الإنسانية». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان «انهارت مئذنة الجامع الأموي الأثري، الذي شهد محيطه اشتباكات عنيفة في الأسابيع والشهور الماضية»، مع تبادل طرفي النزاع السيطرة على المسجد الواقع في المدينة القديمة وسط حلب، والمدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو». وبث ناشطون معارضون أشرطة مصورة على موقع «يوتيوب» تظهر مكان المئذنة التي استحالت كتلة من الحجارة، في حين تبدو أجزاء أخرى من المسجد وقد لحقها دمار كبير ونخرها الرصاص. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إنه «من الممكن أن تكون المئذنة انهارت من تلقاء نفسها بسبب آثار المعارك العنيفة خلال الشهور الماضية». ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن شهود قولهم، إن قوات النظام قصفت المئذنة بالمدفعية على الأقل سبع مرات من دون إصابتها، لكن في المرة الثامنة استطاعت هدمها. وفي منطقة حلب، دارت اشتباكات كبرى أمس للمرة الأولى داخل مطار مينغ العسكري، وهو من أهم المواقع العسكرية الرئيسية للقوات النظامية في شمال البلاد. وقال عبد الرحمن إن «مقاتلي الكتائب المقاتلة الذي يحاصرون المطار منذ شهور تمكنوا من الدخول إليه فجراً» وإن «اشتباكات عنيفة تدور منذ الصباح في حرم المطار». وسيطرت القوات النظامية أمس على قرية في ريف دمشق وقال المرصد «سيطرت القوات النظامية على بلدة العتيبة بعد اشتباكات عنيفة استمرت أسابيع عدة استخدمت خلالها الطائرات الحربية والدبابات وراجمات الصواريخ». وقال حاكم «مصرف سورية المركزي» أديب ميالة «إن سورية على وشك الاتفاق مع روسيا وايران للحصول على دعم مالي لتعويض بعض الخسائر التي مني بها الإقتصاد السوري جراء أكثر من عامين من الأزمة والتي تجاوزت 25 بليون يورو». وقال ميالة الذي تحدث الى «رويترز من مكتبه «نحن بانتظار دعم مادي من الدول الصديقة من إيرانوروسيا... وهناك محادثات مع دول أخرى». وأضاف «عندما تدعم إيرانوروسيا الشعب السوري إذا كان من خلال مساعدات مادية أو من خلال توريد مواد غذائية هذا يوفر على خزينة الدولة شراء هذه المواد لكن كما قلنا نحن بصدد وضع الأحرف النهائية واللمسات الأخيرة على موضوع المساعدات المادية بشكل واضح». ولم يحدد ميالة المبلغ الذي ستحصل عليه سورية من روسيا وايران، لكنه قال ان «المساعدات المادية بشكل واضح ليست مهمة جداً في هذا الوقت نظراً لوجود احتياطات نقدية مهمة ما زالنا نتصرف بها، ومازلنا نستطيع أن نصد هذا الهجوم على سورية من خلالها».وفي نيويورك طغى تصاعد القتال في سورية، بمشاركة مقاتلين لبنانيين على المناقشات في مجلس الأمن أمس مع تحذير غالبية أعضاء المجلس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من مخاطر انتقال التوتر إلى لبنان وزعزعة استقراره. وحذر رئيس الدائرة السياسية في الأممالمتحدة جيفري فيلتمان من أن «الوضع في سورية يهدد الشرق الأوسط برمته» معتبراً أن «الأردن ولبنان هما في مقدمة المخاطر ويجب دعمهما بفعالية». وأشار إلى تبعات تورط لبنانيين في القتال في سورية «في جانبي النظام والمعارضة» داعياً إلى أن «تجد الحكومة الجديدة (بعد تشكيلها) طرقاً لتعزيز تقيد كل الأطراف اللبنانيين بسياسة النأي بالنفس التي تهدف إلى حماية لبنان من امتداد النزاع في سورية إليه». وأشار فيلتمان إلى إن الأمين العام «يدعو الأطراف اللبنانيين إلى احترام سياسة الرئيس ميشال سليمان الشجاعة والحكيمة في سياسة النأي بالنفس». واعتبرت السفيرة الأميركية سوزان رايس أن «حزب الله»، «يقوض سياسة النأي بالنفس» في لبنان من خلال الانخراط المباشر في القتال في سورية إلى جانب النظام ودعمه بالسلاح. وقالت إن الولاياتالمتحدة «قلقة بشكل جدي من سقوط مئات القتلى قرب دمشق خلال نهاية الأسبوع الماضي». وأكدت استمرار واشنطن في دعم الحل السلمي وفق «بيان جنيف». ودان السفير الروسي فيتالي تشوركين احتجاز المعارضة السورية الأسقفين الأرثوذكسيين بعد يومين من اجتماع المعارضة في إسطنبول معبتراً أن «هذا العمل إما أنه يعني أن تعهد المعارضة باحترام الأقليات لا صدقية له أو أن المعارضة لا تسيطر على الوضع الميداني» مشدداً على أن «الحادث وقع قرب الحدود التركية». وانتقد تشوركين قرار الاتحاد الأوروبي شراء النفط السوري من المعارضة معتبراً أن «ذلك سيدعم الجماعات المتطرفة والإرهابية وتحديداً جبهة النصرة ذات الصلة بتنظيم القاعدة».