يتداول كثير من الموظفين في الإدارات الحكومية في الأحساء، وبخاصة المعلمات، وكذلك عاملون في القطاع الخاص، رقم موبايل أم عبدالله، فهي بالنسبة لهم «الخيار المفضل في الأكل»، وتوفر هذه السيدة أطباقاً عدة يومياً، يبحث عنها العزاب والمتزوجون، ممن لا تسعفهم أوقاتهم للطبخ، وبخاصة في حال كان الزوجان موظفين. ولا تملك أم عبدالله مطعماً، فهي تمارس الطبخ من منزلها، ولكنها اكتسبت ثقة من تعاملوا معها، لجودة الأطباق التي تقدمها، وأسعارها المنافسة، وبخاصة لمن لديهم اشتراك شهري، عبر دفع مبلغ يغطي كلفة أطباق الشهر بكامله. وتقول ل «الحياة»: «أعمل في هذا المجال، منذ أكثر من 12 سنة، وعملي مقتصر على إعداد الأطباق الفردية. فيما أعرف أخريات، يقمن بإعداد ولائم لاحتفالات ومناسبات كبيرة، ممن تجاوزت خبراتهن 20 سنة». وتعلمت أم عبدالله، الطبخ من والدتها التي كانت معروفة في منطقتها بإعداد أطباق شعبية محددة. وتؤكد «لم نسوّق لأنفسنا على الإطلاق، وكل زبائننا جاؤوا من طريق العلاقات. فزبائننا القدامى ربطونا بآخرين جُدد وهكذا، حتى أنني أرفض تلقي طلبات جديدة، بسبب امتلاء جدولي». وتعمل هذه السيدة بمساعدة ابنتيها وزوجتي ابنيها. وكانت أم عبدالله، في بداية مشوارها، تُعد الطعام للجيران والأهل، وتتقاضى مبالغ بسيطة، وتوسعت لتطبخ في الولائم والمناسبات، حتى ذاع اسمها كطباخة شعبية، تجيد إعداد الأطعمة المحلية. وتؤكد أن «كثيراً من أصحاب المناسبات لا يفضلون طعام المطاعم، ويطلبوننا بالاسم، على رغم أن بعض المناسبات يحضرها وجهاء وأصحاب مناصب، إلا أن طعامنا غير، بحسب ما يقول من تذوقه». وتذكر «نبدأ العمل مبكراً، بحسب الطلبات، وغالباً ما يطلب الزبائن الأطباق الشعبية»، مضيفة «يكثر الطلب على أطباق بعينها مثل: «الهريس»، و»المفلق» و»الرز الحساوي» و»الكبسة» وأيضاً «المقلوبة»، وأصناف أخرى. وما يميزنا عن المطاعم أن الطعام يحتاج لنفس خاص، ونحن نملكه. كما نحافظ على النظافة، ونحرص على أن نشعر زبائننا أنهم جزء من أسرتنا، ويأكلون ما نأكله، ما ساهم في انتشارنا، واتساع رقعة زبائننا». وتجبر الطباخات، الزبائن على إحضار اللحوم، ولا يتكفلن بتوفيرها، وتعزو أم عبدالله ذلك، إلى أن «بعض الزبائن قد يشعرون أن اللحم أو الدجاج، وحتى الأسماك التي نحضرها، غير مرضية أو غير جيدة، لذا نحرص على أن يشارك الزبون في إعداد وجبته، وهذا يمنحه الثقة فينا أكثر، وأيضاً حتى لا نتكبد عناء توفير لحوم كثيرة، ما يضطرنا إلى تخزينها، وتبريدها، فلا تكون طازجة، ما يؤثر على الطعم». ويستفيد من الخدمات التي تقدمها أم عبدالله ومثيلاتها، أسر وجهات مختلفة، إلا أن القسم الأكبر من زبائنهن هم من الموظفين المغتربين، وبالتحديد الذين يسكنون شقق ومنازل العزاب. ويقول عبد العزيز الشمري، وهو موظف أعزب: «قبل أن أتعامل مع السيدات اللاتي يطبخن في منازلهن، كنت زبوناً دائماً على المطاعم، ولكنني تعبت من الأكل فيها، بعد أن زرت معظمها». وبدأ الشمري، تعامله مع أم عبدالله صدفة، «حين كنت أرافق صديقاً يريد أن يسلمها كمية من اللحم، من أجل وليمة، وحدد لها نوع الطبخ، ودفع قيمته. واكتشفت أنها دقيقة جداً في تسليم الطلب، في الوقت المحدد، إلى جانب المذاق الطيب، وكأنك تأكل في بيتك، بل وتشعر براحة كبيرة لأنك من باب أنك أكلت أكلاً منزلياً، وساهمت في عمل مواطنة تساعد في مصاريف بيتها». ويوضح أن هناك نوعين للدفع، «إما أن تحاسب عن كل وجبة على حدة، أو أن تشترك شهرياً، بألفي ريال». وعن اختيار الأصناف يقول: «أقوم بتحديد الوجبة، أو أترك الاختيار للطباخة». ويستغرب طلال العوفي، وهو موظف حكومي، وزبون دائم على سيدة تطبخ من منزلها، من «عدم وجود مطاعم بإدارة نسائية كاملة»، متسائلاً: «ما الذي يمنع ذلك؟، فنحن نعرف سيدات نجحن في هذا المجال، من منازلهن. فكيف سيكون لو كان لديهم مقر مجهز لإعداد الطعام، من جهة أنهن سيحافظن على الطعام المحلي، ويرسخونه أمام المأكولات السريعة، أو المشبعة بالزيوت، ومن جهة أخرى؛ ستسهم هذه الفكرة في حال نُفذت، في التقليل من حجم البطالة لدى النساء». ويقول العوفي: «لم نسمع عن سيدة طبخت أكلاً تسمم متناولوه، بينما لا يمر أسبوع أو أقل، إلا ونسمع أو نقرأ عن حالات تسمم من جراء تناول وجبات المطاعم»، موضحاً أن «الطعام في المطاعم للإشباع، وليس للاستمتاع. بينما هو خلاف ذلك عند من يطبخن في منازلهن. كما أنه في المطاعم قد تفوق كلفة الوليمة 3 آلاف ريال. بينما لا تتجاوز 500 ريال لديهن».