لم تتمكن المطاعم الشهيرة من إبعاد قائمة المأكولات الشعبية السعودية عن الموائد التي تقدمها لزبائنها، رغم غنى وتنوع نكهات ومكونات الأولى, وبساطة مواد الأخيرة وطرق إعدادها وتقديمها، فلم تزل تعتمد الأسر خاصة الاحسائيين على تحضير الأطباق الشعبية بشكل شبه يومي، باستثناء أيام الإجازات والعطل، كما تتزين موائد الولائم والمناسبات من أعياد وأعراس بمأكولات تقليدية كالهريس، والثريد، والخبيص، والمضروبة، والبرياني، والمشبوس، ولكن ورغم حفاظ المأكولات الشعبية على مكوناتها التقليدية فإن وسائل تحضيرها بدأت بالتطور والتغير مع تقدم الحياة. علي البوحسن (طباخ شعبي منذ ما يقارب 25 عاماً) يقول "الاستعداد لطبخ المأكولات الشعبية خاصة في المناسبات العائلية في الماضي خاصة في الأعراس له مذاق خاص، بالنسبة لي، فقد كنا نجتمع مع مجموعة من الإخوة منذ الصباح الباكر بعد تأمين المستلزمات الضرورية التي تساعدنا في إعداد الأطباق والمأكولات من الليل وذلك للبدء في التحضير للطبخ، التي تكون في الغالب الرز واللحم، حيث نقوم بإحضار الماء والمواد الأساسية, للطبخة, وتهيئة القدر بالإضافة إلى إشعال نار الطبخ، وعند صلاة الظهر يكون الأكل جاهزا للضيوف". وعن كيفية الاستعداد للطبخ قال البوحسن "عملية الطبخ أصبحت بالنسبة لنا هواية وذلك بعد التمرس طيلة السنوات الماضية، حيث يقوم واحد من المجموعة بملاحظة النار والقدر الذي سيوضع فيه الزر واللحم، والبقية تقوم بتقديم المساعدة له من خلال تجهيز الطماطم والبصل والمكونات الأخرى مع التأكد من أن نسبة المقادير مناسبة من أجل أن تكون الأكلة جاهزة بحسب الطلب". وأضاف "رغم انتشار المأكولات التقليدية التي تعد في المطاعم العالمية والوجبات السريعة مع تنوع خدماتها لتلبية حاجات الأسر بشكل خاص إلا أن المطاعم الشعبية ما زالت تحتفظ بمعظم زبائنها وروادها". أما أهم أنواع الأكلات الشعبية المعروفة والمطلوبة محلياً وبنكهة تقليدية -وفقاً للبوحسن- فهي البرياني أو المكبوس باللحم, ومطبق الربيان أو الدجاج، إضافة إلى الهريس المكون من القمح واللحم أو الدجاج الذي يطبخ لساعات طويلة مع القمح، والمرقوقة المكونة من لحم مطبوخ مع خضار وخبز، والمضروبة المحتوية على الرز والخضار مع الدجاج، والثريد، أما الحلويات التقليدية فأبرزها اللقيمات والساقو المكون من الماء والسكر والمكسرات بالإضافة إلى العصيدة. وأشار البوحسن لأهمية أنواع البهارات المستخدمة في الأكلات الشعبية لتكسبها رائحة ذكية ومذاقاً مميزاً خاصاً، حيث يقول "هناك بزار خاص للبيع للراغبين بتحضير الطعام التقليدي في المنزل، إلى جانب إعداد الأطباق الجاهزة المطيبة بالبزار التقليدي، وتختلف الطلبات تبعاً للأذواق والرغبات، فهناك من الأشخاص من يحرص على إضافة بهارات خاصة أو مقبلات معينة لتضفي نكهات جديدة على المأكولات الشعبية". أما عبدالله الخلف فيقول "لا غنى عن مأكولاتنا الشعبية التي تعيدنا إلى الماضي حيث أرى في المطابخ الشعبية سبيلاً للحفاظ على تراث المطبخ المحلي وتطويره، فالموروث الثقافي والحضاري الخاص بكل بلد يشمل العادات الغذائية للشعوب وأطباقهم التقليدية إلى جانب الآثار والمباني القديمة والفلكلور الشعبي والملابس التقليدية، وسهلت المطابخ الشعبية الحصول على الأكلات التقليدية التي تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين في التحضير والإعداد، خاصة أن أسعار المطابخ الشعبية معقولة وتراعي القدرة الشرائية للزبائن.