تقترح الفنانة التشكيلية السعودية عواطف آل صفوان حلولاً حداثية للفنون التراثية المختلفة التي تعود إلى عصور إسلامية متفرقة وتقدم نموذجاً خاصاً في تجربتها الإبداعية في فن المنمنمات، عبر أعمالها التي عرضتها في الصالة العالمية للفنون الجميلة في جدة أخيراً. وتعدّ المنمنمة إنتاجاً فنياً صغير الأبعاد، يتميز بدقة الرسم والتلوين، ويطلق اسمها المتسع الدلالة عادة على الأعمال الملونة أو غيرها من الوثائق المكتوبة المزينة بالصور أو الخط أو الهوامش المزخرفة، ومن هنا جاءت محاولة آل صفوان في إعادة صياغتها وفق اشتراطات العصر ومتطلباته جاعلة من الذات الأنثوية محوراً تدور حوله معظم الأعمال التي تجاوزت 90 عملاً. تستعين عواطف بمخيلتها في طرح الأفكار أو الحكايات التي تشغل حيزاً واسعاً من ذاكرتها من خلال «الباتيك» إحدى طرق الصياغة الفنية، للحصول على التصميمات الملونة على الأقمشة والقطنية منها والتي سبق أن تلاعبت بها آل صفوان واستثمرتها في أعمال معرضها الأول للوصول إلى فكرة الموضوع الذي تتكئ عليه اللوحة وتعبر عن حال خاصة تبرهن مقدرتها على خلق الحالة الفنية وإعادة النَفَس اللوني عبر مسطحات الخامة ومقاساتها المختلفة، تقول عواطف: «يقف خلف الأعمال جهد كبير وقد أخذت مني وقتاً حتى تخرج بهذا الشكل والمتلقي له حرية في فهم عوالم اللوحات وما يدور فيها من حكايات ومواقف»، مضيفة: «إنني حاولت الاستفادة من تقنية الباتيك وإضافة بعض اللمسات التي تخلق من اللون الموزع بدرجات متفاوتة على صدر اللوحات خطاباً ربما يكون وجدانياً وربما يكون موضوعياً لكنه يعني الإنسان أولاً». ولا شك أن معرفة المتلقين - الذين اكتظت بهم القاعة في يوم الافتتاح - من أول وهلة لأعمال عواطف آل صفوان مؤشر على الخصوصية التي تميز تجربتها والاشتغال الفني على موهبتها في كل عمل تقدمه، سواء أكان ضمن أعمال مشتركة في معارض عدة أم في أعمالها المعروضة في مواقع متفرقة. إن ما أود الإشارة إليه في هذه السطور أن التجارب المقبلة من على ضفاف الخليج العربي شرق السعودية وتعرض أعمالها في مدينة الفنون جدة، غالباً ما تقدم حالاً استثنائية تنفرد بها بعض تجارب الفنانين وبخاصة في إعادة إحياء الفن الإسلامي وتقديمه بالروح العصرية والانطلاق إلى الإبداع الأحدث، وإضفاء المزيد من المباحث الفنية في التجربة التشكيلية العالمية، كما هي عند زمان جاسم وغادة الحسن وعبدالعظيم الضامن وآخرين. وتتيح الفرصة للفنانين التشكيليين في منطقة الحجاز للتعرف عن كثب على طريقة التعبير الفني والانفعالي الجمالي في أعمالهم، وقراءة عوالمهم وخلفياتهم الثقافية والبيئية المتعددة.