يتيح معرض (منمنمات) للتشكيلية السعودية عواطف آل صفوان، فرصة خاصة للتعرف على فن بصري شبه غائب عن المشهد التشكيلي السعودي والخليجي وهو فن (الباتيك أو الرسم على الحرير) وذلك في معرضها الشخصي الأول والذي افتتح مساء الخميس الماضي في نادي الفنون بمدينة القطيف الساحلية. عواطف آل صفوان التي بدأت الاشتغال على فن الباتيك منذ ما يقارب العشرين عاما؛ قدمت في معرضها مقترحا بصريا جديدا يتمثل في رسم منمنمات فريدة؛ مشكلة نسيجا لونيا وفينا خاصا ومتناسقا من حيث التقنية وأسلوب رسم اللوحات المنمنمة. أما على مستوى الموضوعات فإن الهم الإنساني وقضية المرأة وقلق الإنسان المعاصر، تحضر بقوة في لوحات آل صفوان، تاركة أسئلة كبرى على زوار المعرض، لا يخفف حدة هذه الأسئلة سوى الدهشة من مهارة وحرفية الفنانة السعودية في رسم "منمنمات" صغيرة وخاصة تذكر في جمالياتها بفنون المنمنمات المشرقية من بلاد الهند إلى المنمنمات الفارسية؛ مع فارق أن عواطف آل صفوان؛ اختطت لنفسها أسلوبا في رسم و"نقش" منمنماتها المبتكرة عبر الاستعانة بتقنية الباتيك، دون أن تتنكر فنيا للزمن وجمالياته الحديثة؛ في لوحات منمنمة، تصور حالة الاختناق لذوات إنسانية مسجونة ضمن منمنمات صغيرة "متكسرة" في جزيئات متجاورة تخلق في نهاية المطاف عالما "بانوراميا" هو بلا شك عالم عواطف آل صفوان الإبداعي. وحول هذه التجربة تقول عواطف آل صفوان: ( منذ عامين وأنا اعد لهذا المعرض، فكلما أنجزت لوحة جديدة خبأتها جانبا). مشيرة إلى أن كل لوحة معروضة هي "منمنمة" خاصة بمفردها ضمن السياق العام للمعرض. واصفة "منمنماتها" بالبانوراما الإنسانية الخالصة والتي تتطرق لمعاناة الطفل أو المرأة كما في تلك اللوحة التي تظهر امرأة ما وهي تتفرج على حالها وسط المنمنمات الصغيرة المتجاورة. الفنانة التشكيلية ليلى مال الله وجدت في معرض "منمنمات" تغيرا وتطورا في تجربة آل صفوان، وخاصة أنها الوحيدة التي تعمل في فن الباتيك، مؤكدة إلى أن هذا النوع من الفن يحتاج إلى جلد وتحمل وصبر كبير. مشيرة إلى أن "قيمة" الأمومة هي القاسم الذي تشترك فيه جملة من أعمال آل صفوان كذلك (الحزن) الظاهر في شخصيات لوحاتها العديدة. أما الفنانة التشكيلية سيما آل عبد الحي والتي انتهت من معرضها الشخصي أخيرا، أحبت في تجربة "منمنمات" الميول إلى الألوان المشرقة والربيعية. مضيفة إلى أن شغل آل صفوان يتميز بكثافة الرموز وصور الإنسان ذات الدلالة إلى درجة "أن كل لوحة تصلح أن تكون ميداناً لمسابقة ذهنية في فك رموزها. وأشارت سيما آل عبد الحي إلى أن علاقة المرأة بالرجل وبمحيطها نجدها بارزة بوضوح في معرض "منمنمات". ووصفت الفنانة التشكيلية غادة الحسن أعمال عواطف آل صفوان ب"الملحمية" من خلال التركيز على الجانب الاجتماعي عبر قصص يمكن أن توصف بالملحمية.مؤكدة أن لعواطف آل صفوان طريقة خاصة في فن الباتيك؛ وهي بكل تأكيد لم تقلد أحدا. ويتفق الفنان التشكيلي المصري أحمد إمام مع غادة الحسن في مسألة عدم تقليد آل صفوان لأي أحد، مشيرا إلى أن لصاحبة معرض "منمنمات" اتجاها وأسلوبا خاصا في فن الباتيك يقوم على الرسم على القماش وليس على الحرير؛ مؤكدا وجود النفس الملحمي في "منمنمات" آل صفوان رغم أن تسمية المعرض ليس لها علاقة بالرسم على الحرير وإنما بسب الاشتغال على الأجزاء والوحدات الصغيرة في اللوحة. تأمل الفنان المصري أمام أعمال آل صفوان دفعه لأن يتحدث عن مجمل النشاط التشكيلي عند المرأة السعودية، قائلا: ( ثمة شغف بالعمل والإنتاج التشكيلي عند الفنانة السعودية لم أجده في الفنانة المصرية رغم توفر شروط الانجاز الإبداعي بشكل أكبر في مصر؛ إلا أن الفنانة السعودية تعمل من ذاتها رغم وجود عوائق اجتماعية، مشيرا إلى أن تحدي الفنانة هو ما أعجبه من خلال مواصلة العمل والإنتاج الدءوب).