إذا كانت الإعلانات التلفزيونية ترسخ في الذهنية أن «العلك» أفضل وسيلة لطرد الملل ومنح الحيوية، فأطفال الشوارع يرونه «علكاً مسموماً» يمنحهم الشقاء والتعب والإرهاق تحت ألسنة الشمس الحارقة، وإن كان حظ أحدهم سعيداً فقد يتحول إلى العمل ليلاً لكن رطوبة المدينة المطلة على البحر الأحمر لن ترحمه أيضاً. «ولا مكان للألعاب الإلكترونية ولا أماكن للترفيه»، هذه هي الأمنيات التي يتحدث بها أطفال الشوارع، الذين أكدوا خلال حديثهم إلى «الحياة» أنهم يتحملون مسؤوليات كبيرة وجسيمة، بيد أن الكثير من المراقبين يرجحون احتمالية استغلال الأطفال من جانب عصابات التسول المنظمة والجريمة. وفي «الطرقات» حيث السيارات والحرارة المنبثقة من السماء والأرض، يتجول محمد ذو ال10 أعوام وهو يمني الجنسية، ويقيم بطريقة غير نظامية، يبيع المناشف تارة والتسول تارة أخرى، غامض في إبداء تفاصيل حياته ووضعه الأسري والاجتماعي مكتفياً بالقول «أمي مريضة ولا يوجد عائل يعولنا». تحدث إلى «الحياة» بحذر شديد، قائلاً: « قدمت من اليمن عن طريق التهريب مع مهرب بعد أن دفعنا له أنا ووالدتي 1500 ريال، إذ باعت والدتي كل ما تملك لنقيم في السعودية، ونعمل لكسب المال الحلال». وبترقب شديد وعينين لا تهدآن من تفحص المارة والسيارات أوضح محمد أن والدته كانت تعمل على بيع البهارات والخلطات الشعبية، إلا أن المرض حاصرها ولم تستطع تقوى على الوقوف، لافتاً إلى أنهم يعيشون في منزل شعبي صغير مكون من غرفتين ودورة مياه، استأجره لهم فاعل خير. ويبدو أن قصص الأطفال الباعة والمتسولين متشابهة إلى حد كبير فالطفلة فاطمة «بائعة العلك» التي لا تتعدى الثمانية أعوام، لا تختلف قصتها عن قصة محمد إلا أنها تزيد بوجود ثلاثة من إخوانها الأطفال يبيعون السلعة نفسها، وكونها الأخت الكبرى لهم، فإنها ترعاهم وتوجههم بطريقة قيادية لا تمحها آلام الظروف ومراراتها.