ينتشرون في المناطق الحيوية في المدينةالمنورة، عارضين سلعا بسيطة كالعلك أو المناشف، يلعبون دورا أقرب للتسول من ممارسة البيع، خصوصا أنهم يروجون سلعهم ب«الاستجداء»، وهناك من يقدم لهم النقود دون أن يشتري منهم شيئا، وكثيرا ما يتعرضون لمضايقات بعض ضعاف النفوس، أطفال الشوارع فئة بحاجة للاهتمام والرعاية، ودراسة أحوالهم بعناية وتقديم الحلول لهم، حتى لا يتحولوا إلى أفراد ناقمين على المجتمع، لاسيما أنهم يعيشون وضعا قاسيا رغما عنهم. وأكد الطفل عمر (9 أعوام) أن والده يجبره على البيع في الشوارع ليوفر الطعام لإخوته العشرة، لافتا إلى أنه لا يستطيع أن يعود إلى المنزل إلا بعد أن يبيع كل ما لديه من المناشف التي يحملها بيديه. وقال: «أبذل جهدا مضنيا لبيع كل ما لدي لأجمع نحو خمسين ريالا، لذا أضطر للركض وراء المارة حتى أعرض عليهم أن يشتروا سلعتي»، مشيرا إلى أن هناك من يعطيه النقود دون أن يأخذ المناشف، في حين لا يكترث آخرون لتوسلاته للشراء. وأضاف:«أحيانا لا أعود إلى المنزل إلا عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، بعد أن أجمع المبلغ المفروض من والدي». بينما، أفادت الطفلة فاطمة أن والدتها تجبرها على بيع العلك في الطرق، لافتة إلى أن أمها تحذرها من الذهاب مع أي شخص. وذكرت أنها تضطر لبيع العلك لأنها لا تستطيع حمل المناشف وقوارير الماء، ملمحة إلى أن هذه السلع يبيعها من هم أكبر منها سنا من أشقائها. من جهتها، روت الطفلة سامية (10 سنوات) العديد من المواقف المحرجة التي عاشتها خلال بيعها العلك والمناشف في المناطق الحيوية في المدينةالمنورة، خصوصا التي تصدر من بعض المراهقين، متمنية أن تمارس طفولتها الطبيعية في المدرسة مع الكتب والأقلام والدفاتر بدلا من السير في الطرق تحت أشعة الشمس الحارقة. في المقابل، وصف المدرب المعتمد في البرمجة اللغوية العصبية والعلاقات الإنسانية حاتم محمد سفرجي ظاهرة أطفال الشوارع ب«السلبية» وغير صحية، ملمحا إلى أن الصغار الذين يجولون في الشوارع بحثا عن لقمة العيش يتعرضون لتحرشات جنسية وازدراء وشتائم وإهانة للكرامة تفقدهم ثقتهم في أنفسهم. وقال: «من الخطورة بمكان أن نرى الصغار يجوبون الشوارع والطرقات من أجل بيع أشياء بسيطة أو من أجل أن يأتي الناس لقياس أوزانهم»، مشيدا بدور الأمانة في المحافظة على الصغار بمنعهم من مزاولة نشاطهم في المناطق الحيوية في المدينةالمنورة. وأضاف:«نرى أن أكثر العمالة الوافدة بدأت في الفترة الأخيرة في نشر أبنائها للبيع والمتاجرة، وهذا أمر غير مقبول من النواحي كافة، فالشرع أمرنا بتربية الأبناء وجعلهم قادة لهذه الأمه المحمدية»، متمنيا رؤية الأطفال في المنازل بارعين مجتهدين مميزين ناجحين يعتلون أعلى المناصب. بينما، رأت الأخصائية الاجتماعية رجاء محمد أن إقحام الأطفال الأبرياء في الشوارع ناتج من ثقافة بعض الوافدين، مشيرة إلى أنه جرت العادة في بلدانهم أن الأطفال يتجولون في الشوارع للبيع وكسب الرزق للمساعدة في نفقات المنزل والأسرة، ثم نقلوا هذه الثقافة معهم إلى المملكة، معرضين أبناءهم وبناتهم إلى أخطار عدة، وإلى خلل في التوزان الأسري لدى الأسرة التي لديها عدد كبير من الأبناء. بدوره، أكد المتحدث الرسمي في شرطة المدينةالمنورة العقيد فهد الغنام أن مسؤولية القبض على هؤلاء الأطفال تتبع أمانة المدينةالمنورة، لافتا إلى أن الشرطة تتدخل في حال وجود محاذير أمنية للطفل وتعرضه للأخطار. وقال:«في هذه الحال تتدخل الشرطة على الفور وتقبض عليه وتحيله إلى إدارة الوافدين، إذا لم تكن لديه إقامة نظامية، وفي حال كان البائع سعوديا فإن الشرطة تقبض عليه وتطلب ولي أمره»، لافتا إلى أن الشرطة لم تتلق بلاغات لحالات اختطاف أو تحرشات تعرض لها أطفال الشوارع.