يواجه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان وهو يستعد لإجراء استشارات نيابية ملزمة، بدءاً من الثلثاء في الثاني من نيسان (ابريل) المقبل، لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة العتيدة، «مأزقاً» سياسياً يقع العبء الأكبر منه على القوى السياسية الرئيسية، ويتعلق بالتفاهم على العناوين الكبرى لطبيعة المرحلة المقبلة لتأتي الحكومة المقبلة على قياسها، ويكون في وسعها توفير الحد الأدنى من الحلول للمشكلات العالقة التي دفعت رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي الى الاستقالة، لعل هذه الخطوة تؤسس لفتح ثغرة في الحائط المسدود تقود الى التوافق على طبيعة هذه الحكومة انطلاقاً من الاتفاق على جدول أعمالها، سواء أكانت «حيادية» أم إنقاذية، وإلا فإن هناك من يخشى من اقحام البلد في أزمة مفتوحة. وقالت مصادر وزارية مواكبة للأسباب التي أملت على الرئيس ميقاتي تقديم استقالته، إن المشكلة لا تكمن في الاتفاق على الاسم الذي سيخلفه على رأس السلطة الإجرائية، وإنما في الاتفاق على العناوين السياسية للمرحلتين الراهنة والمقبلة، لأن هناك صعوبة في القفز فوق هذه الأسباب مجتمعة وهي أخذت في التراكم مع تشكيل هذه الحكومة، وبالتالي لا يستطيع أي مرشح أن يضرب بها عرض الحائط. ونقلت المصادر عن ميقاتي قوله أمام زواره، إن التفاهم على العناوين السياسية للحكومة يبقى المعبر الوحيد الذي يساعد على تشكيلها، وإن تأليفها يجب أن يأخذ بعين الاعتبار إمكان اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في 9 حزيران (يونيو) المقبل أو تعذر إجرائها وبالتالي تأجيلها. ورأى ميقاتي، وفق هذه المصادر، ان امكان اجراء الانتخابات في موعدها بعد الاتفاق على قانون الانتخاب سيدفع في اتجاه تشكيل حكومة حيادية تشرف على إجرائها، أما إذا تعذر انجاز هذا الاستحقاق الدستوري فلا بد من التمديد للبرلمان الحالي وهذا يتطلب التفكير بحكومة «سمها ما شئت: إنقاذية وحدة وطنية...». ولفت الى أن الحكومة الحيادية تذهب مع اجراء الانتخابات أو التمديد للمجلس النيابي، لأن هناك ضرورة للمجيء بحكومة اخرى الشرط الأول لقيامها التوافق على العناوين السياسية لئلا نقحمها في متاهات تبادل الحملات. وأكد انه ثابت على موقفه من عدم ترؤسه حكومة حيادية تشرف على الانتخابات، وعزا السبب الى أنه سيترشح لخوضها وبالتالي تنتفي عنها «الحيادية». وفي هذا السياق، اعتبرت المصادر ان دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى استئناف الحوار للبحث في تشكيل الحكومة والانتخابات النيابية تنطلق من أنه يريد من طاولة الحوار ان تتجنب البحث في مسألة السلاح التي ما زالت موضع اختلاف بين قوى 8 آذار وقوى 14 آذار، لئلا تغرق في اختلاف يصعب حله في الوقت الحاضر. وقالت ان لا مشكلة أمام 14 آذار في العودة الى الحوار طالما انها ربطت مشاركتها باستقالة الحكومة. لكن رئيس الجمهورية يأخذ وقته في توجيه الدعوة ويستعيض عنها في الوقت الحاضر بإجراء مشاورات جانبية. وعزت السبب الى ان إشغال الحوار بالوضعين الحكومي والانتخابي يعني ان هناك من يريد أن يلغي دور البرلمان، على الأقل في موضوع الآلية المناطة به لتسمية رئيس الحكومة الجديد لمصلحة حصره بهيئة الحوار. وأكدت ان المشاورات الجانبية يمكن ان توفر الدعم للاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها سليمان، لكن العائق الوحيد يبقى في عدم التفاهم على العناوين السياسية الرئيسة، ومنها تفاقم الأزمة في سورية وكيفية التعامل مع ارتداداتها على الساحة اللبنانية. وسألت هذه المصادر ماذا سيكون الموقف إذا انتفت اسباب قيام حكومة حيادية لتعذر اجراء الانتخابات في موعدها؟ وهل يبدي فريق 8 آذار استعداده لإجراء مراجعة نقدية لأسلوب تعامله مع رئيس الحكومة؟ وقالت إن هذا السؤال موجه الى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ومن خلاله الى «حزب الله» الذي يضطر الى مراعاته. كما سألت أين تكمن المشكلة في التعاطي مع رئيس الحكومة؟ وعن تعذر «التعايش» بين أي رئيس للحكومة وعون؟ وقالت هل تقع المسؤولية على ميقاتي ومن قبله على الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري أم على عاتق عون بعدما تبين انه يضيق ذرعاً بأي رئيس، خصوصاً أن هناك من يرمي عليه المسؤولية في هذا الخصوص؟ وكشفت مصادر سياسية أخرى أن رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط كان مرّر في اليومين الأخيرين رسالة الى بعض شركائه في الحكومة المستقيلة سأل فيها عن مشكلة عون مع أي رئيس للحكومة، بعدما ثبت أنه لا يحتمل أحداً. وقالت انه يؤيد قيام حكومة حيادية انقاذية من خارج الاصطفاف السياسي القائم في البلد. وعلى رغم ان الاستشارات النيابية لم تبدأ بعد، هناك من أخذ يتحرك لدى بعض الكتل النيابية ليكون على رأس الحكومة الحيادية، ومن بين هؤلاء الوزير السابق عدنان القصار الذي تربطه علاقة بمعظم الأطراف وهو يجري حالياً اتصالات بعيدة من الأنظار يفترض أن تشمل «حزب الله». لكن هناك من يسأل عن مدى استعداد البعض في 8 آذار لتشكيل حكومة «وحدة وطنية»، أم أنه يرفض قيامها.