تظاهر أمس آلاف التونسيين في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس لإحياء أربعينية المعارض اليساري البارز شكري بلعيد الذي اغتيل الشهر الماضي على أيدي «مجموعة متطرفة»، وفق تأكيد وزارة الداخلية التونسية. وتحوّلت التظاهرة إلى مناسبة لإظهار قوة التيار المعارض للتيارات الإسلامية المتشددة التي كان الراحل واحداً من أشد منتقديها. وشارك عدد كبير من الشخصيات السياسيّة والمدنيّة وممثلو أحزاب وجمعيات في أربعين بلعيد، ومن المنتظر أن تنظّم «الجبهة الشعبية» اليوم الأحد في إحدى ضواحي العاصمة اجتماعاً شعبياً لإحياء اليوم الثاني من الأربعينية. وزار المشاركون في المسيرة ضريح الراحل ثم توجهوا إلى شارع الحبيب بورقيبة حيث ألقت قيادات في «الجبهة الشعبية» اليسارية خطباً تطالب بكشف من يقف وراء قتل بلعيد. وأكدت بسمة الخلفاوي، أرملة الراحل، أمام المتظاهرين أن من قتل بلعيد يريد أن «يبث الخوف» بين التونسيين لكن الشعب «أفشل مخططاتهم»، وفق قولها. وقالت «شكري قهر الظلاميين حياً وميتاً، حاضراً وغائباً... لم يمت، وسنواصل رحلته في الكفاح عن الحرية والديموقراطية». وجددت مطالبتها بكشف «الجهة السياسية» التي تقف وراء اغتيال زوجها، علماً أنها كانت قد حمّلت حركة «النهضة» الإسلامية مسؤولية مقتله، وهو اتهام نفته الحركة في شدة. كما حمّل عبدالمجيد بلعيد، شقيق الراحل، راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» مسؤولية ما حلّ بشقيقه، قائلاً إن «الغنوشي هو من حرض ضد شكري بلعيد لأن الأخير كان الوحيد القادر على التصدي إلى مخططه الرامي إلى السيطرة على تونس». وكان الغنوشي قال الشهر الماضي إنه ينوي مقاضاة من يتهمه بالتورط في اغتيال بلعيد، مؤكداً إدانته الجريمة. وذكرت «رويترز» أن المحتجين في أربعينية بلعيد رددوا هتافات «الشعب يريد اسقاط النظام» و «الشعب يريد الثورة من جديد» و «يا شكري يا شهيد على دربك لن نحيد» و «يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح» و «النهضة... ارحل». وأكد المحامي مختار الطريفي عضو هيئة الدفاع في قضية اغتيال بلعيد، أن فريق الدفاع قد يلجأ إلى القضاء الدولي نتيجة ما سمّاه «التستر على القتلة والمخططين» في الجريمة. وأوضح أن فريق الدفاع التقى صباح أمس محامين دوليين وخبراء لهم اطلاع على عمل المحكمة الخاصة بلبنان للنظر في إعداد ملف عن قتل بلعيد لتقديمه إلى القضاء الدولي. ونفت وزارة الداخلية التونسية قبل أيام أنباء عن تسلّمها من السلطات الجزائرية كمال القضقاضي المتهم الرئيسي بقتل بلعيد والذي فر بعد ملاحقته في منطقة تقع على الحدود التونسية - الجزائرية. ووجّه قاضي التحقيق المتعهد قضية اغتيال بلعيد استدعاء رسمياً إلى رئيس الحكومة وزير الداخلية السابق علي العريض لسماع شهادته في القضية. وقال نزار السنوسي الناطق باسم هيئة الدفاع ل «الحياة»، إن قاضي التحقيق «سبق واستدعى العريض لسماع شهادته لكنه لم يحضر فأعاد استدعاءه ثانية». وسبق لقاضي التحقيق أن استمع أيضاً إلى إفادة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي بصفته شاهداً في الجريمة.