لقي الموقف السوري بالتهديد بقصف «عصابات مسلحة» في لبنان، كما جاء في بيان للخارجية السورية أول من أمس، ردود فعل عدة أمس، خصوصاً أنه جاء بالتزامن مع البيان الصحافي الذي صدر عن مجلس الأمن في ساعة متقدمة من ليل أول من أمس، والذي أعرب عن «القلق البالغ لأعضاء مجلس الأمن حيال الحوادث المتكررة وإطلاق النار عبر الحدود الذي تسبب بقتلى وجرحى بين المواطنين اللبنانيين، والتوغلات والاعتقالات وتهريب الأسلحة عبر الحدود اللبنانية». وسئل الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في مؤتمر صحافي مشترك عقده أثناء زيارته الى ساحل العاج مع الرئيس الحسن وتارا، عن التحذير السوري، فأجاب: «بيان وزارة الخارجية السورية قيد الدرس، ونحن بصدد تحديد الموقف المناسب حياله. لقد اعتمد لبنان سياسة النأي بالنفس حيال الأحداث السورية وهذا الموقف تُرجم في اعلان بعبدا والموقف المتخذ هو سياسة الحياد عن الأحداث السورية، وهو الموقف الذي اتخذ في جامعة الدول العربية ومجلس الأمن وكل المحافل والمؤتمرات الدولية. ولبنان وفق هذا الإعلان لن يسمح ان يكون ممراً للسلاح والمسلحين عبر حدوده، ولا إقامة قواعد عسكرية أو بؤر أمنية للمسلحين على أرضه من كل الاتجاهات». واضاف انه «يقع على عاتق الجيش اللبناني منع كل هذه المظاهر التي تشكل خرقاً لإعلان بعبدا. ونحن معنيون ومسؤولون عن منع تسلل السلاح والمسلحين عبر الحدود بين البلدين». وإذ طالب أعضاء مجلس الأمن جميع الأطراف اللبنانيين بالتزام سياسة لبنان النأي بالنفس وعدم المشاركة في الأزمة السورية، بعد أن أبدوا قلقهم العميق من انعكاسات الأزمة السورية على استقرار لبنان، وشجعوا هؤلاء على إجراء الانتخابات النيابية على أسس توافقية في الإطار القانوني والدستوري، رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن موقف مجلس الأمن «بنّاء ومتفقون معه ونأخذ كل هذا في الاعتبار». وقال ميقاتي ل «الحياة» تعليقاً على تحذير الخارجية السورية الذي قال إن «مجموعات إرهابية مسلحة قامت خلال ال 36 ساعة الماضية بالتسلل من الأراضي اللبنانية الى الأراضي السورية»: «اناشد اللبنانيين الاستمرار بسياسة النأي بالنفس» واضاف: «سنستفسر عن الرسالة عبر الطرق الديبلوماسية». واعتبر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة «التهديد الصادر عن الخارجية السورية غير مقبول ومرفوضاً رفضاً باتاً، ويوحي بأن الاعتداء على لبنان قرار متخذ، بدليل المواقف التصعيدية والتهديدية المتعددة التي صدرت في اليومين الماضيين عن شخصيات سورية وأخرى في لبنان محسوبة على سورية»، مشيراً بذلك الى التحذيرات التي أطلقها الأمين العام ل «الحزب العربي الديموقراطي» رفعت علي عيد من طرابلس قبل يومين، من دون أن يسميه. وإذ طالب السنيورة الحكومة «بتقديم الأجوبة الصريحة على الاتهامات السورية واتخاذ الإجراءات الميدانية والعسكرية لحماية الحدود والمناطق الشمالية»، سأل: «وسط هذا التصعيد المبرمج، هل هناك مَن قرر تفجير الأوضاع في لبنان عشية القمة العربية في الدوحة لتحويل الأنظار عن جرائم النظام السوري ضد المواطنين السوريين في سورية؟». وأكد السنيورة ضرورة منع استخدام الأراضي اللبنانية في أي أعمال باتجاه الأراضي السورية «من أي طرف كان، وهذا منوط بالسلطات اللبنانية». وقالت مصادر أمنية وعسكرية لبنانية ل «الحياة» إن الأوضاع على الأرض في المناطق الحدودية الشمالية وفي محيط منطقة عرسال البقاعية عادية ولا شيء يستدعي التحذيرات السورية، خصوصاً أن لا تحركات عسكرية بارزة على الجانب اللبناني من الحدود. ولقي التحذير السوري تعليقاً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أيضاً، الذي طالب الحكومة اللبنانية «باتخاذ قرار واضح بنشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية – السورية وتوسيع نطاق القرار الدولي الرقم 1701 (مهمة قوات حفظ السلام الدولية لتشمل الحدود الشرقية والشمالية). من جهة ثانية، قال وزير الداخلية اللبناني مروان شربل في حديث الى «الحياة» في الرياض أثناء مشاركته في مؤتمر وزراء الداخلية العرب، إن الطلب اللبناني الوحيد الى المؤتمر يتعلق بالمساعدة في معالجة قضية النازحين السوريين إليه. وأوضح شربل أنه إذا تطورت الأمور في سورية ستأتينا أعداد كبيرة... ولا أدري ماذا نفعل، لكن من الأفضل أن يتوزعوا على الدول العربية. وقال: «لا يكفي الدعم المادي... لأننا لا نستطيع احتضانهم». وطمأن الوزير شربل الى ان لا خطر على الخليجيين في لبنان، معتبراً أن لبنان يتنفس اقتصادياً من الوجود الخليجي، والسعودي خصوصاً.