اتفقت قوى تحالف المعارضة السودانية على إنهاء خلافاتها وتوحيد صفوفها قبل العمل على إسقاط النظام الحاكم في البلاد، وشارك بعض رموزها في طاولة حوار مغلقة مع قيادات في الحزب الحاكم لمناقشة أزمة الحكم وأقصر الطرق لحلها، فيما جددت واشنطن شروط رفع العقوبات التي تفرضها على الخرطوم وشطبها من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وكشف الناطق باسم تحالف قوى المعارضة كمال عمر في تصريح اقتراح «حزب المؤتمر الشعبي» بزعامة حسن الترابي توقيع كل الأحزاب على «ميثاق شرف» بهدف «حفظ قيمة التحالف والسيطرة على التراشقات الإعلامية والانتقادات» التي باتت سمة غالبة للتحالف خلال الأسابيع الماضية. وأوضح أن الميثاق المقترح ينص على أن «توجيه الانتقادات ينبغي حصره داخل المنظومة»، مؤكداً أن «الخطوة لاقت قبولاً واسعاً وسط قوى المعارضة المختلفة». ونفى في شدة اتهامات «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم بوجود صلة بين تحالف المعارضة ومخططات «تخريبية» يجري إعدادها لإسقاط النظام، لكنه أكد أن التحالف يعمل لتغيير نظام الحكم «لكن بطرق سلمية». وأضاف أن «أي حديث عن أن الأحزاب تتآمر مع دول أجنبية أو حركات مسلحة لتغيير النظام هو حديث غير صحيح... نحن مع تغيير النظام ولكن بالطرق الديموقراطية والسلمية عبر الشارع أو ثورة شعبية». وتزايدت في الأسابيع الماضية خلافات المعارضة مع تنامي النزاع بين «حزب الأمة» بزعامة الصادق المهدي والقوى الأخرى في التحالف على خلفية انتقادات المهدي الصريحة لحلفائه وإصراره على إعادة هيكلة التحالف واتهامه بالضعف وقلة الحيلة. ويدعو المهدي إلى «إصلاح» النظام الحاكم بينما ترى الأحزاب الأخرى العمل على إسقاطه، وتتهم المهدى بضبابية المواقف لتحاوره مع الحكومة والبقاء في الوقت نفسه ضمن تحالف المعارضة. وطالبت هيئة التحالف المعارض المهدي باعتذار علني ومكتوب عن انتقاداته المتكررة للتحالف وقياداته خلال الفترة الماضية. وعقدت في الخرطوم ندوة مغلقة شاركت فيها قيادات بارزة من القوى السياسية الحاكمة والمعارضة والمجتمع المدني، للنقاش في شأن متطلبات إجراء حوار وطني برعاية «مركز الحوار الإنساني» في جنيف لمناقشة أزمة الحكم في السودان وأنجع الطرق لحلها. وشاركت في الندوة قيادات في «المؤتمر الوطني» وبعض قيادات المعارضة وبعض الأحزاب المتحالفة مع الحكومة. وركز النقاش على ماهية المتطلبات لقيام عملية حوار وطني، وجرى وسط أجواء هادئة. واتفقت الأطراف على مواصلة الحوار بالتشاور مع القوى كافة داخل البلاد وخارجها، بحسب منظمي الحوار. وشارك في الندوة من «المؤتمر الوطني» إبراهيم غندور وبدرية سليمان، ومن «الاتحادي الديموقراطي» تاج السر محمد صالح، فيما شارك من المعارضة عبدالله حسن أحمد والشفيع خضر وفاروق أبوعيسى وإبراهيم الأمين ومريم المهدي وأحمد العالم. إلى ذلك، عُلم أمس أن الخرطوم وجوبا وافقتا على اقتراح من رئيس فريق الوساطة الأفريقية ثابو مبيكي بمعاودة المحادثات السياسية الأمنية بينهما الخميس المقبل في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برئاسة وزيري الدفاع عبدالرحيم محمد حسين وجون كونغ. وأفادت مصادر بأن استعجال الوساطة الأفريقية استئناف المحادثات يهدف إلى تحقيق تقدم ملموس في الملفات العالقة قبل انعقاد اجتماع جديد لمجلس السلم والأمن الأفريقي الذي سيكرس لمناقشة ملفات الخلافات المتبقية بين دولتي السودان وجنوب السودان المرتبطة بإنشاء منطقة عازلة بينهما وتسوية الخلافات لترسيم الحدود والنزاع على منطقة أبيي. ولا يستبعد أن يعقد مجلس السلم والأمن الأفريقي المرتقب على مستوى الرؤساء بمشاركة الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت. كما رجحت تقارير أمس اختيار حاكم ولاية جنوب كردفان أحمد هارون رئيساً لوفد التفاوض مع متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» في شأن الصراع بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق خلال الأسبوعين المقبلين. وترأس وفد الحكومة في جولات المفاوضات غير المباشرة السابقة وزير الإعلام السابق كمال عبيد. وكان الأمين العام ل «الحركة الشعبية» أعلن أخيراً قيادته وفداً من تنظيمه للتفاوض مع الحكومة السودانية في شأن الحل السياسي للنزاع القائم في النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ أكثر من عام واقترح الوسطاء انطلاق المحادثات في 15 آذار (مارس) الجاري. من جهة أخرى، جدد القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم جوزيف ستافورد استعداد بلاده لإجراء حوار مفتوح مع الحكومة السودانية في شأن قضايا الإرهاب وملف العقوبات. ودعا السودان إلى تبني خطوات إيجابية تجاه القضايا التي تتعلق برفع العقوبات وإجراء محادثات سياسية مع متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» وتجنب الحل العسكري وتسوية النزاع في دارفور. وطالب ستافورد خلال زيارته شيوخاً من الطرق الصوفية في منطقة الكباشي في شمال الخرطوم الحكومة السودانية ب «عدم دعم الإرهاب العالمي ستة أشهر متتالية، وتقديم ضمانات بعدم دعم أي أعمال إرهابية مستقبلاً»، إضافة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الأزمة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والالتزام بشروط أخرى. وأضاف أن الحكومة السودانية على علم بشروط شطبها من لائحة الدول الراعية للإرهاب، مشيراً إلى أن تلك القضايا لن تمنع الإدارة الأميركية من إجراء حوار مفتوح مع السودان، مؤكداً استعدادها للعمل من أجل تحقيق سلام شامل في مناطق النزاع. واندلعت اشتباكات بين القوات الحكومية ومتمردين في وسط السودان، ما يمثل تصعيداً محتملاً في أعمال العنف التي تركزت حتى الآن قرب الحدود. ونقلت وكالة «رويترز» عن «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور أنها شنت هجوماً على الجيش في ولاية شمال كردفان. وكونت الحركة إلى جانب جماعتي تمرد أخريين تحالفاً مع «الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال» لمحاولة إطاحة البشير. واقتصر القتال مع الجيش حتى الآن على دارفور إلى جانب ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين لجنوب السودان. لكن «العدل والمساواة» قالت إنها انتزعت السيطرة على منطقة واد بحر في شمال كردفان من القوات الحكومية السبت. وقال الناطق باسم الحركة جبريل آدم إنها هزمت الجيش واستولت على أسلحة كثيرة.