سقطت صواريخ أمس على القسم الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان المحتل، فيما تواصلت الاشتباكات المسلحة بين القوات السورية والمعارضين المسلحين في أنحاء مختلفة في سورية، وقتل عشرات الجنود والمعارضين المسلحين في معارك عنيفة في ضواحي مدينة الرقة (شمال سورية) فيما سجل الجيش السوري تقدماً في محافظة حلب يسمح له بإعادة فتح خط إمداد إلى أكبر مدن سورية حيث تقاتل قوات المعارضة منذ ثمانية أشهر، وذلك بعدما استعاد الجمعة معبراً حدودياً مع العراق كان مقاتلون إسلاميون سيطروا عليه في محافظة الحسكة. وأفاد ناطق باسم الجيش الإسرائيلي أمس بأن «قذائف عدة سقطت وعثر عليها في منطقة غير مأهولة بجنوب هضبة الجولان، على الأرجح بسبب المعارك في سورية». وأضاف أن سقوط القذائف لم يسفر «عن ضحايا أو أضرار»، لافتاً إلى أن «الحادث تم الإبلاغ عنه إلى قوة الأممالمتحدة، وجنود قوات الدفاع الإسرائيلية يواصلون عمليات البحث في المنطقة». وتوتر الوضع في هضبة الجولان منذ بدء النزاع في سورية، لكن لا تزال الحوادث، في هذه المنطقة مثل سقوط قذائف من الجانب السوري وإطلاق الجيش الإسرائيلي النار من باب التحذير، محدودة. والأربعاء، سقطت قذيفة في وسط هضبة الجولان من دون أن تؤدي إلى ضحايا أو أضرار. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الأربعاء أن ستة من السوريين السبعة الذين أصيبوا قبل عشرة أيام في مواجهات في سورية وتلقوا العلاج في إسرائيل غادروا مستشفى صفد (شمال)، في حين لا يزال السابع في المستشفى لأن إصابته بالغة. إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أمس أن «مواجهات عنيفة دارت بين كتائب مقاتلة عدة والقوات النظامية في ضواحي الرقة (550 كلم شمال شرقي دمشق) سمع خلالها دوي انفجارات في المدينة بينما ارتفعت أعمدة الدخان». وأشار المرصد إلى أن «اشتباكات هي الأعنف» في منطقة الرقة منذ بدء النزاع السوري قبل حوالى سنتين «وقعت اليوم بين مقاتلين من كتائب (معارضة) عدة من جهة والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني وكتائب البعث الموالية للنظام من جهة ثانية عند أطراف مدينة الرقة وفي محيط حاجزي المشلب والفروسية ومبنى الهجانة واستمرت لساعات عدة». وذكر أن المعارك تسببت بمقتل 16 مقاتلاً معارضاً على الأقل وعشرة عناصر من قوات النظام، مشيراً إلى أن الحصيلة قد ترتفع. ويشن المقاتلون المعارضون منذ أيام هجمات على حواجز تابعة لقوات النظام في المدينة التي تسيطر عليها القوات النظامية، علماً أن أجزاء واسعة من ريف الرقة باتت تحت سيطرة مسلحي المعارضة. وأفاد المرصد وناشطون بأن مروحيات الجيش النظامي تدخلت لقصف مواقع المعارضين. وأشار المرصد إلى حصول نزوح كبير من حي مساكن الشهداء في الرقة بسبب سقوط قذائف هاون على المنطقة، وإلى قصف على محيط السجن المركزي شمال المدينة استخدمت فيه الطائرات المروحية وسط اشتباكات في محيط السجن. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» إن «وحدات من القوات المسلحة تصدت السبت لمجموعات إرهابية مسلحة تقوم بأعمال اعتداء وتخريب في بعض المواقع بمحيط مدينة الرقة الشمالي الشرقي وأوقعت بها خسائر كبيرة». ونقلت عن مصدر مسؤول أن هذه المجموعات «حاولت الاعتداء على حواجز للجيش قرب سجن الرقة المركزي ومدينة الفروسية»، وأن إحدى المجموعات حاولت التسلل إلى مدينة الرقة. والرقة مدينة استراتيجية على نهر الفرات قرب الحدود التركية. ولجأ إليها الكثير من النازحين من سائر أنحاء سورية منذ بدء النزاع في هذا البلد قبل حوالى عامين. في غضون ذلك، أعلن الجيش السوري السبت السيطرة على طريق يمتد من محافظة حماة في وسط البلاد إلى مطار حلب الدولي (شمال) الذي يتعرض منذ أكثر من أسبوعين لهجمات عنيفة من مقاتلي المعارضة، ما سيسهل وصول إمدادات إلى قوات النظام الموجودة في المطار وفي مدينة حلب. وقالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) «إن رجال جيشنا العربي السوري بالتعاون مع الأهالي الشرفاء قاموا بعمليات نوعية أعادوا من خلالها الأمن والاستقرار إلى القرى الموجودة على الطرق الدولية وهي: سلمية وأثريا وخناصر والمزرعة ورسم النقل وأم عامود صغير وأم عامود وجنيد وقبتين وخريرش وجلاغيم والسفيرة ومؤسسة معامل الدفاع ومراكز البحوث العلمية وباشكوى وتل عابور وتركان وتل شغيب والنيرب ومخيم النيرب ومطار حلب الدولي». وتقع هذه القرى والبلدات على ما يعرف ب «طريق البادية» الذي يصل السلمية في حماة بمطار حلب الدولي الواقع إلى شرق مدينة حلب. وقال بيان الجيش السوري إن «هذا الإنجاز يأتي استكمالاً للقضاء على ما تبقى من إرهابيين عملاء ومرتزقة في تلك المناطق». وأضاف أن «وحدات الجيش قامت على الفور بتأمين المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين من الأعمال الإجرامية للمجموعات الإرهابية وتأمين عودة الأهالي المهجرين إلى منازلهم». وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أن «القوات النظامية أنهت مساء الجمعة بعد أيام طويلة من المعارك الضارية السيطرة على هذه الطريق» التي تصل إلى جنوب مطاري النيرب العسكري وحلب الدولي. وأوضح أن الطريق تمر بمنطقة الواحة التي هي جزء من مدينة السفيرة (شرق مدينة حلب) حيث معامل الدفاع التي تمكنت القوات النظامية من السيطرة على محيطها بعد إبعاد مقاتلي المعارضة عنها خلال الأيام الماضية. وعلى رغم أنها ليست طريقاً رئيسة، فإن من شأن هذه الطريق، وفق المرصد، أن تسمح لقوات النظام الموجودة في مطاري حلب والنيرب المتلاصقين، «إذا نجحت في إبقاء السيطرة عليها، بالحصول على إمدادات وتعزيزات وأسلحة». ورأى عبدالرحمن أن «من شأن ذلك أن يغير مسار المعارك في محيط المطارين وربما في وقت لاحق في مدينة حلب». وكان مسلحو المعارضة حققوا خلال الفترة الأخيرة تقدماً على الأرض في نقاط عدة من ريف حلب ومحيط المطار الدولي. وكان الجيش الحر أعلن في 12 شباط (فبراير) بدء «معركة المطارات» في محافظة حلب. وذكر المرصد أن محيط مطار منغ العسكري الذي يحاول المقاتلون المعارضون السيطرة عليه منذ أشهر تعرض السبت «للقصف بالطيران الحربي من القوات النظامية»، مشيراً إلى أن المقاتلين المعارضين أسقطوا طائرة مروحية في محيطه. ووزع مركز حلب الإعلامي التابع للمعارضة شريط فيديو تظهر فيه مروحية تندلع فيها النيران بعد إصابتها وسط أصوات رشقات كثيفة من أسلحة رشاشة، ثم تسقط المروحية وتنفجر على الأرض وتتصاعد منها كتلة نار ودخان أسود. وتسمع أصوات مسجلة على الشريط وهي تصرخ «الله أكبر. الجيش الحر يفجر طائرة مروحية» فوق مطار منغ. وأظهر شريط آخر حريقاً قرب مكان سقوط الطائرة مع أشلاء جثة قال المصور إن صاحبها كان على متن الطائرة التي سقطت. من جهة ثانية، تتواصل الاشتباكات العنيفة، وفق المرصد، في محيط مدرسة الشرطة في بلدة خان العسل في ريف حلب الغربي، «بالتزامن مع قصف من الطائرات الحربية على مناطق تتمركز فيها الكتائب المقاتلة». وأشار إلى أنباء غير مؤكدة عن اقتحام المقاتلين المبنى الرئي في المدرسة. وكان المرصد السوري أكد الجمعة أن قوات الرئيس بشار الأسد سيطرت على قرية تل شغيب، جنوب شرقي مدينة حلب، وأعادت فتح خط إمداد إلى حلب، أكبر مدن سورية حيث تقاتل قوات المعارضة منذ ثمانية أشهر. وقال المرصد إن استعادة قرية تل شغيب تمثل الخطوة الأخيرة نحو إقامة خط إمداد بري من الشمال إلى حلب من محافظة حماة، وهي طريق حيوية لقوات الأسد التي فقدت السيطرة على جزء من الطريق السريعة الرئيسة التي تربط الشمال بالجنوب. ويقول المعارضون إنهم يسيطرون على معظم أرجاء المدينة نفسها وكل المناطق النائية الريفية تقريباً. لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق نصر حاسم بسبب تفوق القوات الحكومية في العتاد وتعرضهم لخطر القصف من جانب القوات الجوية والمدفعية والصواريخ التي قتلت عشرات الأشخاص في حلب الأسبوع الماضي. وتحدث ناشطون عن يوم آخر من القتال الضاري في أنحاء حلب، شمال المطار العسكري في النيرب على بعد خمسة كيلومترات إلى الشمال من تل شغيب التي استعادتها قوت الأسد. ووصف مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن تقدم قوات النظام السوري في تلك المنطقة بأنه «مكسب مهم للنظام»، في إشارة إلى هجوم الجيش في الشمال الذي قوض الكثير من مكاسب المعارضة عندما تحركت جنوباً إلى حماة من محافظة حلب في نهاية العام الماضي. وكان المرصد السوري ذكر في بيان الجمعة أن «القوات النظامية تمكنت من إعادة سيطرتها على معبر اليعربية الحدودي مع العراق بعد أقل من 24 ساعة من سيطرة مقاتلين من جبهة النصرة (الإسلامية المتطرفة) والفاروق وأحرار الشام وكتائب أخرى على المعبر». وأشار المرصد إلى أن القوات النظامية تمكنت أيضاً «من السيطرة على أكثر من نصف مدينة اليعربية المجاورة للمعبر». وكان المرصد أفاد بأن مقاتلين من المجموعات المذكورة سيطرت على المدينة والمعبر «في شكل كامل»، متحدثاً عن «فرار بعض جنود القوات النظامية واستسلام بعض عناصر الأمن». وأوضح المرصد أن النظام كان استعاد السيطرة على المعبر في 21 تموز (يوليو) من العام الفائت. وفي المحافظة نفسها، أفاد المرصد بأن مقاتلين أكراداً «سيطروا على مدينة القحطانية بعد انسحاب عناصر المفارز الأمنية كافة والشرطة المدنية منها من دون مقاومة بعد حصار استمر لمدة أسبوع». وأوضح أن وحدات الحماية الكردية «من المفترض أن تقوم بتسليم المقار الأمنية الحكومية كافة للمجلس المحلي الذي اتفق على تشكيله من مكونات المدينة الأسبوع الفائت». وأتت السيطرة على المدينة بعد ساعات من سيطرة مقاتلين من المجموعات الكردية نفسها في شكل شبه كامل على مدينة الرميلان بعد اشتباكات أسروا خلالها «حوالى 30 عنصراً من الشرطة المدنية وأمن الدولة والاستخبارات الجوية والجيش النظامي»، وفق المرصد. وأشار المرصد إلى أن المقاتلين المنتمين إلى وحدات حماية الشعب الكردية «حاصروا مفرزتي الأمن العسكري والأمن السياسي وكتيبة عسكرية عند المدخل الجنوبي للمدينة». وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أن المقاتلين الأكراد «يحاولون السيطرة على المناطق التي يوجد فيها سكان أكراد كي لا يكون وجود القوات النظامية فيها ذريعة لهجوم من مقاتلين معارضين». وفي ريف دمشق، اندلعت مواجهات في داريا التي تشكل معقلاً للمقاتلين المعارضين ويحاول الجيش استعادة السيطرة عليها منذ أشهر. وقصف الجيش أيضاً معضمية الشام المجاورة ودوما (شمال شرق) ويبرود (شمال)، وفق المرصد. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حذر الجمعة من انهيار سورية إذا استمر القتال بين القوات الحكومية والمعارضة بدلاً من السعي للتوصل إلى اتفاق سلام من خلال التفاوض. وقال بان في مؤتمر صحافي في جنيف «هذه فرصة ضئيلة للغاية ندعمها بقوة ونشجعهم على استغلالها. قد تفوت الفرصة عما قريب». وتقول الأممالمتحدة إن 70 ألف شخص قتلوا وإن حوالى مليون شخص فروا من البلاد فيما أصبح ملايين الأشخاص غيرهم من النازحين أو في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية.