أعلن مقاتلو المعارضة السورية السيطرة على كتيبة المدفعية في مدينة الميادين الاستراتيجية بدير الزور أمس، ليتم بذلك السيطرة على المدينة بكاملها. وقال مسؤول عسكري في المعارضة إن الريف السوري بكامله من الحدود العراقية وعلى امتداد نهر الفرات إلى مدينة دير الزور يقع الآن تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. يأتي ذلك فيما يحتشد مئات من المقاتلين المعارضين والاكراد السوريين في مدينة رأس العين في شمال شرق سورية القريبة من الحدود التركية، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان وسكان في المدينة، وذلك وسط توترات شديدة بين الجانبين على خلفية مواجهات خلال الأيام الماضية ادت الى مقتل وإصابة العشرات. واشار المرصد إلى ان رأس العين الواقعة في محافظة الحسكة شهدت «حشداً للقوات من قبل وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي التي تسيطر على القسم الشرقي والشمالي من المدينة». واضاف ان مقاتلين معارضين «من جبهة النصرة وكتائب غرباء الشام (الاسلاميتين) وكتائب اخرى تسيطر على المعبر الحدودي غرب المدينة والقسم الجنوبي منها»، تحشد صفوفها ايضاً. ونقل المرصد عن ناشطين في المنطقة قولهم ان «جبهة النصرة» استقدمت نحو مئتي مقاتل من مدينة تل ابيض الحدودية الواقعة الى الغرب من رأس العين والتي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون. واستقدمت «غرباء الشام» اكثر من مئة مقاتل وثلاث دبابات كانت استولت عليها خلال اشتباكات في محافظة الرقة، ونشرت احداها عند المعبر الحدودي والأخريين في جنوبالمدينة، كما اضاف. في المقابل، افاد المرصد عن وصول نحو 400 مقاتل كردي «من المناطق الكردية في سورية» الى المدينة التي باتت شبه مهجورة. وقال مزارع في المدينة عرف عن نفسه باسم ابو احمد ل «فراس برس» ان «غالبية السكان هربوا، والعدد القليل المتبقي يعيش في غياب الامان وظروف انسانية سيئة لان الاشتباكات ادت الى قطع الماء والكهرباء في شكل دائم». وكانت اشتباكات بين المقاتلين المعارضين ومقاتلين اكراد الاثنين ادت الى مقتل 34 شخصا بينهم 29 مقاتلا من النصرة وغرباء الشام، اضافة الى رئيس المجلس الشعبي الكردي لمدينة رأس العين، بحسب المرصد. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» ان ثمة «هدنة غير معلنة في المدينة في انتظار معرفة ما ستؤول اليه جهود التهدئة التي يقوم بها بعض الاطراف»، من دون أن يسمها. ويتبع مقاتلو «لجان حماية الشعب الكردي» الذين يقاتلون الجيش الحر في رأس العين، للهيئة الكردية العليا التي يعتبر حزب الاتحاد الديموقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، ابرز مكوناتها. وبات المقاتلون الاكراد يسيطرون على عدد من المدن والقرى الحدودية في شمال شرق سورية، في خطوة يرى فيها محللون وناشطون نوعاً من «التواطؤ» بين نظام الرئيس بشار الاسد وأبرز قوة كردية على الارض من اجل استدراج المجموعات المسلحة وتوجيه رسالة سياسية الى انقرة. ويضم شمال وشمال شرق سورية معظم الاكراد السوريين. إلى ذلك، استولى مقاتلو المعارضة امس على مدينة الميادين الاستراتيجية في محافظة دير الزور (شرق) ليسيطروا بذلك على جزء مهم على الحدود مع العراق، كما ذكر المرصد السوري. وقال المرصد موضحاً: «المنطقة التي تمتد من الحدود العراقية الى دير الزور (التي لا تشملها المنطقة التي استولوا عليها) اصبحت اهم قطاع في سورية لا يسيطر عليه الجيش في الكامل». واضاف انه بعد حصار استمر لنحو ثلاثة اسابيع اقتحم مقاتلون من عدة كتائب كتيبة المدفعية قرب مدينة الميادين (ريف دير الزور) وسيطروا عليها. واشار المرصد الى «ان عناصر القوات النظامية التي كانت متمركزة في الكتيبة انسحبت باتجاه مقر عسكري آخر يبعد نحو 80 كيلومتراً عن الميادين». ووردت معلومات للمرصد عن مقتل ستة جنود نظاميين خلال انسحابهم. وتسيطر المعارضة على جزء كبير من شمال سورية ايضا وخصوصا في محافظتي حلب وادلب على طول الحدود التركية. واوضح المرصد ان مدينة الميادين باتت خالية من أي وجود للقوات النظامية. من ناحيته قال ابو ليلة المسؤول في المجلس العسكري الثوري في دير الزور ل «رويترز» إن قاعدة الميادين العسكرية سقطت في الساعة 8.30 صباحا (06.30 بتوقيت غرينتش). وأضاف أن 44 من مقاتلي المعارضة لقوا حتفهم خلال فترة حصار القاعدة. وأكد مصدر آخر في المعارضة على اتصال بالمقاتلين أن القاعدة التي تقع على بعد 42 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة دير الزور سقطت. وتأتي هذه الخطوة بعد السيطرة على مطار عسكري يقع على بعد 80 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من الحدود العراقية في الأسبوع الماضي. واقتحم مقاتلو المعارضة عدة قواعد في شمال ووسط البلاد ما يشير إلى تزايد القوة العسكرية طبقاً لما ذكرته مصادر في المعارضة وديبلوماسيون. لكن لم تسقط أي مدينة رئيسية في أيدي المعارضة وساعدت القوات الجوية الحكومية على الا يحكم مقاتلو المعارضة سيطرتهم على أجزاء كثيرة من البلاد. ولم تحرز محاولات لإخضاع مقاتلي المعارضة لقيادة موحدة تقدماً يذكر. وقال الشيخ نواف البشير وهو زعيم عشائري من المحافظة إنه بسقوط الميادين تتبقى ثلاث قواعد كبرى للجيش في المحافظة تحت سيطرة الجيش النظامي. وأضاف أن الطريق الرئيسي المؤدي إلى العراق من مشارف المدينة إلى معبر البوكمال أصبح تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. وفي دمشق، تجدد القصف صباح امس على احياء مدينة دمشقالجنوبية فيما دارت اشتباكات بين القوات النظامية والمعارضة في حي دمر والمزة وسقطت عدة قذائف هاون على اوتوستراد المزة استهدفت مبنى تابعاً لمديرية النقل وقذيفة اخرى على مبنى سكني ما ادى الى احتراقه. وأطلق مسلحون5 قذائف على مبان سكنية ومقرات اعلامية ومؤسسات تعليمية في حي المزة بالعاصمة دمشق، أدى بحسب المعلومات الأولية الى وقوع اصابات واضرار مادية. وأفادت مصادر اعلامية ان أولى القذائف سقطت على بناء يدعى «النقل»، وهو مبنى سكني يقع على اتوستراد المزة بالقرب من جامع الأكرم المعروف، مما أدى الى وقوع إصابات بين أفراد عائلة سقطت القذيفة في شقتها. واضافت ان القذيفتين الأخريين استهدفتا مقر جريدة «بلدنا» المستقلة والتي تقع ايضا على أوتوستراد المزة، دون وقوع إصابات لخلو المقر من الموظفين. كما استهدفت قذيفتين أخريين مدرسة عبدالرحمن السفرجلاني أثناء دوام التلاميذ فيها، مشيرة الى أن اصابات وقعت، من دون تحديدها ودون ذكر تفاصيل، الأمر الذي أدى الى اغلاق المدرسة. واشار المرصد الى ان القوات النظامية قامت بحملة تفتيش في حي المزة، ونفذت حملة اعتقالات في حي كفرسوسة المجاور. وفي ريف دمشق، تعرضت بلدات الزبداني وداريا والقاسمية والزمانية وجسرين والسبينة بريف دمشق للقصف من قبل القوات النظامية ما ادى لسقوط عدد من الجرحى. كما نفذت طائرات حربية تابعة للقوات النظامية عدة غارات على مدن وبلدات الغوطة الشرقية. ويشهد ريف العاصمة عملية عسكرية مستمرة في الفترة الاخيرة. وقالت صحيفة «البعث» في عددها امس ان «عملية تطهير ريف دمشق (دخلت) يوم أمس ... مراحلها النهائية، وذلك إثر القضاء على عشرات الارهابيين الذين اتخذوا من البساتين الشرقية لبلدة يلدا مركز تجمع لفلولهم بعد الضربات القاصمة التي تلقتها على أيدي قواتنا الباسلة في بعض مناطق الغوطة الشرقية». من جهة اخرى تعرضت عدة بلدات بريف حلب للقصف من قبل القوات النظامية بعد منتصف ليل الاربعاء - الخميس كما تجددت الاشتباكات بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة في منطقة الليرمون ومحيط فرع الجوية في حي جمعية الزهراء في المدينة نفسها. وكان المقاتلون سيطروا الاحد على «الفوج 46» وهو قاعدة عسكرية ضخمة في الريف الغربي لمحافظة حلب (شمال)، وذلك بعد حصار استمر نحو شهرين. لكن في المقابل، تمكنت القوات النظامية اول من امس من صد هجوم للمقاتلين على كتيبة الدفاع الجوي في الشيخ سليمان قرب ريف حلب بحسب المرصد. وباتت هذه الكتيبة العائق الوحيد امام «تحرير» المقاتلين المعارضين مناطق واسعة في شمال سورية تمتد من الحدود التركية وصولا الى حلب كبرى مدن الشمال. ويرى محللون ان النظام السوري قلص طموحاته في السيطرة الميدانية في مواجهة حركة عسكرية معارضة تسجل نقاطاً متزايدة على الارض، وانه يسعى الى تركيز قوته العسكرية في دمشق ووسط سورية والمنطقة العلوية في الشمال الغربي. وتأتي هذه الاحداث غداة مقتل 122 شخصاً جراء أعمال العنف في مناطق مختلفة، بحسب المرصد.