يفطر على قليل من «الساندويتشات» التي يوفّرها أحد العمالة بوزارته الحكومية، يفطر بعيداً عن زملائه المجاورين له في مكاتبهم، حتى ينهي وجبته، أما في فترة المساء حال دخول وقت الغداء، يجلس وحيداً في مكتبه بعد أن توجه جميع أصدقائه إلى صالة الطعام. هذا هو سيناريو وحال الشاب السعودي سطام بن محمد (24 عاماً) الذي يبلغ دخله نحو 4000 ريال. يروي قصة أيامه مع هذا المبلغ الزهيد في ظل ارتفاع الأسعار المتواصل. سطام شاب سعودي موظف في أحد الجهات الحكومية، ترك أهله الذين يسكنون في جنوب السعودية، ليسكن في العاصمة الرياض التي تختلف عن مدينته وقريته الصغيرة التي تعود على نمط محدد للعيش فيها. يقول: «أسكن في شقة، لا أزال منذ ثلاثة أشهر أحاول ترتيبها وتوفير أساسيات أثاثها، خصوصاً الأجهزة الكهربائية، لعدم مقدرتي في توفير جميع المواد الكهربائية بمرتب واحد أو مرتبين، فضلاً عن كون إيجار شقتي يبلغ 16 ألف ريال سنوياً، إضافة إلى مصاريف البنزين وصيانة سيارتي القديمة التي تجبرني على زيارة الميكانيكي كل فترة قصيرة، بسبب أعطالها المتكررة». ويضيف: «أكثر ما يبعثر حساباتي اليومية تعطل سيارتي، لأن ذلك يعني اختلالاً في موازنتي اليومية، وبالتالي الأسبوعية والشهرية». في صباح كل يوم، يتوجه سطام فور دخوله مقر عمله إلى أحد العمالة التي تعاقدت معه الوزارة التي يعمل بها لخدمة الموظفين، لتوفير وجبة إفطار لا تتجاوز كلفتها خمسة ريالات، تتمثل ب«ساندويتشين» وعلبة عصير، ليتناول وجبته بعيداً عن زملائه الذين سيكون سيناريو إفطارهم مختلفاً تماماً، ويعلّق على ذلك بقوله: «كلٌّ له ظروفه». ويتابع: «الزملاء قدّورا ظروفي المالية، واستثنيت من شراء أدوات المكتب الغذائية التي نعهد على توفيرها شهرياً، عملي يمتد إلى الساعة الرابعة عصراً، ما يعني أن وجبة الغداء غالباً ستكون قبل انتهائه من عمله». إلا أن لوجبة الغداء قصة تتكرر مع سطام يومياً، فعند الثانية ظهراً، يبدأ أحد العمال في جولة على الموظفين في القسم، ليسجل طلباتهم ووجباتهم المتنوعة، وفي كل يوم، يقف عند سطام للحظات قبل أن يغادر بصمت، «لأنه يعرف الإجابة بعدم رغبتي في الغداء». وتابع: بعد خروجي من العمل، أذهب مباشرة إلى المنزل، وأشتري بعض المواد المعلبة «تونة» و«خبز»، هذه هي وجبة غدائي، لا خيار لي. كل يوم أنظر إلى إيصال المصرف، والرصيد المتوافر في حسابي، والنظرة الأخرى صوب فواتير الكهرباء وفواتير أسعار صهاريج الماء التي تقسم على جميع الشقق حال انقطاع المياه. ويبدأ بسرد تفاصيل مصروفاته: «1200 ريال قيمة إيجار شقتي، و300 ريال سعر فاتورة استهلاك الكهرباء، أما فاتورة صهريج المياه فهي 100 ريال، وفاتورة جهاز الجوال قيمتها نحو 400 ريال، إذاً لم يتبق لي سوى 2000 ريال». وأشار الشاب سطام: «2000 ريال مقسمة على 30 يوماً، هي مصاريف التنقل والوقود والمواد الغذائية التي تعادل يومياً 66 ريالاً فقط، هذا المبلغ يخصم منه سعر غسيل الملابس والكي، وكذلك بعض الحاجات المكتبية إلى العمل التي تتطلب أحياناً شراء بعض الأدوات التي تصل قيمتها إلى 30 ريالاً». أما وجبة العشاء، فيشير سطام ساخراً إلى أنه يعمل بنصيحة الأطباء، أنه لا داعي لتناول وجبة العشاء والنوم.