في أول جولاته كوزير خارجية الولاياتالمتحدة سيحمل جون كيري الأسبوع المقبل الملف السوري واقتراحات للتسوية منبثقة من اتفاق جنيف إلى عواصم أوروبية وعربية، كما سيسعى إلى إعادة الحضور الأميركي إلى المنطقة مستفيداً من علاقات شخصية وأدوات اقتصادية وديبلوماسية لواشنطن. وجاء الإعلان عن الزيارة، التي تبدأ من بريطانيا وفرنسا الأحد وتمر بألمانيا وإيطاليا قبل الشرق الأوسط ومحطات تركيا والسعودية ومصر والإمارات وقطر، لتعكس أهمية سورية على جدول أعمال الوزير الجديد. إذ اختار كيري عدم التوجه إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية ولأسباب تندرج بعدم تشكيل حكومة إسرائيلية بعد، وعدم نيته استباق زيارة الرئيس باراك أوباما الشهر المقبل. وتحمل الزيارة إلى العواصم، خصوصاً أنقرة والرياض ولندن، رغبة الوزير بالتركيز على الملف السوري والسعي «لإنهاء الأزمة». كما سيتوقف كيري في روما للمشاركة في اجتماع دولي لدعم المعارضة السورية والاجتماع برئيس الائتلاف الوطني معاذ الخطيب. وفي مضمونها، تؤكد مصادر موثوق بها ل «الحياة» عمل كيري على مسارين، الأول دولي وبالتعاون مع روسيا وتركيا والسعودية للتوافق حول إطار للتسوية منبثق من اتفاق جنيف، والثاني تقوية المعارضة والضغط على النظام تمهيداً للدخول في مفاوضات جدية باتجاه الحل. ويرى كيري أن «الحل التفاوضي» هو المخرج الأنسب للأزمة، ويلقي ثقله على الجانب الروسي للمساعدة في هذا الصدد. إذ يمنح أي توافق روسي - أميركي فرصة لواشنطن لاستصدار قرار في مجلس الأمن يدعم جهود التسوية وهو يساعد بحسب المصادر الأميركية في «تغيير حسابات» الرئيس بشار الأسد. وعلى مستوى دعم المعارضة، سيحاول كيري وفي لقائه الخطيب إعطاء زخم لشخصه ومبادرته السياسية. وترجح مصادر ديبلوماسية قيام الخطيب بزيارة قريبة إلى واشنطن، وافتتاح مكاتب ل «الائتلاف» في كل من واشنطن ونيويورك. ومع أن الإدارة الأميركية لا تنوي تقديم مساعدات مسلحة للمعارضة السورية، بسبب المخاوف من تنامي المجموعات المتطرفة إلا أنها تنسق مع جهات إقليمية جهود لتنظيم صفوف المعارضة. ويشير المسؤولون الأميركيون إلى التقدم الذي أحرزته المعارضة العسكرية في الأسابيع الأخيرة وانتقال القتال إلى دمشق. وترى الولاياتالمتحدة في هذه المعارك مؤشراً إلى تراجع قبضة الأسد بشكل سيساعد كيري في مفاوضاته مع الروس وممارسته ضغوطاً على النظام. وفي إطارها الأعرض تهدف الزيارة إلى إعادة الحضور الأميركي إلى الواجهة، والاستفادة من علاقات كيري الشخصية والجيدة بالقيادات التركية والسعودية خصوصاً. كما سيبحث الوزير الجديد بأمن الخليج والملف النووي الإيراني، والمعروف عنه تأييده لتشديد العقوبات وعزل طهران إقليمياً ودولياً، وتأييد جهود الدول الخمس زائد واحد في المحادثات مع الإيرانيين. وفي مصر سيحض كيري القيادة على القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية والعمل نحو التوافق، وسيلوح بأوراق المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي تمنحها واشنطن للقاهرة وربطها بالاستقرار السياسي. وكانت واشنطن أجلت زيارة الرئيس محمد مرسي من كانون الأول (ديسمبر) الفائت وبانتظار عودة الهدوء إلى الشارع المصري.