علمت «الحياة» أن الرئيس المصري محمد مرسي عقد اجتماعاً ظهر أمس مع اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات البرلمانية استمر نحو ساعتين وبحث خلاله في الاستعدادات للاستحقاق المرتقب وتحديد الجدول الزمني لإجرائه. وأكد مصدر رئاسي ل «الحياة» أن مرسي يفترض أن يصدر مساء أمس أو اليوم على أقصى تقدير قراراً يحدد مواعيد الدعوة إلى فتح باب الترشح على مقاعد البرلمان وانطلاق العملية الانتخابية، رغم عدم انتهاء مجلس الشورى من تعديلات طلبتها المحكمة الدستورية العليا على قانون تنظيم الانتخابات. وأوضح المصدر أن «من المرجح أن يتم فتح الباب لتقديم طلبات الترشح أواخر الشهر المقبل، وأن تنطلق الدعاية الانتخابية منتصف نيسان (أبريل)، على أن تبدأ العملية الانتخابية نهاية الشهر نفسه، أو مطلع ايار (مايو) باقتراع المصريين في الخارج، بعدها يصوت المصريون في الداخل على ثلاث مراحل». وأكد أن «الانتخابات ستنتهي نهاية حزيران (يونيو)، وسيكون لدينا برلمان منتخب قبل مطلع تموز (يوليو) المقبل». ويتوقع أن يفجر القرار الرئاسي العلاقة بين الحكم و «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة التي رهنت مشاركتها في الاستحقاق بتنفيذ ضمانات أبرزها تشكيل حكومة محايدة وإقالة النائب العام، وهو ما قوبل بالتجاهل ما يرجح مقاطعة المعارضة الاستحقاق. ولاحت أمس إرهاصات غياب المعارضة عن المنافسة، عندما أعلن «التيار الشعبي» المنضوي في الجبهة مقاطعة الاستحقاق التشريعي. وقال في بيان: «لن نتقدم بأي مرشح في انتخابات يشرف عليها نظام انقلب على كل أهداف الثورة». وأضاف التيار الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي أن قراره جاء «في مواجهة استهانة النظام الحاكم بكل أشكال المشاركة الشعبية في صنع القرار ومصادرة الرأي لحساب فصيل واحد يمتلك وحده حق تقرير مصير الشعب، ضارباً بعرض الحائط كل قيم الديموقراطية والحرية». وشدد على أن هدفه «ينحصر الآن في استكمال الثورة مع جماهير شعبنا وميادين التحرير وينضم بكل قوته وكوادره إلى كل أشكال المقاومة المدنية السلمية بما في ذلك دعم العصيان المدني». وأشاد بالعصيان المدني في محافظة بورسعيد، معتبراً أنه «يقدم مثالاً يحتذى لكل محافظات مصر». ورسخ بيان التيار الشديد اللهجة اعتقاداً بوجود خلافات بين القوى المنضوية في «جبهة الإنقاذ»، لا سيما أن قراره استبق القرار الرسمي للجبهة التي لم تحسم موقفها النهائي من الاستحقاق النيابي. لكن القيادي في الجبهة وحيد عبدالمجيد قلل من الخلافات، وقال ل «الحياة» إن «هناك اتجاهاً قوياً داخل التيار الشعبي، لا سيما من الشباب، يرى أن تلك المرحلة ليست مرحلة انتخابات، وهو ما يجب احترامه. لكن التيار حريص على الاستمرار داخل الجبهة. وعدم الدفع بمرشحين من التيار لا يعني موقفاً ضد الجبهة». لكن قيادياً في الجبهة أقر بالخلافات، وقال ل «الحياة»: «نرى أن على القوى المنضوية في الجبهة المبادرة، ونلاحظ تذبذباً في التصريحات المتعلقة بشرعنة نظام الحكم، وأن الجبهة هي التي تسعى إلى اللحاق بالشارع وقوى الثورة وليس العكس... مواقف الجبهة غير متوائمة مع إيقاع الثورة». وأكد أن «هذه الخلافات ليس معناها انسحاب التيار الشعبي من جبهة الإنقاذ، فالحد الأدنى من الاتفاق موجود، لكننا نسعى إلى دفع الأطراف إلى تبني مواقف أكثر انسجاماً مع القوى الثورية ونريد ضبط إيقاع الجبهة لتواكب الحدث، وأن نرفع من سقف مطالبنا ونحتاج إلى تقديم بديل عن نظام الحكم». وينتظر أن تشهد العملية الانتخابية صداماً عنيفاً بين حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، وحزب «النور» السلفي الذي عُلم أنه سيخوض التشريعيات منفرداً. وقال قيادي بارز في «النور» ل «الحياة»: «نكثف استعداداتنا ونجهز قوائمنا، وسنترشح منفردين». وأضاف أن إعداد القوائم الانتخابية «بات في طوره النهائي وستعلن خلال أيام لنبدأ حملات جماهيرية واسعة لحض الناخبين على التصويت لمصلحتنا». إلى ذلك، واصلت اللجنة التشريعية في مجلس الشوري أمس مناقشات التعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية العليا على قانون تنظيم الانتخابات، قبل عرضه على المجلس في جلسة طارئة مقررة اليوم، تمهيداً لتمريره خلال ساعات. وأوضحت مصادر برلمانية ل «الحياة» أن اللجنة التشريعية «أوشكت على الانتهاء من تقريرها»، لافتة إلى أن وزارة العدل قدمت تعديلات على تقسيم الدوائر الانتخابية باعتباره من ملاحظات المحكمة، بحيث تتضمن زيادة عدد المقاعد في مجلس النواب بموجب التوزيع المقترح إلى 546 مقعداً بدل 498. وأضاف أن زيادة المقاعد المقترحة ستقسم على 6 محافظات هي القاهرة (12 مقعداً) والجيزة (12) والإسكندرية (6) والقليوبية (6) والشرقية (6) وأسوان (6)، فيما يتم الإبقاء على عدد المقاعد نفسه في الانتخابات البرلمانية السابقة لباقي المحافظات. وجاء التوزيع اعتماداً على التعداد السكاني. في غضون ذلك، اعتمدت الرئاسة الديبلوماسيين عمر عامر يوسف وإيهاب مصطفى فهمي ناطقين رسميين باسمها، بعدما نقلت ياسر علي الذي كان يشغل هذا المنصب إلى رئاسة «مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار» في مجلس الوزراء. من جهة أخرى (رويترز) قضت المحكمة الإدارية العليا التي تمثل أعلى درجات القضاء الإداري في البلاد أمس بحق رجال الشرطة في إطلاق لحاهم. وكانت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية حكمت لهم في ايار (مايو) بالحق في إطلاق اللحى، لكن وزارة الداخلية التي يتبعها جهاز الشرطة طعنت على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا في القاهرة التي رفضت الطعن. وأقام الدعوى التي قضت فيها محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية رجال شرطة أنزلت بهم وزارة الداخلية عقوبات وظيفية أبطلتها المحكمة. وجاء في تقرير هيئة المفوضين في مجلس الدولة الذي يضم محاكم القضاء الإداري والذي استندت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكمها أن الدستور «أضفى سياجاً من الحماية على الحرية الشخصية وعلى الحقوق والحريات... وإطلاق اللحية بالنسبة للرجل المسلم هو أمر ثابت الدلالة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء ويعد أحد مظاهر الحرية الشخصية، ولا يجوز أن تفرض قيود من الإدارة على الرجل المسلم بعدم اطلاق لحيته». وتشدد وزارة الداخلية على أن إطلاق اللحى لا يتفق مع الانضباط الشرطي، لكن ملتحين من رجال الشرطة قالوا إن رئيس الدولة محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» ملتح وكذلك رئيس الوزراء هشام قنديل وعدد من المسؤولين. وقال مصريون إن الضباط الملتحين يمكن أن يثيروا شكوكاً في شأن حيادهم من جانب مسلمين غير ملتحين أو مسيحيين.