تأكد أمس أن المشهد السياسي المصري يتجه نحو مزيد من التعقيد، وأن الحكم ماضٍ في طريق الاحتكام إلى الانتخابات التشريعية، فرغم اجتماع مفاجئ لرئيس الحزب الحاكم وقيادات في «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة، إلا أن الاجتماعات لم تحقق اختراقاً في الأزمة السياسية اللهم إلا لقاء أطراف الأزمة للمرة الأولى، إذ تأكد عدم حصول توافقات، فيما أكدت مصادر رئاسية ل «الحياة» تمسك الرئاسة بموقفها الرافض تغيير حكومة هشام قنديل، كما نفت في شدة تكهنات بترشيح رئيس حزب «غد الثورة» أيمن نور لرئاسة حكومة جديدة. وكان رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة، سعد الكتاتني اجتمع مساء أول من أمس مع منسق «جبهة الإنقاذ» محمد البرادعي ورئيس حزب «الوفد» المنضوي في الجبهة السيد البدوي، وناقش الجانبان حلحلة الأزمة السياسية. وأفيد بأن قيادة الجبهة عرضت مطالبها، وفي مقدمها إقالة الحكومة والنائب العام، ما قابله الكتاتني بالرفض. وكان الكتاتني هو من بادر إلى إعلان اللقاء، قائلاً إن هدفه «الحوار في شأن المشهد السياسي والاتفاق على مخرج للأزمة السياسية». وأبدى الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار تطلعه إلى «أن تلتزم الأطراف كافة وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة بما يتم الاتفاق عليه حتى يثمر الحوار الوطني، ويكون حلاً يرضي جميع المصريين». واعتبر أن اللقاء «ثمرة لمبادرة حزب النور» لحل الأزمة السياسية. لكن الكتاتني أكد أن اللقاء «لم يتطرق من قريب أو من بعيد إلى مبادرة النور» التي كان أطلقها قبل أسبوعين وتتماهى مع مطالب المعارضة. وكان الكتاتني عقد اجتماعين الأسبوع الماضي مع القيادي في «جبهة الإنقاذ» عمرو موسى الذي أكد الناطق باسمه أحمد صالح أن الاجتماعين «لم يصلا إلى اختراق في الأزمة، وأبدى كل طرف تمسكه بمواقفه المعلنة». وكان الرئيس محمد مرسي التقى أول من أمس رئيس حزب «غد الثورة» الذي اجتمع أمس مع موسى. وبدا أن الحكم مصر على المضي في طريق الاستحقاق النيابي، إذ قالت مصادر قضائية ل «الحياة» إن المحكمة الدستورية العليا سترسل رأيها في قانون تنظيم الانتخابات خلال ساعات إلى مجلس الشورى الذي يمتلك السلطة التشريعية. وأوضحت أن «لدى المحكمة بعض الملاحظات على نصوص القانون، وسيعقد الشورى اجتماعاً لتعديلها قبل إحالة القانون على الرئيس للتصديق عليه». وأكدت مصادر رئاسية ل «الحياة» أن مرسي «سيصدر قراراً نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل على أقصى تقدير بفتح الباب للترشح على مقاعد البرلمان البالغة 498 مقعداً، على أن تجرى الانتخابات في نيسان (أبريل) المقبل بتصويت المصريين في الخارج، قبل أن يجرى الاستحقاق في الداخل على ثلاث مراحل». وقالت: «سنكون أمام برلمان منتخب قبل رمضان» الذي يوافق مطلع تموز (يوليو) المقبل. وتنتهي اللجنة القضائية المشرفة على الاستحقاق اليوم من تسجيل المغتربين الراغبين في التصويت في الخارج، إذ بلغ عدد من سجلوا أكثر من 649 ألفاً. وكانت اللجنة انتهت أول من أمس من تلقي طلبات المنظمات غير الرسمية الراغبة في الإشراف على العملية الانتخابية. وقالت مصادر قضائية ل «الحياة» إن عدداً من المنظمات الدولية أبرزها «مركز كارتر» قدمت طلبات تمت الموافقة عليها. وكان «الحرية والعدالة» أوصى في ختام مؤتمر السنوي أول من أمس ب «البدء الفوري في إعداد الحملة الانتخابية مع الأخذ في الاعتبار التنسيق والتحالفات الانتخابية التي يقرها المكتب التنفيذي للحزب بما يضمن تحقيق الغالبية للحزب في مجلس النواب المقبل». وأكد بيان للحزب ألقاه في مؤتمر صحافي أمينه العام حسين إبراهيم «ضرورة استكمال بناء مؤسسات الدولة بانتخاب مجلس نواب يعبر عن آمال الشعب المصري ويدعم الشرعية التي استقرت مع إقرار الشعب لدستوره ومع انتخابه أول رئيس مدني انتخاباً حراً ونزيهاً». ودعم الحزب «الحوار الوطني والتواصل مع جميع القوى والأحزاب السياسية والقبول بطرح كل المواضيع للحوار من دون شروط مسبقة». إلى ذلك، انتقدت السفيرة الأميركية لدى القاهرة آن باترسون «محاولات التحرش بالإعلام». وقالت في كلمتها أمس أمام مؤتمر «نماذج تنظيم البث الإعلامي» الذي نظمته الجامعة الأميركية في القاهرة إن «وسائل الإعلام الحرة هي السبيل الوحيد لإظهار قضايا الديموقراطية وحلها». وأضافت: «أخبرني صحافي بارز طيب السمعة قبل يومين أنه تم رفع 200 دعوى ضد وسيلته الإعلامية»، معتبرة ذلك «تحرشاً واضحاً وإلهاء لوسائل الإعلام عن القيام بدورها المهم». وأشارت إلى أن «الصحافيين المصريين أظهروا، حتى قبل الثورة، شجاعة هائلة في نضالهم من أجل تعزيز العملية الديموقراطية في البلاد، وساعدت التقارير الإعلامية المتزامنة وتحليلاتهم واختراقاتهم الصحافية على فتح صفحة جديدة واعدة في التاريخ المصري». ولفتت إلى أن «بعضهم أعرب عن قلقه من أن الإفراط في حرية التعبير يعد خطراً، وقد رأينا هذه المخاوف تتجسد في شكل قوانين تجرم إهانة أشخاص ومؤسسات». لكنها أعربت عن اعتقادها بأن «من المهم أن نتذكر أن الفارق بين تعليق ناقد وبين إهانة شرف أو كرامة فرد ما هو إلا مسألة تقديرية تخضع لنظرة المتلقي». وأضافت أن «من الأفضل دوماً أن نتجاوز ونسمح بحرية التعبير حتى وإن وجد بعضهم فيها إهانة بدل محاولة قمع هذه الحرية». وأشارت إلى أنه «في الولاياتالمتحدة لا يوجد أحد فوق الحق في النقد بل وحتى الاستهزاء». ونوهت إلى أن «هناك دائماً مكاناً لما يسمى في الولاياتالمتحدة الصحافة الصفراء، وفي مصر يميل هذا النوع من الصحافة أيضاً إلى نظريات المؤامرة التي تنطوي في كثير من الأحيان على دور للولايات المتحدة، لذلك نعمل دائماً على الاتصال بالصحافيين ورؤساء التحرير الذين يختلقون قصصاً عن الولاياتالمتحدة ونخاطبهم ونتطلع إلى أن يؤدي نضج الجمهور إلى المطالبة بمعايير صحافية عالية على نحو متزايد».