يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد انتقال التجاذب السياسي بين المعارضة والموالاة في مصر من الشارع إلى الاستعدادات للانتخابات التشريعية التي يتوقع أن تنطلق بتصويت المغتربين مطلع نيسان (أبريل) المقبل، إذ أفيد بأن «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة كثفت خلال الأيام الماضية استعداداتها للاستحقاق المفصلي، وإن أبدت تشككها في إجراء انتخابات شفافة ونزيهة، فيما اتهم حزب «الحرية والعدالة» الحاكم معارضيه بالسعي إلى «تعطيل الانتخابات»، مؤكداً أنه سيحصد الغالبية النيابية. وتأتي هذه التحركات قبل أيام من قرار متوقع للرئيس محمد مرسي بفتح باب الترشح على مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 498 مقعداً. وعلمت «الحياة» أن القوائم الانتخابية ل «جبهة الإنقاذ» باتت في طورها النهائي، وأن اتفاقات جرت لتقسيم القوائم بين الأحزاب المنضوية في الجبهة على أساس معايير بينها عدد المقاعد التي حققها كل حزب في انتخابات مجلس الشعب الماضية وحجم القواعد الشعبية التي تمتلكها الأحزاب في المحافظات، فيما تجري مشاورات بين قادة الأحزاب لتدبير الموارد المالية اللازمة للدعاية الانتخابية. وقال نائب رئيس حزب «الوفد» المنضوي في الجبهة فؤاد بدراوي ل «الحياة»: «نكثف من استعداداتنا للانتخابات. نحن في مرحلة إعداد القوائم بين الأحزاب المنضوية داخل الجبهة، وهناك اجتماعات متواصلة وسيتم إعلان قوائم المرشحين خلال الفترة المقبلة». لكن القيادي في الجبهة عمرو حمزاوي أكد ل «الحياة» أن الاستعداد للاستحقاق النيابي «ليس معناه حسم المشاركة»، موضحاً أن «قطاعاً واسعاً داخل الجبهة يرى أن قواعد العملية السياسية غير عادلة، والحكم يماطل في تعديل تلك القواعد (تعديل الدستور وتشكيل حكومة محايدة وإقالة النائب العام) في مسعى منه لشغلنا ثم الدفع باتجاه السير في طريق السباق الانتخابي من دون أن نكون مستعدين». وشدد على أنه «في حال أصرت السلطة على عدم تنفيذ مطالبنا سيكون هناك قرار بالمقاطعة». وقال: « نحن معنيون الآن بتعديل قواعد العملية السياسية، لكننا لا نملك إلا أن نستعد للاستحقاق تحسباً لتنفيذ الضمانات التي اشترطناها... نستعد لكل السيناريوات». وكشف انه سيضغط خلال اجتماع الجبهة المتوقع اليوم أو غداً باتجاه «إمهال الحكم مهلة زمنية لتحديد موقف تجاه مطالبنا، وعلى أساس رد فعله نحدد موقفنا من المشاركة أو المقاطعة». وأضاف: «علينا أن نبادر بتحركات ولا نقف في صف ردود الأفعال»، مشيراً إلى أنه سيقترح أيضاً أن تبادر الجبهة بالدعوة إلى حوار وطني بعيداً من الرئاسة. وتابع: «نعقد اجتماعات في ما بيننا وبيننا وبين حزب النور (السلفي)، فلماذا لا نعقد طاولة للحوار تجلس فيها كل الأطراف للحوار ومن بينها حزب الحرية والعدالة للوصول إلى نقاط توافق؟». ولفت إلى أن «القرارات الرئاسية لا تأتي بمعزل عن حزب الرئيس وجماعته». وعلى النهج نفسه، سار الأمين العام للجبهة أحمد البرعي الذي أكد رفض خوض الانتخابات البرلمانية في ظل استمرار «الدستور الباطل». وقال في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لقيادات عمالية أمس: «لا نقبل بأن يؤدي أي نائب يمثل الجبهة اليمين على هذا الدستور الباطل، ولا حديث عن انتخابات في ظل انهيار مصر اقتصادياً». وشدد البرعي، وهو وزير سابق للقوى العاملة، على أن «الثورة مستمرة حتى إسقاط النظام». وأعلن مشاركة الجبهة في «مليونية عاوزين نشتغل» التي دعت إليها قيادات عمالية الجمعة بعد المقبل في كل ميادين مصر، وطالب ب «مساندة جميع العمال لجبهة الإنقاذ من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية». وطالب النائب السابق مصطفى النجار ب «إتمام المصالحة الوطنية قبل إجراء انتخابات مجلس النواب، قبل أن يزداد الوضع توتراً». وحذر في تعليق على حسابه الشخصي على موقع «تويتر» أمس من أن «الرهان على إعلان موعد الانتخابات البرلمانية قبل إتمام مصالحة وطنية شاملة إنما هو مقامرة بمستقبل مصر ولن يحل المشكلة القائمة أو يزيل أسباب الاحتقان». وانتقد تردد جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة في تشكيل حكومة وحدة وطنية «بزعم الخوف من محاولة إفشال الرئيس»، مؤكداً أن هذا «غير منطقي». وقال: «الكل حينها سيسعى إلى إنجاح الحكومة لأن مصلحته في ذلك». وأعرب عن خشيته من «أن يحكم الشك المتبادل وعدم الثقة بين أطراف العملية السياسية مستقبل مصر»، لافتاً إلى أن «الظرف لا يحتمل، ويجب أن نجرب ونترك الحكم للشعب». ورأى أنه «إذا تم التوافق على حكومة وحدة وطنية الآن، فإنه يمكن للبرلمان المقبل أن يمنحها الثقة أياً كانت نتائج الانتخابات، لتكمل عملها من أجل مصلحة الوطن». في المقابل، اعتبر رئيس حزب «الحرية والعدالة» الحاكم سعد الكتاتني أن أحداث العنف الأخيرة «تستهدف تأجيل الانتخابات البرلمانية». وقال في كلمته أمام المؤتمر السنوي للحزب الذي أنهى فعالياته أمس: «هناك من حاول استحضار صورة ثورة يناير بأحداث العنف التي ارتكبت خلال الفترة الماضية وحتى الآن، لكن هذا المكر لن يؤدي إلى نتيجة». ونفى تدخل حزبه في شؤون الرئاسة «مطلقاً»، قائلاً: «نحن حريصون على استقلال هذه المؤسسة»، كما دافع عن استمرار حكومة هشام قنديل التي تطالب المعارضة وحزب «النور» السلفي بتغييرها، معتبراً أن «تغيير الحكومة في الوقت الحالي يعطي حالاً من عدم الاستقرار السياسي الذي يتبعه عدم استقرار اقتصادي، إضافة إلى الجدل والنقاش اللذين سيظهران خلال عملية اختيار رئيس الحكومة وتشكيلها». وأضاف أن «الحرية والعدالة يقبل بالحوار غير المشروط مع الجميع، وفتح كل الملفات ومناقشة المبادئ وتفاصيلها، فمصر الآن تواجه تحديات عدة أهمها التحدي الأمني». وتحدث عن «محاولات مضنية لمنع الحرية والعدالة من الحصول على الغالبية النيابية»، مؤكداً أن «الحزب يسعى إلى الحصول على الغالبية، إما عن طريق التحالف أو التنسيق المحسوب». في غضون ذلك، أعلنت الرئاسة نقل الناطق باسمها ياسر علي من منصبه ليترأس «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء. وقال بيان رئاسي إن علي سيستمر في أداء مهمات عمله حتى مطلع الشهر المقبل «على أن يتم الإعلان عن هيكل المكتب الإعلامي وأسماء المتحدثين الرسميين في وقت لاحق». ونفى علي ضمناً أن يكون قرار نقله جاء بعد خلافات داخل الرئاسة، مشيراً إلى أن قرار تعيينه رئيساً لمركز المعلومات جاء بناء على طلبه «خصوصاً أنه لديّ ديبلومات في الإدارة وفي مجال المعلومات». ولفت إلى انه «سيتم تعيين فريق إعلامي يضم عدداً من الناطقين باسم الرئاسة وليس ناطقاً واحداً لضمان تواصل أكبر بين مؤسسة الرئاسة والإعلام، ويتم الاختيار حالياً بين عدد من الشخصيات منهم ديبلوماسيون». ونفى ما تردد عن أن مدير سكرتارية الرئيس أحمد عبدالمعطي سيحل مكانه. على صعيد آخر، فتحت النيابة العامة تحقيقات في تهديدات ب «الحرق» تلقاها مكتب نائب المرشد العام لجماعة «الإخوان» خيرت الشاطر عبر اتصالات هاتفية متكررة. وفتحت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقات أخرى في شأن البلاغات المقدمة ضد صحيفة «الوطن» المستقلة بسبب ما نشرته أخيراً عن أن التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة في قضية «خلية مدينة نصر» السلفية الجهادية كشفت أن هناك 100 شخصية معارضة مستهدفة بالقتل من جانب المتهمين.